رسالتي الخاصة باليوم العالمي للمسرح المسرح حوار الخشبة وحوار الحضارات إلــى أن نحقق السلام الإنسانيّ

نتساءل لم نشيد مسارحا ؟ يجيبون تفعيلا للحركة المسرحية …توطيدا للتواصل الفني
وتلقيحا للأفكار….

بالمسرح وفيه نمارس غواية الجنون ، نعانق لهفة الإبداع ونضاجع شهوة السموّ الإنساني ، نلقي بثقل مواجعنا ، نصرخ ، نبكي ، نحلّق حالمين ، ننثر عطرا يفيض فجعا ووجعا ، أملا وأمنيات شاهقة ، نوقظ الحنين بنا وفيهم ، نربت على يُتْمنا ونكفل لهم خبز العطاء والعفاف ، ننحني شموخا لهم ، ونبتسم على مدار فصول ما نزال نخاف نضج ثمراتها …..

وحده المسرح يعرف حجم ضحاياه …يُلبسنا أثواب المتعة والدّمع …وحده الكفيل أن يصنع قناعاتنا ، أن يحفظ ذاكرتنا من رياح النفاق والخيانات والخيبات والانكسارات …وحده القادر أن ينقش الابتسامة على محيانا …أن يوقظ فينا براءة التضحيات الجسام …هو من نترك به وفيه أثر ظمئنا وصدقنا وتفاصيل حلمنا وواقعنا ….

باتت تقلقني تفاصيل ازدحامه وسط تصدعات العالم وحروب الدمار ، أي نعم نُنعش مَلَكته الإبداعية لكن تحملنا على الموت مرارا وتكرارا ، ومع ذلك يطل في يومه العالمي مزدانا ، متألقا ، ساطعا ، حالما ، رافعا آيات السموّ الإنساني ، معزّزا أحقيّته بالحياة ، ووسط أصوات الرصاص والبنادق يغرّد للحرية ، راضيا بمآسيه ، بمواجعه ملوّحا للآمال والضحكات ، مضيئا مسربه بأفكار جريئة ، بطاقات متجدّدة ، بإبداعات وليدة اللحظة والراهن ، مطعّما ثالوث الماضي ، الحاضر والمستقبل ، مستعرضا بحر تجاربه المتباينة التي لن تزيد الثقافة إلا وهجا ورقيّا رغم كل السياسات القاهرة والمدمّرة لطموحه وآفاقه ، رافعا راية الوعي والجمال ….

كل العالم يحتفي بهذا اليوم المعجون بالعَبرات والضحكات ، لن أتحدث عن المسرح الجزائري كوني جزائرية الأصل والمنشأ ، بل سأقرّ أن المسرح بالعالم أجمع يحمل جراحه كما أمانيه ، وأنّه عانى من طمس هويته ومع ذلك لم يرضخ لأي تيّار قامع لمبادراته ، المسرح دوما وأبدا نبضه الوجود ، شريان الحياة ، له رائحة الأمل وطعم الانتصارات إبداعيا ، وشرارة العطاء المتّقدة
على الدّوام ….

يقول ” بريت بيلي ” : ” أينما كان هناك مجتمع إنسانيّ …تتجلّى روح المسرح التي لا يمكن كبتها …”

بمنأى عن القبح ، وبعيدا عن تشوهات المجتمع ، المسرح لن يعلن هزيمته ، سيظل ويبقى شاخصا ، باسطا أجنحته ليضمّ كلّ جميل ، محصيّا بالطبع من غادروه ، لكن أبدا لن يحتفي بسموّه ورفعته دونما ذكر بصماتهم ، ثمّة دوما بقعة ضوء منيرة ، ثمّة كل حين طريق للحرية ، للتميّز وللإبداع ، الإنسان وحده مبدعه وصانعه ، والإنسانية فيه أرض خصبة ، معطاءة مهما تلوّثت ، تبقى جذورها ثابتة ، متأصّلة وسيبقى المسرح بذلك الملاذ الوحيد والأوحد للممارسة إنسانيتنا ، لتطهيرها من الشوائب ، حتى نلتفت الى ما يعبث بإنسانيتنا ، الى التلوث الذي يخيّم عليها نتاج عوامل عدّة ، علينا أن نمارس مسرحا نسخّر له طاقاتنا الروحية وغير الروحية كي نصنع مستقبلا يليق به في ظلّ كل التكتّلات والضغوطات السياسية وغير السياسية ، فالمسرح كان ، لا يزال وسيظلّ أحد أهمّ الروافد الإنسانية حتى نقاوم كلّ أشكال القسوة ، الدمار ونواجه طاحونة الحرب الدائرة ببذور العطاء وتوجيه الطاقات وشحن الإبداعات وترويض الأحلام لنستحق شرف الإنــــســـان .

بقلم : عباسية مدوني – سـيـدي بـلـعـبـاس- الــجــزائــر

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *