الوسائط الرقمية والمسرح   – دكتور عماد هادي الخفاجي

 

   الوسائط الرقمية والمسرح  

يمثّل الكومبيوتر متغيراً كبيراً في وسائط التعبير والتفاعل السيسيوثقافي وبالذات في االفنون المسرحية بما أعطاه من دعم تقني للعملية الفنية لغرض تحقيق الإبداع والابتكار عبر إمكانيات الكترونية ، وعن طريق العناصر البصرية ، وذلك بالتركيبات والألوان ، والعناصر السمعية ، وعن طريق الإيقاع الصوتي، أو العناصر الحركية، وعلاقتها بالحركة، والديكور، وحركة الإضاءة حتى أجتمعت في ما بعد عملية أساسية في عالم المسرح,  وهذا الدخول يعد الأساس الذي يسمح للكمبيوتر أنْ يكون جزءاً من المنظومة التكنولوجية في تطوير الصورة المشهدية للعرض المسرحي الذي يسهم في بنيتها عبر “وسائط تقنية عدّة يصمم أفكارها ويخطط إستعمالها اختصاصيون في الموسيقى، والإضاءة، والصوت، والخدع البصرية، والملابس، والعمارة، والتشكيل، والرقص، والغناء، ويسبقهم في كل ذلك مخرج العرض المسرحي” (1). بوصف الأخير عقل إدارة الإفتراض التجريبي والتحقق من الفروض بإدامة نشاط التفاعل التخييلي مابين المتلقي والعرض وفق رؤياه التصميمية وأهدافها الأدبية والفنية. إذ يعمل بالبحث عن معادل لمعالجات توازي التغيير الذي حصل في فكر المشاهد أو المتلقي بوجود التكنولوجيا، لاستغلالها في العرض الفني كبديل مساعد في التشكيل البصري، وصناعة الصورة المشهدية . مما دفع بالمسرحيين إلى تبني هذه التقنية الجديدة وتبني إستعمالها, فأخذ الكثير منهم الوسائط الحديثة والكمبيوتر والانترنيت حقولاً لتجاربهم الجديدة, أو لإعادة تشكيل أفكارهم وتنفيذها عن طريق الوسائط الرقمية الجديدة إذ أنَّ العمليات التي يقوم بها الكمبيوتر متأثرة إلى حدٍ كبير بدرجة وتناسق نشاطنا الجسدي والذهني، بالمقارنة مع الكمبيوتر، مع وظائفه وسلوكه ، ويمكن أنْ يظهر هذا النشاط درجة كبيرة من التركيز يتجاوز الصلة المباشرة صلة السبب في التأثير وتعريف على قدرة حقيقية  الأداء” (2) . وعلى هذا الأساس يُعّد الكمبيوتر نموذج جديد للتقنية في صناعة وتشكيل الفضاء المسرحي وإمكانية تأثيثه بعد ارتكاز ذلك الفضاء على المرتكزات التالية كما في أدناه:

فضاء مسرحي+ (مخرج,مصمم)+(كمبيوتر,نظام تقني+ممثل حقيقي)=سينوغرافيا العرض المسرحي/عالم واقعي+عالم افتراضي

إذاً ظهور الكمبيوتر يُعّد أهم حدث منفرد في تاريخ التكنولوجيا ومسرح التقنيات الرقمية,وأجهزة الكمبيوتر تعد العامل الأساسي للتغير أثناء الثلاثين سنة الماضية, و لأهميتها لكل العالم وعلى جميع الأصعدة لذلك أُطلق اسمها على عصر بأكمله – عصر التكنولوجيا/ المعلومات- والذي أنطلقت بداياته في السبعينيات, وأنَّ ما حدث من تطور في مجالات الهندسة والطب والفن.. وكثير غيرها ما كان له أنْ يخطر على البال لو لم تكن أجهزة الكمبيوتر قد أدت دورها المهم في مساعدة الباحثين في كل خطوة رسموها في عملهم, إذ سبق العصر الجديد توقعات عصر المعلومات في كل ما نراه الآن معاصراً، وواقعاً حياً بيننا لا يمكننا الاستغناء عنه, فحينما كان الكومبيوتر الشخصي في السبعينيات من القرن الماضي مجرد فكرة تراود فكر المهندسين، أصبح اليوم أداة مكتبية راسخة موجودة في كل مكان، وأكثر قدرة مما كان يظهر في الأحلام التكنولوجية,  إذ أصبحت أجهزة الكمبيوتر جزءاً متمماً لحياتنا اليومية، ومن الصعب التفكير الآن في أيّ جهاز الكتروني لا يكمن داخله كمبيوتر. إذ فاق الواقع الخيالي العلمي للماضي القريب.

 

 

 

المصادر:

 

 

(1) رواس ، عبد الفتاح : التقنيات في عمارة العرض المسرحي ، جريدة الأسبوع الأدبي ، العدد 97 ، دمشق مطابع وزارة الثقافة 20/8/2005

(2) ينظر: بيتزو, انطونيو: المسرح والعالم الرقمي الممثلون والمشهد والجمهور ، تر: أماني فوزي حبشي (القاهرة: الهيئة المصرية العامة  للكتاب,2009) ص23

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *