المسرحية: زفرة العربي الأخيرة

المصدر / المدى/ نشر محمد سامي موقع الخشبة

لا يخفى على متتبعي تاريخ الأندلس الآفل، ما لهذه الحقبة الزمنية التي استمرت لأكثر من 600 سنة، من تأثيرات سلبية على المد الإسلامي في اوربا والوطن العربي.
مسرحية  (زفرة العربي الأخيرة) لمؤلفها الشاعر حسين نهابة، تستعرض الحقبة الأخيرة من الحكم الاسلامي في الأندلس على يد الملك “ابو عبد الله الصغير” الذي حكم الاندلس اثر انقلاب على ابيه “ابو الحسن” وجلس على العرش عن عمر يناهز خمسة وعشرون عاماً. كان محباً للسلطة ولا دراية له بأمور الحكم والسلطان.
بقرار غير مدروس، يهاجم المدن التي احتلها الاسبان في عهد والده، فيقع أسيراً تحت قبضة الملك فرناندو والملكة ايزابيلا اللذين تزوجا زواجاً سياسياً لاسترجاع اراضي اسبانيا من العرب. ويظل سنتين في الأسر، ويوقع على معاهدة صلح معهم بشروط قاسية، منها تخليه عن الحكم في حال وصول الاسبان الى وادي آش.
ويعود الى الاندلس ويدسون له الأعوان. وفي صحوة ضمير متأخرة، ينقض عهده معهم. لكن الاندلس سرعان ما تُحاصر لشهور من قبل الجيش الاسباني، مما يضطره الى ارسال وفد للتفاوض مع ملك وملكة اسبانيا. ويملون عليه عهوداً متسترة بشروط لتسليمهم مفاتيح الاندلس.
وبعد أن فشلت المقاومة الاسلامية على يد القائد “موسى بن ابي غسان” وبعض اعوانه، يُعلن الطرف الأضعف أبو عبد الله الصغير في 898 هـ موافقته على التنازل عن عرش مملكة غرناطة وعن جميع حقوقه فيها مقابل بعض الامتيازات للمسلمين فيها وبعض الهدايا من الذهب والعبيد والإماء له.
ويُسلّم مفاتيح الاندلس ذليلاً، ويرحل. وتخونه قدماه فيقف على هضبة تبعد عن غرناطة ستة اميال، سُميت فيما بعد “زفرة العربي الأخيرة” ومنها يُلقي زفرة أخيرة على ضياع ملكه مُلك المسلمين عنها نهائياً وللأبد في غرناطة. وتُدمع عيناه حينما يشاهد دخان القذيفة التي انطلقت من مدفعهم لإعلان ضم غرناطة للإمارات الصليبية، فتنهره أمه “عائشة الحرة” بشجاعة: “تبكي مثل النساء مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال”.
وبعد تسع سنين من استقرار الحكم في غرناطة، ينقض فرناندو وإيزابيلا، كل عهودهما، فتنتشر محاكم التفتيش للقتل والتعذيب والإجلاء، ويُخيّر المسلمين فيها باعتناق الديانة المسيحية أو مغادرة الأندلس.
وفي السنة ذاتها التي استقر فيها بالمغرب، تقوم مجاعة اعتبرها البعض غضباً من الله عليهم لسماحهم بإيواء خائن لم يدخر وسعاً في سقوط غرناطة وتسليمها والقضاء على خلافة اسلامية كانت قائمة وقوية.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *