«الجزيرة الوثائقية» تسرد «تاريخ المسرح العربي»

ضمن خطتها البرامجية لشهر تشرين الثاني الحالي، تعرض «الجزيرة الوثائقية» سلسلة مهمّة عن تاريخ المسرح العربي، منذ بداية الظاهرة الفرجويّة بتعدُّد أشكالها، وصولاً إلى المسرح الحديث بتياراته وحركاته. في ثلاث عشرة حلقة، بدأ عرضها مطلع الشهر الحالي، تمضي سلسلة «تاريخ المسرح العربي» في رحلة إلى لبنان، ومصر، وسوريا، وتونس، والمغرب، والجزائر، وليبيا، والعراق، وفلسطين، والأردن، والخليج العربي، لتبحث في تاريخ الحركة المسرحية العربية، وتتناول أعلامها وروادها، قضايا المسرح وأزماته، فترات الازدهار والإخفاقات ونموّ التجربة المسرحية ونضجها وعلاقتها بالواقع ومتغيّرات الحياة وتحوّلاتها.
في الحلقة التمهيدية، انطلق البحث من سؤال رئيس: «هل عرف العرب المسرح أم لا»؟ بدأ البحث في الجذور التأصيلية للمسرح العربي بعيداً عن قالبه الغربي، في أشكاله الفرجوية المتنوّعة والمتعددة، طقوسياً وشعائرياً ونشاطاً اجتماعياً. استعرضت الحلقة عبر تسلسل زمني تاريخ خيال الظلّ، منذ أيام جعفر الراقص في القرن الخامس الهجري، ثم ابن دانيال الذي يعدّ أشهر لاعبي هذا الفن. ويذكر الوثائقي كيف تعرّف السلطان سليم الأول في مصر على خيال الظلّ، فأعجب به وأخذه إلى الآستانة ومنها انتقل إلى أوروبا. ثمّ يسرد الوثائقي أصول «الحكي»، عبر رواية السّير الكاملة كما ظهرت في المشرق (الشّام) عبر ظاهرة الحكواتي، وفي المغرب عبر مسرح «الحلقة»، وفي مصر عبر السّامر الشعبي الذي ظهر كممثل (مشخّصاتي) ينوّع أداءه بين الغناء والتمثيل. ولا يغفل الوثائقي ذكر الظاهرة الطقوسيّة «مسرح التعازي» بشعائره، صندوق الفرجة الذي يميل ليكون نوعاً أولياً مبسطاً من التلفزيون والسينما، ويستعرض الشخصيّة الأهم والأكثر تأثيراً في الفرجة الشعبية: القره قوز (الأراجوز).
في الجزء الأول من حلقات المسرح اللبناني، يستمر العرض الكرونولوجي. يبدأ الفصل الأول مع مارون النقاش الذي ربط الإطار المسرحي الغربي بأجواء ومناخات شرقيّة متصلة بالبيئة المحلية، وتوجّه في فنه هذا إلى الطبقة البرجوازية. فنٌّ، كان أقرب إلى الأوبريت منه إلى المسرح الكلاسيكي ضمن الأطر المعروفة.
يفتتح الفصل الثاني بالأخوين رحباني، وقرارهما تقديم مسرحيات في مهرجان بعلبك العام 1956. وبالتوازي مع الرحابنة، يستعرض الوثائقي دور منير أبو دبس في المسرح اللبناني الحديث، ثم مساهمة أنطوان ملتقى في ما سمّي «التأسيس الثاني للمسرح اللبناني ــ 1960» وتأسيس المسرح الاختباري لاحقاً في العام 1967، والذي قام على التجريب وكسر ما هو سائد ورائج ومألوف، وسعى لتغيير في المضامين والأطر الشكلانية للمسرح.
وفي شهادة لروجيه عسّاف، يركّز المسرحي اللبناني على أهمية العام 1968، حين بدأت الحركة الفدائية الفلسطينية وبات من الضروري تقديم نصوص على علاقة مباشرة بالواقع المعاش. ومع بداية الحرب الأهلية العام 1975، بدأت إحباطات المسرحيين (كجزء من الجو الثقافي والحياتي اللبناني العام)، وأزمات المبدعين وظهرت حركات مسرحية جديدة قدّمت كل واحدة أعمالها ضمن رؤيتها الخاصة. وقبل الحرب، بزغ نجم الراحل حسن علاء الدين «شوشو» الذي قدّم مسرحاً كوميدياً يقوم على حضوره وأدائه.
على امتداد ثلاث عشرة حلقة تلفزيونية، يعمل الوثائقي على تجميع الصورة العامة لـ «تاريخ المسرح العربي»، لتقديم مساهمة ضرورية للتعريف بهذا الفن، خاصة مع ما يعيشه من أزمات إنتاجية وتسويقية في ظلّ صعود وسائل ترفيهية تجاوزت، أصلاً، مرحلة التلفزيون الذي كان ينظر إليه كسبب رئيس لابتعاد جمهور المسرح.
 تعرض سلسلة «تاريخ المسرح العربي» الوثائقيّة يومياً في السابعة مساء بتوقيت بيروت، ويعاد في الثالثة عصراً

فادي الطويل

http://assafir.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *