أنتونان آرتو مريض المسرح العبقري

 

ما حكاية آرتو؟ وما الذي يمكن أن يقوله لنا؟ بمثل هذه الأسئلة تسعى د. سامية أسعد للحديث عن «أنتونان آرتو» في نهاية ترجمتها لكتابه «المسرح وقرينه»، خاصة أن الغالبية العظمى من التيارات المسرحية المعاصرة استفادت من كتاباته، ولا تزال الجماعات والمدارس التي تنضوي تحت لوائه تنتشر في أوروبا وأمريكا، في البداية أثر أنتونان آرتو في معاصريه المباشرين تأثيراً خفياً مبهماً، ثم بدت التأثيرات واضحة جلية، وفي النهاية بدأ الإشعاع ومعه بدأ ما يمكن أن نسميه أسطورة آرتو.

من هو أنتونان آرتو (1896 – 1948)؟ إنه كاتب فرنسي بدأ حياته الفنية بديوان صغير جمع فيه قصائد رمزية، ثم تعرف إلى المجموعة التي كان يتزعمها أندريه بريتون، وأصبح من أنشط الذين أسهموا في الثورة السيريالية، عندئذ لفت الأنظار إليه بكتب ثلاثة: «سر الغموض – رسائل إلى جاك بريفير – ميزان الأعصاب»، وقام في الوقت نفسه بإخراج بعض المسرحيات، وتدرب على مهنة التمثيل، فأسندت إليه أدوار ثانوية في المسرح والسينما.

كتب آرتو إحدى التراجيديات التي حاول أن يدلل بها على الفن الجديد الذي أراده، لكن المسرحية أخفقت إخفاقا ذريعا، فسافر بعدها إلى المكسيك ثم زار أيرلندا، وعند عودته اعترته نوبة من الجنون، دخل على إثرها مصحة نفسية، وظل يتنقل من مصحة إلى أخرى طوال عشر سنوات، كان مريضا منذ شبابه وجاء إلى باريس (1920) طلباً للعلاج وظل فريسة للألم، ألم معنوي حاول أن يتغلب عليه لكن دون جدوى، وانتهى به الأمر إلى الجنون.

سلطت الأضواء على آرتو مرة أخرى عندما نشر «رسائل روديز» عام 1946 وسلسلة من المؤلفات الجديدة ما أحاطه بهالة باقية حتى اليوم، هالة الشاعر العبقري الملعون، وقد صدرت أول طبعة كاملة لمؤلفاته عام 1956.

هل يمكن فصل نشاط آرتو رجل المسرح عن الرسام والرحالة والشاعر والممثل؟ تؤكد د. أسعد أن كثيرا ما يعد هذا الفصل خطأ منهجيا، وفي حالة آرتو بصفة خاصة، تكون الحياة والمؤلفات وحدة مترابطة متكاملة، و إذا كانت أسطورة آرتو قد نمت في العديد من حقول الإبداع فذلك يرجع أساسا إلى كتاباته عن المسرح، ثم إن هناك شيئا لا يمكن إنكاره، بعد سنوات من موت آرتو اختار القراء والنقاد نظريته في المسرح وحدها من كل مؤلفاته، لتكون إرثه الباقي للأجيال الجديدة.

—————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – الخليج 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *