مسرحيون عراقيون يطالبون بتفعيل دور الرقابة مجددا

طالب العديد من الفنانين العراقيين بعودة الرقابة على العروض المسرحية،سواء الاعمال الجادة التي تقدم على خشبة المسرح الوطني ام المسرحيات التي تحت مسمى (المسرح التجاري)، موضحين ان العروض المسرحية اصبحت تثير الاشكالات الموضوعية وتصل الى حد التهريج وخدش الحياء والاساءة للمسرح والانسان، وشدد الفنانون على ضرورة ان تكون هناك لجان فحص للنصوص واخرى لمشاهدة العروض قبل عرضها وغيرها لمتابعة العروض بشكل دوري خاصة منها العروض طويلة الامد، مؤكدين على ان اغلب المسرحيات باتت متخمة بالطائفية وبالاسفاف والكلام البذيء.


السوء الذي سيغزو عوائلنا

فقد دعا الفنان الدكتور ميمون الخالدي الى تفعيل دور الرقابة مجددا لان هناك من يهدر الاخلاق والجمال، فقال : نعتقد نحن كمثقفين وفنانين ان بعد عام 2003 ان في نظام الحرية والديمقراطية لا توجد رقابات، وهذا خطأ كبير، لانه يجب ان تكون هناك رقابة على الاخلاق والذوق العام ورقابة على الجمال، والحقيقة.. اننا جميعا فرحنا في وقتها وهللنا لذهاب الرقابة ولذلك رجع المسرح الهابط مرة اخرى والذي يقوده اناس يفهمون لغة السوق والتجارة والربح، فهناك دور سينما فارغة ومسارح فارغة فذهبوا باموالهم وبعروض خارج اطار الرقابة، خارج هيمنة الدولة بما فيها وزارة الثقافة، وتفعل ما تشاء، والحقيقة ان هذه مسؤولية الجميع، يعني مسؤولية اجتماعية، مسؤولة ثقافية وسياسية واخلاقية من ان الكل يجب ان يشتركوا فيها، الدولة ومؤسساتها ووزارة الثقافة والفنانين جميعا ونقابة الفنانين الى ان ترجع الرقابة على الاقل على الاخلاق، على الذوق العام، على الجمال، ولذلك انا حين تسألني مثلا عن وزارة الثقافة وماذا تفعل، اقول لك ان الامر يحتاج الى تشريع، يحتاج الى المجتمع كله ان يهب حول هذا السوء الذي سيغزو عوائلنا ومثقفينا وسنرجع مرة اخرى نردد وتباكى ونحتج ولكن لا احد يفعل شيئا.

واضاف : انا ادعو الى تفعيل دور الرقابة مرة اخرى، ولكن ليست الرقابة على الفكر وانا الرقابة على الاخلاق العامة والجمال لان هذا هدر للجمال وهدر للاخلاق العامة، ولذلك انا محتار شخصيا وهذا يدلل على غياب الدولة والثقافة بشكل عام ووزارة الثقافة ونقابة الفنانين وكل النقابات والمؤسسات او الجمعيات او الاتحادات التي تعنى بالثقافة.

خرق الثوابت الوطنية والاخلاقية

فيما اكد المخرج المسرحي عماد محمد على ضرورة فحص النصوص، فقال : انا مع الفحص والرقابة غير المباشرة على الاعمال الجماهيرية خاصة كونها قابلة على ان تأخذ مسارات غير صحيحة لانها تعتمد اساسا على الارتجال،سواء من الممثل او المخرج، وعدم وجود منظومة اكاديمية لهذه الاعمال فمن المؤكد يجب ان تكون هنالك رقابة بين مدة واخرى وفحص دوري على هذه الاعمال، اما عن الاعمال الجادة فمن الممكن ان تكون مشاهدة اولى عليها من قبل لجنة مشاهدة كونها تمتلك منظومة اكاديمية ومن الصعب ان يحدث فيها ارتجال، ولكن من الممكن ان يكون فحص من اجل عدم خرق الثوابت الوطنية والاخلاقية فقط.

مهزلة.. مهزلة

الى ذلك شددت الفنانة بشرى اسماعيل على ان تكون الرقابة فكريا وادبيا وكل الجوانب، وقالت: لابد ان تكون رقابة، ولكن ليست رقابة دولة فقط كما نسميها، بل ان تكون هناك اولا رقابة داخلية، لابد ان يكون في داخل كل فنان رقيب داخلي، نحن لا نتحدث عن خطوط حمر ولكن من الضروري ان نعلم ان ليس كل الاشياء يمكن ان نشتغل عليها او نستطيع تقديمها، ومع هذا انا مع الرقابة خاصة على المسارح الشعبية وما يحدث الان فيها، وانا الاحظه من خلال الاعلانات التلفزيونية، فهي مهزلة.. مهزلة، وبالتالي هذه الاشياء تؤثر في الناس على الرغم من ان المجتمع العراقي واعي وفهم لعبة المسرح، ومن هنا لابد ان نقدم له اشياء جميلة.

واضافت : يجب ان تكون الرقابة من المؤسسة الثقافية كوزارة الثقافة او دائرة السينما والمسرح او نقابة الفنانين التي يجب ان يكون دورها فعالا في الحفاظ على سلامة الذوق العام، رقابة على النص اولا ورقابة على العرض المسرحي ولابد ان تكون هنالك في كل مدة رقابة لان الكثير من المخرجين والمثلين يخرجون عن النص خاصة ان العروض المسرحية التجارية تكون طويلة الامد وبالتالي يتغير النص، ويجب ان تكون الرقابة فكريا وادبيا وكل الجوانب، وربما فيما تقدمه الفرقة القومية للتمثيل لا نحتاج الى رقابة لان الفنان في هذه الفرقة يعرف ما يقدمه وماذا يريد ان يقول والرقيب الداخلي موجود.

علينا ان نحاسب الجهة الداعمة والراعية

اما الفنان يحيى ابراهيم فأكد انه ليس مع اي رقابة بمفهومها المتعارف عليه ولكنه مع ان تكون هناك مناهج، وان تكون هنالك موضوعية، فقال : في كل العالم المتطور الجهة الداعمة او الراعية هي التي تتحمل مسؤولية اي عرض مسرحي، بمعنى عندما تقدم اي دائرة او مؤسسة ثقافية عرضا مسرحيا تكون هذه مسؤولة عنه، اي ان لديها ايدلوجية معينة متفق عليها، وعندها سياقات عمل متفق عليها، وعندها انظمة وقوانين متفق عليها، لكن الذي يحدث في العراق ان على خشبة المسرح الوطني ببغداد قدمت عروض طائفية وعروض تندد بالتجربة الديمقراطية العراقية، عروض تخاطب الوعي المتطرف، وعندما نسأل انفسنا كيف يمكن لمؤسسات في الدولة ترعى مثل هكذا عروض ؟ هناك من رفعت ضده دعاوى قضائية وهو الان هارب في تركيا او غيرها، واذن.. لابد من وجود لجنة مشاهدة تتحمل هذه المسؤولية، هناك على مسارحنا تقدم اعمال مليئة بالاسفاف وبالكلام البذيء الذي اخجل انا اذكر بعض مفرداته في رأيي هنا او الفظها في مكان اخر، وهناك سلوكيات سيئة جدا تقدم على المسرح.

واضاف : انا لست مع اي رقابة بمفهومها المتعارف عليه ولكنني مع ان تكون هناك مناهج، وان تكون هنالك موضوعية،خاصة ان العروض تقدم على خشبة مسرح وطني، انا من حقي ان اسأل : هذا العرض المسرحي لمن يتبع ؟ هل لتنظيم القاعدة ام للدولة ام لجهة معينة؟، اما المسارح التجارية فما تقدمه فيه فلتان كبير، وهم يعبرون عن ذواتهم ونفوسهم لكن المشكلة ان هناك بعض المؤسسات تدعم هذه المسارح، لذلك علينا ان نحاسب الجهة الداعمة له وليس الشخص، لان الشخص لا يمتلك وعيا ولا ثقافة ربما، فحين يقدم عرض مسرحي فيه اساءة للعراق يجب محاسبة المنتج، ومن الممكن ان تتولى المحاسبة وزارة الثقافة او نقابة الفنانين وحتى نحن المثقفين يجب ان نحاسبه من خلال الصحف ووسائل الاعلام الاخرى، نحن لسنا ضد المسرح التجاري الذي يربح اموالا ولكن ضد الاسفاف فيه، فمن يضمن لي انني اجيء ومعي زوجتي وابنتي ولا يخدش حياءهما بالعرض ؟ الذي يضمن لي هذا هو المنتج،فحين يخدش العرض حياء المجتمع نذهب لنقيم ضد المنتج دعوى قضائية، واذن علينا ان نحاسب الجهة الداعمة والراعية ولا نحاسب الافراد.

عروض طائفية اساءت للقيم الانسانية

الى ذلك اشار الفنان مرتضى سعدي الى اهمية وجود فاحص واعي للنصوص وقال : مفهوم الرقابة انا اسميه (الفاحص الفني)، وهذا تقع عليه مسؤولية كبيرة تتمثل في تشخيص العمل وهذا من ضروريات الفاحص، اي يجب علينا ان نقيّم العمل الفني، كيف يمكن لي ان اظهر عملا للمشاهد او المتلقي دون ان ان تكون رقابة فنية تشخص القيم الجمالية والقيم الفنية وهل ان العمل صالح او غير صالح للعرض، هذا هو الواجب للفاحص الفني، اذ ان عليه ان يقدم الرؤية لانتاج هذا العمل للمشاهد.

واضاف : انا اعتقد ان الرقابة لا تختلف بين جنس واخر، فمثلما نطالب ان تكون هناك رقابة على المسرح التجاري يجب ان تكون رقابة على المسرح الجاد الذي تقدمه دائرة السينما والمسرح، فمن المؤكد ان هناك قيما اخلاقية وانسانية ولا يمكن ابدا التجاوز على هذه القيم، وقد شاهدنا عروضا طائفية اساءت للقيم الانسانية، فنحن نشاهد افكارا مغايرة تماما وتسيء الى الكثير من القيم، لذلك من الضروري ان يكون هناك هذا الفاحص الواعي الذي ينحصر عمله في تقييم العمل فيمنحنا عملا جيدا خاليا من كل انواع الاساءات والاسفاف والتهريج والافكار الهدامة.

نحتاج الى رقابة تؤمن الذوق العام

اما الفنان والناقد المسرحي سعد عزيز عبد الصاحب فشدد على ضرورة ان يكون هناك ضابط لايقاع العروض، فقال : نعم نحن بحاجة الى رقابة لان الغث والسمين اصبحا يقدمان على مسارحنا، نحن نحتاج الى لجان تؤهل هذه النصوص،ولكن ليس بالمشرط القديم،مشرط النظام السابق الايدولوجي الذي كان يمنع العديد من الحريات الدرامية في ان تفصح عن نفسها على خشبة المسرح، لا.. نحن نحتاج الى رقابة تؤمن الذوق العام وتؤمن الفكرة والعبرة والحكمة من هذه العروض المسرحية وتمنع العروض المسيئة للمواطن العراقي وللشعب العراقي وللجهد والشخصية العراقية، ان تعمل الرقابة على منعها منعا باتا وتقصيها، هذه مسألة مهمة.

واضاف : نحن الان في مرحلة جديدة ما بعد 2003 والقريحة العراقية سيالة وتنتج وتكتب وتقدم العروض العروض المسرحية لكننا نحتاج من مؤسساتنا الحكومية ان يكون هنالك ضابط لايقاع هذه العروض على الصعيد القيمي والاخلاقي.

 

عبدالجبار العتابي

http://www.elaph.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *