فكرى النقاش.. عاشق المسرح والتاريخ

تعد مسيرة الكاتب المسرحي الراحل “فكري النقاش” حافلة بالعديد من المحطات الإبداعية المهمة، فهو صاحب تجربة متميزة فى الكتابة المسرحية من خلال أعماله المتنوعة مثل “سيف وسادة” و”مهزلة مملوكية”، و”النسر الأعمي” و”السلطان الأخير” و”ملك الأمراء” و”مهرجون وخونة”.

تميزت كتابات الراحل بعدة سمات فنية:

أولها: انحيازه إلى إحياء التراث العربي وتجديده عبر بنية الكتابة المسرحية، يظهر ذلك فى تجليات مختلفة فى نصوصه.

ثانيا: إنه كان يكتب من خلال ما يسمي تيار الوعي، فلم تكن كتابته مجرد كتابة خيالية، بل كان فيها دائمًا تلك الخلفيات الواقعية التي تجىء مضفرة بأقنعة تاريخية ذات دلالات عميقة.

ثالثا: انحيازه إلى “مسرح المواجهة” عبر لغة ابداعية رافضة للانهزام والقمع بمختلف صوره، كتابة تواجه الاستبداد والتطرف وكل ما يسلب الإنسان حريته.

رابعا: رغم واقعية اللغة التي كان يكتب بها إلا انها كانت شديدة التكثيف، تصل أحيانا إلى تخوم اللغة الشعرية، فقد كان الراحل محبًا للشعر أيضا وليس أدل على ذلك من انه كتب مسرحية عن شاعر العربية الاول المتبني تحت عنوان “المتنبي فى الطريق إلى بغداد” وفيها يرصد رحلة صعوده ثم موته، عبر لغة درامية متعددة الأصوات.

منابع الإبداع

وينتمي الكاتب الراحل إلى أسرة أدبية ضمت عددًا من الوجوه الإبداعية المتميزة فوالده الشاعر الراحل عبد المؤمن النقاش- أحد شعراء مدرسة جماعة “ابوللو” والذي صدر ديوانه الشعري منذ سنوات بمقدمة ضافية لفكري النقاش وحلمي سالم، أما أشقاؤه فهم الناقد الراحل رجاء النقاش صاحب الاسهامات البارزة فى النقد الادبي، والمترجم الراحل وحيد النقاش، والمخرج الراحل عطاء النقاش، والناقدة فريدة النقاش والكاتبة أمينة النقاش- رئيس تحرير الأهالي.

وكان لهذا الجو لأسري الذي نشأ فيه فكري النقاش، أثر على تكوينه الفكري والابداعي، فقد تأثر بشخصية والده خاصة فى حبه للتاريخ وللغة العربية، فجاءت معظم كتاباته محاورة للتاريخ، وكذلك البحث عن المسكوت عنه فى أحداثه ووقائعه، فدائمًا كان يبحث فى الظلال الكثيفة فيما خلف الاحداث التاريخية، ومن تلك المنطقة الوعرة شديدة الصعوبة ولدت تجربته المسرحية. عبر ما يمكن أن يسمي بـ “كتابة الموقف” والتعبير عن المهمشين والبسطاء.

جوائز وتكريمات

وقد حصل الراحل على عدة جوائز من أهمها جائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافى عام 2006 مناصفة مع الشاعر حسن طلب. كما تم تكريمه فى مهرجان المسرح العربي فى دورته الثالثة عشر عام 2015. وحول علاقته بالمسرح وكيف بدأت يقول فكري لنقاش فى إحدي شهاداته الابداعية: “إنه تذوق طعم المسرح من خلال اطلاعه على مكتبة أخيه الراحل رجاء النقاش عندما كان صبيًا صغيرًا كذلك قراءته لمقالاته ومقالات كبار النقاد”. وقد عمل الراحل لسنوات طويلة فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، وكان آخر مناصبه مدير النشر بالهيئة. وكان يري أن الهيئة تمثل حجر الزاوية فى الثقافة المصرية، وكان ينادي بتطويرها لتواكب المستجدات العصرية لتساهم فى الحراك الثقافى العام بفاعلية.

فكري النقاش وداعًا

——————————————————————–

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – عيد عبد الحليم – الأهالي

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *