‎الملتقى الدولي في تعليمية الآداب والفنون ‎مداخلات متباينة وتوصيات عالقة

الملتقى الدولي في تعليمية الآداب والفنون

مداخلات متباينة وتوصيات عالقة

عرفت جامعة جيلالي ليابس بسيدي بلعباس ، وبرعاية قسم الفنون وقسم اللغة العربية وآدابها ، بالتعاون مع مخبر الدراسات الأدبية والنقدية واللسانية ، فعاليات الملتقى الدولي الأول تحت مسمى : ” تعليمية الآداب والفنون في الجامعة ” وذلك يومي 04 و 05 من شهر ديسمبر الجاري من سنة 2017 .

الملتقى الدولي تم احتضان فعالياته وجميع محطاته على مستوى مكتبة كلية الآداب واللغات والفنون ، أين ترأس الملتقى عميد الكلية الأستاذ الدكتور “عقاق قادة” الذي أعرب عن مدى حظّ جامعة جيلالي ليايس في احتضان كذا ملتقى في صيغة دولية ، وأن الاشكالية التي انطلق منها تعدّ مهمّة وأساسا في التعليمية كفرع من فروع التربية ، وأن احتضان الجامعة للملتقى بقسمي الفنون وقسم اللغة العربية وآدابها يعدّ مرحلة هامّة تجمع القسمين نحو فاعلية أكاديمية وبحثية  ، وبرئاسة شرفية لمدير الجامعة الأستاذ الدكتور ” شاهد العربي” ، وتعود فيه رئاسة اللجنة العلمية لكل من الدكتورة   ” نورية شرقي” من قسم الفنون ، والدكتور” عواد عبد القادر” من قسم اللغة العربية وآدابها .

الملتقى الدولي في أولى طبعاته ، يأتي ثمرة من ثمار الملتقى الوطني الذي عقد  السنة الماضية والذي عكف عليه قسم الفنون بإشراف ورئاسة الدكتورة ” نورية شرقي” والذي كان حول      ” حدود الائتلاف والاختلاف بين المسرح والسينما” وكان من أبرز توصياته جعل الملتقى نقطة انطلاق لملتقيات مستقبلية ذات أهداف واعدة ، وقد تولّد عن ذلك ملتقى دولي في ضوء تعليمية الآداب والفنون في الجامعة ، باعتبار التعليمية فرعا من فروع التربية ، والقاعدة الأرضية التي يؤسس عليها التفاعل بين التعليم والتعلم ، باعتبارها الرابط بين الوضعيات التربوية وموضوعاتها ووسائلها .

والتعليمية كذلك مصطلح يستعمل للدلالة على كل ما هو ذي صلة بالتعليم ، وضمن أطر بيداغوجية مختلفة تعنى بأساليب وطرائق التعليم ، تعرف بالديداكتيك الذي هو فن أو علم التدريس ، والتعليمية ككل تتكىء على قاعدة هامة تهتم بالمعلم ، المتعلم والمعرفة .

رئيسة الملتقى الدكتورة ” شرقي نورية ” بعد ترحيبها بضيوف الملتقى وعلى رأسهم الدكتور “نادر مصطفى القنة” من جامعة الكويت ،  وبكل الأساتذة من جامعات الوطن والأسرة الاعلامية ، جاء في كلمتها الافتتاحية أنه :

    لمن دواعي الاعتزاز، أن تحتضن جامعة سيدي بلعباس بقسميها ، قسم الفنون وقسم الآداب ،فعاليات ملتقى دولي الأول من نوعه ، في ضوء تعليمية الآداب والفنون في الجامعة ، والذي أبينا إلا أن يكون ملتقى للتواصل والاحتكاك أكاديميا وفكريا .

 ويطيب لنا، في البداية، أن نعرب عن خالص تقديرنا لكل من أسهم في بعث فعاليات هذا الملتقى الدولي ، كما نودّ التنويه بالجهود المبذولة من وهناك سعيا لإنجاح فعالياته واثراء محطاته ، فيما يصب في اشكالية التعليمية كفرع من فروع التربية وكل ما يتعلق بها ..

كما أن هذا الملتقى فرصة هامّة للوقوف عند محاوره الثلاث ، وكل ما هو مرابط بالتعليمية خدمة للمعلم ، والمتعلم والمعرفة مع السعي الى تحليل موضوعي للرهانات الحاصلة ، وما حضوركم اليوم الا خير دليل على اهتمامكم بكذا ملتقى ، وحرصكم على المساهمة في مدّ المزيد من المعارف تحقيقا لأهداف على المدى البعيد والقريب …

وقد جاء الملتقى الدولي لبقف عند عديد المحاور والمحطات التي تصبّ في مجرى التعليمية وكل ما يرتبط لها من خصائص ومميزات لابدّ أن تتماشى وشتى المناهج ، للوقوف عند اشكالية تلقين الآداب والفنون منهجيا بشقيها النظري والتطبيقي بخاصة فيما يتعلق بالفنون وما هو مرتبط بها من تنظيم ورشات والتركيز على العمل المخبري .

ويعرف الملتقى الدولي الخاص بتعليمية الآداب والفنون في الجامعة ثلاثة محاور، أولها حول تعليمية اللغات ، والثاني في باب تعليمية المناهج النقدية والأدبية وإشكالية تلقيها ، ثالث المحاور في تعليمية الفنون وتلقينها بين المعرفة النظرية والعمل المخبري .

كما شهد الملتقى على مدار يومين متتاليين ، سلسلة من المداخلات والمحاضرات مقسمة على أكثر من جلسة، مع مجموعة من الورشات ، وحصة الأسد في كمّ المداخلات كانت من نصيب أساتذة قسم الفنون ، مع لفيف من مداخلات أساتذة فسم اللغة والأدب العربي ، حتى وان تباينت المداخلات في الطرح والمواضيع ، فقد حاولت جميعها ملامسة جوهر ولبّ محاور الملتقى ، مع محاضرات قيّمة أخرى كانت باللغتين الفرنسية والانجليزية من أساتذة قسم اللغات الأجنبية .

وكان ضيف الملتقى ” نادر مصطفى القنة “ قد حاضر في ضوء تجربته المنهجية الأكاديمية في تدريس مساق مدخل الى المسرح المدرسي بين النظريات البيداغوجية والعلوم المسرحية نظريا وتطبيقيا في المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت .

وأعقبه كل من الدكتور” غمشي بن عمر”  من جامعة وهران في ” تعليمية فن السكريبت التلفزيوني” ، في حين جاءت محاضرة الدكتور ” شرقي محمد ” من جامعة وهران في محور “اشكالية تلقين النظرية والنقد السينمائيين”  ، ومن جامعة تلمسان تمّ تناول موضوع            ” التداولية في تعليمية الفنون” من طرف الأستاذ ، الدكتور ” بلقاسم محمد” .

من جهتها أيضا حاضرت الدكتورة ” بومسلوك خديجة ” من جامعة مستغانم حول ” المسرح بين الواقع التعليمي النظري ونقص الأطر التطبيقية ” ، ومن ذات الجامعة كان موضوع “تعليمية الفن التشكيلي بين النظري والتطبيقي” من اثراء الدكتورة ” شرقي هاجر” .

بالملتقى عديد الأسماء حاضرت ، والكثير امتنعت على الرغم من تواجدها بين أروقة الملتقى والأغلبية غابت ، لكن المميز في الملتقى ، حتى وان لم تكن جلّ المحاضرات في صميم الاشكالية المطروحة في هكذا ملتقى دولي ، أن ذلكم اللقاء الدولي قرّب المسافات وألغى بعض الحدود التي كانت متواجدة بين مجموعة من أقسام الجامعة ، وبطريقة أو بأخرى جعل الجميع يتقرب من مفهوم التعليمية حتى وان أهملوا عنصرا هاما بها ألا وهو الديداكتيك ، والبعد النفسي الهامّ في العملية التعليمية ، وقد نأتي على سبيل الذكر لا الحصر مداخلة الأستاذة ” برمانة سنية سامية “ من جامعة سيدي بلعباس قسم الفنون والتي كان موضوعها :” ديداكتيك المسرح وجمالية الجانب التثقيفي التعليمي للعروض المسرحية “، والفنان ” دين الهناني محمد جهيد” الذي كان حاضر حول ” المسرح والعلوم في ضوء التعليمية “.

كما اتّسم الملتقى ، بتنظيم ورشات أكاديمية بالموازاة لصالح طلبة الدكتوراه من قسمي الفنون ، واللغة العربية وآدابها في محاولة اشراكهم في البعد الأكاديمي وجوّ المداخلات ، مع فسح المجال للنقاش وتبادل الأفكار ، وذلك دائما في ضوء اشكالية الملتقى ،والذي ميّزاليوم الثاني والأخير من الملتقى ورشة قسم الفنون التي جمعت طلبة الدكتوراه تحت لواء الدكتور ” دين الهناني أحمد ” الذي ترأس الورشة ، مع حضور مميز للأستاذة ” برمانة سامية ” وكان اللقاء مع الطلبة ثريا ، مثمرا ، مباشرا وغير مؤسس على أي بروتوكول ، حيث أدلى كل طالب بدلوه ، وأعرب عن همّه الأكاديميّ وأفقه التعليمي المستقبلي أملا في غد أكاديميّ مشرق وهادف ، من شأنه خدمة التعليمية والديداكتيك وكل ما ينضوي تحت ذينك المفهومين من مميزات وخصائص ، دونما التغاضي عن ملامسة أهمّ ما يؤرق المنظومة التعليمية بالجامعة وبكل مراحلها وفي شتى الأقسام والتخصصات ، على أن يكون الغد القريب للأستاذ والطالب على حدّ سواء خدمة للمنطومة التربوية ، وتماشيا مع جل التحديات في ظل المدّ والزخم المعلوماتي .

وقد تمّ صياغة سلسلة من التوصيات عصارة ورشة قسم الفنون ، من طرف طالبة الدكتوراه     ” مدوني عباسية “ من جامعة تلمسان ، لتكون خلاصة الطرح العام والفاعل الذي قام به جميع الطلبة في ضوء الورشة ، وأهم تلكم التوصيات :

1- ضرورة التفتح على التقنيات الحديثة ومواكبة التكنولوجيات .

2- إلزامية التنسيق بين قسمي الفنون والآداب خدمة لمواكبة المناهج ومتابعة المستجدات .

3- الإلمام بأساليب الديداكتيك خدمة للمتعلم وللمعرفة .

4- التمكن من المهارات المتعارف عليها والعمل على تطوير شتى أساليب الديداكتيك .

5- التركيز على الثالوث الذي يحكم الديداكتيك في علاقة المعلم ، المتعلم والمعرفة ، والعلاقة البيداغوجية في ضوء المعلم ، التكوين والمتعلم ، والعلاقة المرتبطة بالتعلم وهي المتعلم ، التعلم والمعرفة .

6- حتمية ملامسة الكفاءات نحو تحصيل علمي ينّاء وهادف .

7- لابدّ من التركيز على الجانب السيكولوجي في التعليمية كونه أساس .

8- التأكيد على التكوين والمعارف الجديدة بهدف فاعلية النشاط التعليمي وسط المؤسسات الجامعية .

9- مزامنة الشق النظري بالبعد التطبيقي خدمة لتعليمية ناجعة .

10- إذا ما كنا نتحدث عن تعليمية الأدب والفنون في الجامعة ، لابدّ أولا من طبع كل مداخلات الملتقى في المجلة الخاصة بالمخبر .

11-توفير الوسائل التقنية في التعليم .

12- تدريب الأساتذة على استعمال التكنولوجيات ذات العلاقة بالتعليمية .

13- العمل على تحقيق الشراكة المطلوبة بين الاقسام والجامعات .

14- الاستفادة من التجارب الدولية وتطبيق ما يتناسب منها في مؤسساتنا .

15- اعادة النظر في طرائق وأساليب التعليمية حتى تتماشى والمد المعلوماتي .

16- العمل على تزويد المؤسسات الجامعية بمختلف الوسائل والأدوات التعليمية التي تخدم الراهن .

17- ضرورة الاستفادة من المعلوماتية وتسخيرها للطلبة في مسارهم الأكاديمي.

18- النظر في كل العراقيل التي يواجهها المدرس والنظر في احتياجاته وتطوير أساليبه عبر التكوين ، لينعكس ذلك ايجابا على المتعلم وبالتالي تحصيل معرفة ذات وزن وفعالية .

19- تحفيز شتى الابداعات والمبادرات .

20- العمل على التسجيل الرقمي لحفظ البحوث العلمية والملكة الفكرية .

21- الغاء الهوّة الموجودة بين الطالب والاستاذ .

22- اقتراح أيام دراسية وتربصات في جميع ميادين الفنون.

  وعليه، فإن الملتقى الدولي حول تعليمية الآداب والفنون جاء ليمطّي الطريق مستقبلا نحو تعليمية فاعلة وفعالة ، على أن يضع في متناول كل من المعلم والمتعلّم أساسيات هته التعليمية والالمام بخصائصها ومميزاتها نحو غد واعد وراهن مثمر من شأنه خدمة تلكم القاعدة التربوية لتكون المنفذ والمرجع الأساس في الأخذ والتعاطي مع جميع النظريات والمناهج والعمل على تطبيقها بشكل حرفيّ تماشيا والزخم التكنولوجي الذي يبسط أجنحته بشكل أوسع .

على أن يتمّ اعتماد كذا مبادرات في تنظيم ملتقيات دولية واعدة بأكثر حرفية ، وبأكثر موضوعية مع تظافر جميع جهود المعنيين والمهتمين ، وليس رمي الثقل على طرف واحد يجد نفسه في الأخير ملزما بأكثر من مسؤولية تلهيه عن المهام الأساسية والضرورية ، حتى نتمكن من انجاح الملتقى كمّا ونوعا ، على أن توسّع أيضا دائرة الملتقى من حيث المدة الزمنية ، وأن ترهن المداخلات والمحاضرات لمن هم على أتمّ الاستعداد أن يكونوا في مستوى الحدث وليس الاكتفاء بترصيع ملصقة الملتقى بالأسماء والغياب التامّ للمداخلات الفعلية ، دونما التغاضي عن دور الطالب الغائب الأول في كذا ملتقيات واعدة .

بقــلــم : عباسية مدوني– سيدي بلعباس – الجزائــر  

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *