عين على المسرح-الملتقى الوطني الأول ميراث العيد في ضوء المسرح الجامعي ، الواقع والآفاق حتى نكون للذاكرة أوفياء ….ودعوة نحو الالتفاف الجديّ حول المسرح – بـقـلم : عـبـاســيـــة مـــدونــي- سـيـدي بـلـعــبـاس-الـجــزائــــر

الملتقى الوطني الأول ميراث العيد في ضوء المسرح الجامعي ، الواقع والآفاق

حتى نكون للذاكرة أوفياء ….ودعوة نحو الالتفاف الجديّ حول المسرح

لمّا كان المسرح ولا يزال يحمل عديد القضاياوالرهانات ،وباعتباره أحد الروافد الهامة ، فالمسرح له أسسه وقواعده الأكاديمية سواء فيما تعلق بالنص ، بالإخراج ، بالتمثيل أو بالسينوغرافيا ، وحتى بالنظريات النقدية ، الأمر الذي فرض على كثير من البلدان استحداث معاهد وأقسام على مستوى عديد المؤسسات الجامعية . في حياة الأفراد    والمجتمعات ، فإننا نلفي أنه ثمة وعي صارخ  بأهميته ، شأنه في ذلك شأن بقية الفنون من سينما ، فنون تشكيلية وموسيقى ، لكنّ الاهتمام الزائد المسرح ولا يزال يحمل عديد القضايا والرهانات ، وباعتباره أحد الروافد الهامة ،  فالمسرح له أسسه وقواعده الأكاديمية سواء بأبي الفنون بوّأه مكانة خاصة بما يترتّب عنه من وعي ورؤى وأهداف واعدة .

وللمسرح الجامعي بالجزائر ارهاصات وبوادر ضاربة في الأعماق ، ترصد أهدافه وغاياته ، كما يؤسس بدوره معارفا واعدة وتحديات لابدّ منها في ظل ما يقدمه هذا المسرح الجامعي الأكاديمي على مستوى المؤسسات والأقسام الفنية الموزعة عبر التراب الوطني .

 

من هذا المنطلق ، وجب الوقوف عند مصطلح وماهية المسرح الجامعي ، وما يميزه عن بقية الاختصاصات ، مع رصد أهم الانتاجات المسرحية الأكاديمية لتواكب ظاهرة المسرح الجامعي اشرافا ، تأطيرا وتكوينا حتى تتساوق واهتمامات الطلبة تطويرا لإبداعاتهم ، ومداركهم الحسية ، الأدبية ، والجمالية تحقيقا لنضج مسرحي وهدف تربوي قومي .

 

ولعل أهم أهداف المسرح الجامعي الأكاديمي تكمن في اكتساب معارف وسلوكات هادفة تخدم الفرد والمجتمع ، تشجيع المواهب والواعدة مع التركيز على خصوبة الرؤى والأبعاد المستقبلية ، مع تحقيق الاندماج داخل العمل الجماعي بين الطلبة والمخرج وغيرهم من كادر العمل المسرحي ، دونما اهمال جانب تعزيز الثقة لدى الممارسين وضرورة تماشي كل الأهداف مع المناهج والأسس الأكاديمية تنظيرا وتطبيقا .

 

والجامعة باعتبارها أرضية خصبة وفضاء تعليميا له أدواره في الأوساط الاجتماعية ، الثقافية والسياسية ،      فقد عكفت على تكوين أفراد فاعلين ومثقفين ، قادرين على التفاعل والانفتاح والاسهام الايجابي في تحريك دفّة النشاطات الثقافية والتوعوية ، والجامعة الجزائرية أيقنت ذلك من زمن ، وسعت الى تكوين مسرح أكاديمي جامعي تحكمه أسس وقواعد بنّاءة ، حيث نشير الى قسم الفنون الدرامية بجامعة وهران الذي عرف التأسيس سنة 1987 بمعيّة لفيف من أساتذة الأدب العربي ، واتخذ تسمية ” قسم الفنون الدرامية ” ، وعرف طلبته عديد المشاركات بمهرجانات وطنية ودولية ، كما رأى النور قسم الفنون الدرامية بجامعة الجيلالي ليابس بسيدي بلعباس ضمن إطار مشروع ل م د ، وفي جامعة كل من مستغانم ، تلمسان وسعيدة ، وجميعها أقسام تتكئ على منهج التكوين المسرحي الجامعي .

 

في ضوء ما سبق ، وعلى مستوى جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان ، وتحديدا مخبر الفنون والدراسات الثقافية الذي يرأسه الدكتور ” طرشاوي بلحاج ” تمّ وضع اللبنات الأولى لبعث فعاليات ملتقى وطني يحمل اسم المرحوم البروفيسور ” ميراث العيد ” ، ورأى أن يكون احدى بذوره الأولى وثيماته المسرح الجامعي ، الواقع والآفاق ، منطلقا من سلسلة من الأشكاليات لعل أهمها :

ما موقع المسرح الجامعي الأكاديمي من الحركة المسرحية ؟ ، هل قدّم هذا النوع من المسرح أهم الأهداف التي سطّرها في بداية مشواره ؟ هل من عراقيل تحكم التكوين الأكاديمي للطالب الذي يسعى  في تكوين مسرحي محترف ؟

أضف إلى ذلك ،  أهم الآليات الواجب أن تكون منطلقا نحو تكوين مسرحي أكاديمي يسهم في تحفيز الطالب وفتح مجالات تبادل الخبرات أمامه ؟ وهل يفرض المسرح الجامعي الأكاديمي الآني ممثلا معاصرا وتكوينا معاصرا يواكب جلّ التطورات الراهنة ؟

كما تمّ حصر محاور الملتقى في :

المسرح الجامعي الأكاديمي ، الماهية والمصطلح ، مرجعيات ومنطلقات المسرح الجامعي الأكاديمي في  الجزائر ، مع الوقوف عند إشكاليات التكوين في المسرح الجامعي بالجزائر ، والممارسة المسرحية بين الاحترافية والأكاديمية ، مع إثارة موضوع الرهانات الواعدة لمسرح جامعي أكاديمي بالجزائــر .

 

الملتقى الوطني الذي بعثت فعالياته يومي 11 و 12 من شهر ديسمبر 2018 ، عرف مشاركة وطنية لثلة من الأساتذة الجامعيين وطلبة الدكتوراه من مختلف ربوع التراب الوطني ، في محاولة الوقوف عند أهمّ الإشكاليات المطروحة وطرح مضامين مداخلاتهم الذي تتماشى والمحاور المقترحة بالملتقى ، بالإضافة الى أن الملتقى كان فرصة هامّة وثمينة لتلاقي الأجيال من طلبة واصدقاء المرحوم ” ميراث العيد ” في محاولة نبش الذاكرة وتعزيز مآثر المرحوم وعلاقته المتميزة مع طلبته وزملائه من الأساتذة ضمن مشواره الأكاديمي الحافل ، هو الذي كان مهوسا بأبي الفنون ، معتدّا بأهدافه وآفاقه وما يمكن أن يحدثه من فارق للأجيال الواعدة سواء ممارسين أو  أكاديميين .

 

الملتقى عرف في يومه الأول 11 من شهر ديسمبر 2018 ، كلمة للدكتور ” طرشاوي بلحاج ” مدير المخبر ، والذي استعرض أهمية اقامة هكذا ملتقى ومدى أهمية أن يكون على شرف قامة من قامات الأساتذة الأكاديميين ألا وهو الأستاذ ” ميراث العيد”  باعتباره صديقا ومربيا ن وإن وافته المنية فإنه من واجب الأحياء أن ينعشوا ذكراه الطيبة ، على أن يكون هذا الملتقى بذرة أولية لعديد الملتقيات المستقبلية ، هذا وقد استعرض من خلال كلمته أهمية مخبر الفنون والدراسات الثقافية وما مدى خصوبة أرضيته لاحتضان الطلبة الباحثين وجعلهم ينفتحون على كثير من الابحاث والمشاريع خدمة للمسار الأكاديمي .

 

ليفتح المجال بعدها لجوّ المداخلات ، حيث ترأس الجلسة الأولى من فعاليات الملتقى الدكتورة ” خواني زهرة ” ، ليكون الدكتور ” براهيمي سماعين ” أول المحاضرين من قسم الفنون ، جامعة الجيلالي ليابس ، سيدي بلعباس والذي كان عنوان مداخلته ” واقع المسرح كتخصص وآفاقه في الجامعة ”  ، أين استعرض من خلال ورقته مدى أهمية المسرح كتخصص ، ومدى الأاهداف المنوطة به بخاصة إذا ما تمّت رعايته وسط الأوساط الجامعية مع الوقوف عند المقررات الدراسية ، وكيفية العمل على توجيه الطلبة نحو هذا التخصص ، والبحث في سبل تعزّز لديهم الرغبة في التوجه نحو احتصاص المسرح ، رافعا هاجسه وخوفه في إمكانية أن تغلق أقسام الفنون على مدى خمسة سنوات مستقبلا ، إذا لم يتم البحث بشكل محترف وجديّ عن سبل تحمي هذا التخصص وتروّج لأهميته ، وهذا عائد إلى افتقارنا إلى سياسة تعنى بأبي الفنون وتوسبع دائرته على مستوى الاوساط التعليمية من الطور المدرسي حتى الثانوي في ظل غياب سياسة حكيمة ورشيدة تعنى وتعي قيمة الفن الرابع وآفاقه ومدى تأثيره وسط الأافراد والجماعات بخاصة في عضرنا الحالي ، داعيا كل مهتم وكل من يدرك قيمة المسرح أن يحمل معه هكذا هاجس والعمل على توسيع أفق المطالبة بضرورة احتضان وزارة التربية للمسرح كتخصص مهم للتلاميذ .

 

ثاني المداخلات كانت للدكتور ” دين الهناني محمد” من جامعة عين تموشنت، وكانت موسومة بــ” علاقة المسرح بالعلوم ” أين بيّن علاقة الفن الرابع بشتى العلوم ومدى نهله منها ، لتحقيق المتعة الروحية والذهنية إذا ما توافرت أساسيات النص الدرامي الهادف وتقاطعت مع رؤى إخراجية واعدة من شأنها أن تحدث الفارق ، كما أشار إلى إلزامية فتح فنون العرض من الابتدائي إلى المتوسط حتى الثانوي ، كي يشبّ الأجيال على سحر المسرح ومتعته ومدى أهميته وما يحققه من فوارق في المجتمعات التي تقدّر قيمة الفن .

 

جامعة وهران هي الأخرى كانت حاضرة بقوة ضمن محطات الملتقى الوطني  ” ميراث العيد” ، المسرح الجامعي ، الواقع والآفاق حيث تواصلت المداخلات ضمن جلستها الثانية التي ترأسها الدكتور ” براهيمي   سماعين ” ، وقدمت من خلالها مداخلات لكل من الدكتور “إميمون براهيم ” الذي قدّم ورقته في ضوء “قراءة في الجهود البحثية للأستاذ ميراث العيد “، حيث وقف عند مآثر ومجهودات الأستاذ ” ميراث” ، وكيف أسهم في جلب فرق مسرحية وعروض على مستوى الجامعة ، كما أثار أخلاقيات الأستاذ ومدى تفانيه وإنسانيته وحرصه على  أن يكون المسرح رافدا مهما في الأوساط الجامعية ، ومدى أهمية أن يكون الطالب الجامعي غوفا بالفن الرابع ، مقتنعا بالتخصص ، وقادرا على إحداث التغيير فنيا .

 

هذا وقد قدم الدكتور “عيسى راس الماء” من جامعة وهران مداخلة موسومة بـ” إكراهات التكوين المسرحي بأقسام الفنون بالجامعة الجزائرية ” ، وباعتباره رئيس ميدان وطني للفنون ، فقد فتح نافذة للأمل والتعاطي مع شتى الآفاق والطموحات الواعدة التي يرنو ويطمح إليها الطالب الجامعي في ظل التكوين الأكاديمي الخاص به في مجال أبي الفنون ، ناهيك عن الأستاذ الملمّ بتفاصيل مختلف المناهج والمقررات ، مع التطرق إلى إمكانية إبرام اتفاقية مستقبلا مع وزارة التعليم العالي لفتح مجالات أوسع في حقل التوظيف والدراسة .

 

من جامعة وهران كذلك ، قدّم الدكتور ” غانم نقاش” ورقته البحثية المعنونة ب” أهمية النشاط المسرحي بالمدرسة في إسناد المسرح الجامعي ” ،  مبرزا العلاقة الحتمية بين الاتجاهين ، وضرورة توفير الأرضية الخصبة للمسرح على مستوى المدارس لتكون لبنة أساس نحو تبني الفن الرابع نحو تحقيق جيل واعد من المهتمين بأبي الفنون مستقبلا ، مع التعويل على صناعة ممارس ومتفرّج مستقبلا يهتمّ للمسرح وبكل اتجاهاته ومجالاته وفضاءاته ، وهذا بالتركيز على مسرحة المناهج والمقررات الدراسية لتكون منطلقا وأسلوبا حضاريا نحو تبنّي الفن الرابع .

 

أمّا الدكتورة ” ليلى بن أباجي ” من جامعة تلمسان فقد حاضرت في ضوء “مساهمة المسرح عند الطفل” ، مبينة أهمية المسرح كنشاط تربوي وتعليمي هادف ، وكيف أنه لابدّ من صناعة أجيال تشبّ على أهمية المسرح والإلمام بكل عوالمه ، ليكون بذلك الفن الرابع حلقة هامّة في حياتهم وإنجازاتهم مع الاعتداد بما يقدّمه في المستقبل القريب أو البعيد للأجيال الواعدة .

 

في حين الدكتورة ” منصور كريمة ” من جامعة مستغانم أضاءت أبعاد ” المسرح الجامعي بين النظرية والتطبيق ” ، وكيف لهذا الملقّن أن يوازن بيم كفّة التلقين والممارسة ، دونما الاكتفاء بالمقررات الدراسية أو المحاضرات حتى يوسّع من دائرة معارفه مع توافر القدرة على العطاء بشكل أكثر احترافية في ظل الممارسة ، وتطبيق شتى المناهج المتعلقة بالمسرح ميدانيا ، لفتح المجال أمام الطالب الجامعي الى الكشف عن مواهبه وقدراته ، وما مدى أهمية المسرح الجامعي على الصعيد التربوي والروحي ، هذا وقد وقفت على احدى التجارب الشخصية لها في مجال المسرح بجامعة مستغانم ، هي التي تلقت معارفها المسرحية على يد الأستاذ المرحوم ” ميراث العيد” .

 

 

آخر مداخلات اليوم الأول من فعاليات الملتقى الوطني للمسرح الجامعي ، الواقع والآفاق كانت من تقديم طالب الدكتوراه الباحث ” بشير بن سالم ” من قسم الفنون ، جامعة الجيلالي ليايس ، سيدي بلعباس أين تناول في ورقته البحثية موضوع ” الفضاءات داخل الجامعة: تجليات الاماكن الممسرحة للعروض ” ، حيث أشار إلى فاعلية المسرح وفعالية التجارب التي تتخذ من المكان المسرحي منطلقا لها ودعامة أساس ، كما أشار الى مصطلح المسرحة وماهية مسرحة المكان داخل فضاءات الجامعة  ، ومهام المسرحيين الجامعيين المتمثلة في التنقيب عن أمكان جديدة لمسرحتها داخل فضاءات الجامعة ، مشيرا إلى أن مسرحة المكان داخل الفضاءات الجامعية اختيار من جهة ومفر لابد منه لاستكمال مهمة المسرح الرئيسية ودوره في إتعاش كل ما هو فكري وفرجوي لدلى الجمهور .

هذا ، وقد عرف اليوم الثاني والأخير من فعاليات الملتقى الوطني ” ميراث العيد “للمسرح الجامعي ، الواقع والآفاق ، أجواء مشحونة بجوّ أكاديمي واسع مع استحضار مآثر ومزايا المرحوم البروفيسور ” ميراث العيد “ الذي كان الغائب الحاضر من خلال مداخلات الأساتذة وطلبته الذين يشهدون على إنسانيته ، نبله وباعه الأكاديمي مع عشقه لأبي الفنون ، كما أن زوجته الفاضلة الدكتورة ” فرقاني جازية ” التي شرفت  الملتقى بالحضور في اليوم الثاني والأخير من فعاليات الللقاء ، وكان حضورها لمسة شاهقة  وأحدثت الفارق ، أين تحوّلت الأجواء برمّتها إلى عالم ساحر استحضرت فيه الذكريات واتسعت فيه الرؤى والآفاق بفعل النقاشات الجادة والحوار الهادف ، ومدّت جسر تواصل مثمر بينها وبين الحضور من أساتذة أكاديميين وطلبة دكتوراه باحثين ، أين سنحت الفرصة للتعرف أكثر على روح أستاذ ومكافح وعاشق للفن الرابع ، عن روح الإنسان التي تميّز بها والتي ظلّت حيّة بين زملائه وطلبته الذين ترك في كل واحد فيهم لمسة وشغفا وعرفانا وتقديرا ، حيث كان الملتقى نافذة مطلّة على بذور زرعها أثمرت واينعت .

الدكتورة ” فرقاني جازية ” ضمن فعاليات اليوم الثاني ، باركت فكرة بعث ملتقى وطني على شرف المرحوم       ” ميراث العيد” هي التي قالت وبالحرف الواحد ، ما تصورت يوما أن تتحدث عنه بصيغة الغائب ، ومع ذلك أبدت امتنانها لكل من أسهم من قريب أو من بعيد في رصّ أسس هذا الملتقى وعلى رأسهم مدير مخبر الفنون والدراسات الثقافية الدكتور ” طرشاوي بلحاج ” ، مثمّنة شتى الجهود ، مباركة  الطموحات الهادفة ، بخاصة وأن الملتقى في ضوء المسرح الجامعي .

هذا ، وقد فتح مجال المداخلات ، والتي عرفت في جلساتها الأولى والتي ترأسها الدكتور ” طرشاوي بلحاج ” مداخلة كل من الدكتورة ” خواني زهرة ” من جامعة تلمسان  والتي قدمت ورقة بحثية موسومة ب” ميراث العيد ، من خلال كتابه “حركة التأليف المسرحي في الجزائر 19201990”  والذي من خلال ورقتها كشفت عن مدى جديّته الأكاديمية وشغفه ، ومدى حرصه على متابعة مسار المسرح بالجزائر ، واهتمامه بالفن الرابع والآفاق التي علقها على ألاجيال الواعدة .

كما قدمت الطالبة الباحثة ” ناصر أمينة” من جامعة تلمسان ، قراءة نقدية في مقال الدكتور” ميراث العيد ” المعنون بـ” قراءة نقدية للمسرحية الواقعية في الجزائر –الهارب-أنموذجا ، للطاهر وطار” ، تلاها الطالب الباحث ” تاجوري عبد الإله ” والذي قدم مداخلة حول “النقد المسرحي الأكاديمي بين الواقع والمأمول” .

أعقب ذلك جلسة ثانية ترأستها الدكتورة” يوسفي آمال ” من جامعة تلمسان ، أين فسح المجال من خلالها لمداخلة كل من الدكتور ” صلاي عباس” من قسم الفنون ، جامعة الجيلالي ليابس سيدي بلعباس ، ليحاضر في ضوء         ”  علاقة الفن المسرحي بالوسط المعرفي الاكاديمي ” ، مبينا من خلال ورقته أهمية الفن المسرحي ومدى علاقته الوطيدة بالوسط المعرفي الأكاديمي إذا ما توافرت الأجواء وسخّرت الجهود خدمة للمسرح كنشاط له آفاقه وأهدافه الواعدة ، ناهيك عن تحقيق التوازن بين الشق المعرفي الأكاديمي وما بين الممارسة بخاصة في ظل تواجد أقسام الفنون الدرامية والعمل على جهل مهامها مرنة وذات أفق .

بعدها حاضرت الدكتورة ” شافع بلعيد نصيرة ”  من جامعة تلمسان حول” أهداف المسرح الجامعي” ، حيث استعرضت ما قد يقدّمه المسرح للطالب الجامعي على المستوى الروحي والتربوي والأخلاقي ، داعية إلى ضرورة تبنّي المسرح في المؤسسات التعليمية لتكون محطة هامة مستقبلا لشباب الجامعات كطلبة حتى يتفتّحوا عليه  كتخصّص ويقبلون عليه ، مدركين لما قد يقدّمه لهم في مسارهم الأكاديمي الذي يعتبر بوابة نحو الممارسة .

هذا ، وقد فسح المجال للأستاذة ” برمانة سامية ” لتقديم ورقتها البحثية الموسومة بـ  “آفاق المسرح الجامعي من حيث التنظيم والتأطير والتكوين والمتابعة الفنية البيداغوجية مقارنة مع المسارح الجامعية الدولية ” أين أشارت الى فضاء المسرح الجامعي الذي تحتضنه الجامعة ، و إلى علاقة المسرح الجامعي بالعرض المسرحي الذي ينتجه المنتسبون إلى الجامعة ، وبما أن المرحلة الطلابية محدودة الزمن فالطلبة يمارسونة بصفة تطوعية ، لكن أهم ما جاء ضمن تفاصيل ورقتها البحثية المقارنة التي قامت باستعراضها ما بين الجامعات الوطنية وما يحدث في الضفة الأخرى بالجامعات العربية والغربية ، في محاولة لملامسة الفوارق والوقوف عند الخلل الذي يحدّ من مسايرة الجهود المبذولة هنا وهناك من أجل الرقي بمسرح جامعي رائد على المستوى الوطني ، حيث استعرضت تجربة المسرح الجامعي الملكي ببلجيكا واهم مميزاته وما يقدمه من ورشات ودورات تدريبية  واعتماده منهج الماستر كلاس منذ سنة 1997 إلى يومنا هذا ، وما يقدم من عروض مسرحية في اختتام السنة الدراسية ، والتربصات المقامة خلال العطل الصيفية لمختلف الأعمار .

بالاضافة الى التجربة المصرية في حقل المسرح الجامعي ، وكيف تلتف كل الجهات الرسمية والمعنية حوله بهدف الرقيّ به والرفع من مستواه ، ناهيك عن القيام بمهرجانات دولية وما تتوفر عليه من مسارح جامعية ، والتعاون الذي تمدّ جذوره مع جامعات دولية لتبني أكثر من مشروع للتكوين والتأطير والإبداع ، مع استعراض تجربة الأردن في مجال المسرح الجامعي والتي بدورها تلتف تحت رايتها عديد المؤسسات لدعم مسار المسرح الجامعي بما في ذلك كلية التجارة والاقتصاد ، وكلية العلوم ، كما تتكئ على تعتمد أسلوب النوادي وما قد ينتج عنه من احتكاك وتواصل،  مركزة على  أهمية التكوين المسرحي والذي يهدف في الأساس إلى صناعة الإنسان مع تنمية مهاراته وحمله على اكتساب الخبرات وتحقيق تربية سلوكية واكتساب قيم موضوعية .

     آخر جلسات الملتقى في يومه الثاني والأخير ، ترأستها الأستاذة ” برمانة سامية ” من قسم الفنون ،        جامعة الجيلالي ليابس ، سيدي بلعباس ، أين فتحت من خلالها المجال للطالبة الباحثة في طور الدكتوراه               ” عباسية مدوني ” من جامعة تلمسان ، أن تقدّم طرحها في ضوء المسرح الجامعي من خلال تناولها ثيمة    “المسرح الجامعي ، الواقع والتحديات” ، أين أشارت إلى أهمية المسرح كخطاب ثقافي وفني ، بالاضافة إلى كونه ضرورة تربوية وتعليمية ، كما بينت أن المسرح الجامعي يتكىء على خصائص ومميزات وأهداف من شأنها تأسيس البنى التحتية لنشاط ثقافي وفني وتعليمي وتربوي .

كما عرّجت على بوادر وإرهاصات المسرح الجامعي بالجزائر ، وكيف كان المسار شاقا نحوميلاد عديد المؤسسات بما في ذلك مؤسسات أقسام الفنون على مستوى جامعات الوطن ، مستعرضة تجربتي بعض الفرق بولايتي باتنة وسيدي بلعباس ضمن مشاركتهما بمهرجانات جامعية دولية وحصدهما جوائز دولية ، الأمر الذي كان سببا نحو ميلاد نواة فرق مسرحية تهتم بالتكوين المسرحي والتأطير على مستوى الجامعات والبحث في أنماط مسرحية عالمية تواكب المسرح الجزائري وتحمله على الانفتاح والتجدد ، كما أشارت الى بعض المهرجانات الجامعية على مستوى الوطن التي تقام في ظل تغييب وتعتيم إعلامي ، الأمر الذي يقصي عامل التكوين والتأطير مع غياب المراجعات التقدية الجادة في مجال الكتابعة والتقصي لشتى الأنشطة .

بعدها حاضر طالب الدكتوراه  ” زعفان يوسف ” من جامعة تلمسان ، في ضوء” المسرح الجامعي     والاقتصاد ، الحالة ووجهات النظر” ، أين قام من خلال مداخلته برصد أهمية المسرح ومدى علاقته وحاجته إلى الاقتصاد ، ناهيك عن استعراضه الى حالة وواقع المسرح وشتى الأنشطة والتظاهرات والتي لابدّ أن تخصص لها ميزانية تعنى بتلكم الأنشظة ، في ظل غياب ثقافة رشيدة تعي أهمية المسرح وما قد يقدمه للأفراد في مجتمعات تصارع للبقاء وفي ظل المدّ التكونولوجي الهائا ، هذا بالإضافة الى تغييب ثقافة طلب الدعم من ممولين كرعاة للثقافة والفن ، كما قدّم إحصائيات على مستوى وزارة الثقافة متعلقة بتضخيم الأأرقام في شأن الانتاجات  وتوافد الجماهير ، وكل هذا عائد إلى انعدام سياسة مدروسة بعناية من مهامها أن يكون المسرح في هرم الأولويات .

كما قدمت الطالبة ” خالي روزا” مداخلتها بعنوان ” إشكاليات التكوين في المسرح الجامعي بالجزائر ، المعوقات والحلول” مستعرضة أهمية المسرح وما قد سينعكس من أهداف إيجابية في ظل ممارسة الطالب الجامعي للمسرح والرفع من مؤهلاته أكاديميا ومعرفيا ، وتمطية الطريق أمامه للممارسة الفاعلة .

آخر المداخلين كان الطالب ” بردق عبد الوهاب ” من جامعة تلمسان ، أين قدم مداخلة بعنوان ” الممارسة النقدية والمسرحية في الجزائر”.

 

في ضوء كل ذلك ، تمّ إثراء النقاش ما بين المداخلين والحضور ، ناهيك عن النقاشات الجادة التي تقدّمت بها الدكتورة ” فرقاني جازية ” ، كما تمّ التأكيد من طرف رئيس الملتقى الدكتور” طرشاوي بلحاج ” على رغبته أن يظل الملتقى قارّا وقائما نحو طبعات مستقبلية ، مع التغيير في ثيمة الموضوعات الراهنة والمحاور ، مشيرا إلى أن تكون الطبعة الثانية من فعاليات الملتقى على مستوى جامعة وهران وأن تترأس أشغاله حرم المرحوم “ ميراث  العيد “ الدكتورة ” فرقاني جازية” حفاظا على الذاكرة الجماعية ، وأن تبقى مآثره وعطاءاته ممتدة ، كما قام الدكتور” طرشاوي ” بتكريم الدكتورة ” فرقاني جازية ” بلوحتين فنيتين ، إحداهما للمرحوم ، وقامت الطالبة       ” عباسية مدوني ” بإهدائها بورتري للمرحوم  كان من لمسة أحد طلبتها بقسم الفنون التشكيلية بجامعة            سيدي بلعباس .

وقد تمّ رفع سلسلة من التوصيات كان نتاج المداخلات والمشاركات من كل المحاضرين ، لعل أهمها :

الحفاظ على الملتقى الوطني ” ميراث العيد ” ، وبعث فعالياته سنويا مع تغيير الثيمة ورئيس الملتقى.

-العمل على إصدار مجلة تعنى بالمسرح الجامعي .

-إجراء مسابقة دورية لكتابة أفضل النصوص المسرحية .

-تبادل العروض المسرحية بين الجامعات لتعميق أواصر الصلة بينها .

-انتاج اعمال مسرحية تحمل على التشجيع على الكتابة ، والـاطير والتمثيل والإخراج .

-القيام بدورات تدريبية بشكل منتظم لكل مهتم بالمسرح .

-ضرورة أن يكون كل طالب دكتوراه باحث مرفقا بأستاذه المشرف للوقوف عند فحوى المداخلات .

العمل على نشر مداخلات الملتقى ضمن العدد الرابع من مجلة دراسات فنية التي يصدرها مخبر الفنون والدراسات الثقافية .

صفوة القول ، أن الملتقى الوطني الأول ” ميراث العيد ” المسرح الجامعي الواقع والآفاق ، يعدّ بذرة نحو العطاء مستقبلا ، والعمل على احتواء المبادرات ، ناهيك عن الاحتفاء بعطاءات من سبقونا في الحقل الأكاديمي المعرفي والمجال الميداني ، ليكونوا مرجعا خصبا وقدوة يحتذى به ، بخاصة وان ثيمة الملتقى تهتم بشريحة الطلبة والأساتذة والمهتمين ، حيث من خلال شتى المداخلات تمّ رفع عديد العراقيل والكشف عن طموح أكبر في العمل على تجاوزها ، ناهيك عن دقّ ناقو س الخطر الذي يتربّص بأبي الفنون كتخصص بخاصة على مستوى الكليات وأقسام الفنون في ظل غياب المبادرات والرغبة الصادقة نحو الاهتمام بالمسرح وسيلة نحو الابداع والتحدي ومجالا لاحتضان المواهب والكفاءات وتوجيهها .

بـقـلم : عـبـاســيـــة مـــدونــي- سـيـدي بـلـعــبـاس-الـجــزائــــر

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *