مسرح الطفل رافد معرفي منظور يحجز مكانه في «الشارقة للكتاب»

 

ثلاثة أعمال مسرحية للأطفال وجدت طريقها للعرض، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ31، إيماناً من القائمين على “الشارقة للكتاب” بأهمية مسرح الطفل، ودوره كرافد معرفي يتفاعل معه الأطفال، مستحضرين وجدانهم وتفكيرهم، فضلاً عن أنه يعلمهم بطريقة ترفيهية، ويكسبهم العديد من القيم دون تلقين مباشر. وهكذا بات مسرح الطفل خطاً موازياً للكتاب المقروء لايقل أهمية عنه في المهمة والغاية.

 

 

أزهار البياتي (الشارقة) – المسرح أداة تعليمية وتربوية استثنائية لفئة الأطفال، كونه يحمل مضامين فكرية واجتماعية وترفيهية تسهم في تطوير الأفراد والمجتمعات بشكل عام، ومن هذا المنطلق اختار معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحادية والثلاثين أن يكون لثلاثة أعمال مسرحية مخصصة للطفل نصيب من الاهتمام والحضور، إلى جوار الكتاب المقروء، بوصفه رافداً معرفياً آخر من روافد الأدب والإبداع.

دور ريادي

جاء معرض الشارقة للكتاب للعام 2012، بجملة متميزة من الفعاليات والبرامج التي تحتفي بالطفل العربي وترتقي به في حقول شتى، ليأخذ المسرح دوره الريادي المنوط به، ويكون نبراساً جديداً للثقافة والفنون، وعبر مجموعة من الأعمال المسرحية الهادفة، والتي تضمنت في محتواها رسائل سلوكية وتربوية موجهة، إذ حظي جمهور كبير من الأطفال الزوار بفرصة الاستمتاع والمرح في ظل أجواء فنية غنية لافتة.

إلى ذلك، يقول أحمد العامري، المدير العام لمعرض الشارقة الدولي للكتاب “مسرح الطفل فن راق يحمل في طياته العديد من القيم التعليمية والسلوكية والأخلاقية التي تؤثر في نفسية الناشئة وتوسع مداركهم، والمعروف أن المسرح وسيلة مهمة ومعتمدة من وسائل التربية وتنمية الشخصية وتطويرها”. ويضيف “لأننا نهتم بكل ما يتعلق بثقافة الطفل العربي، واهتماماته، وتطلعاته نحو المستقبل، وتلبية لتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المؤمن بدور المسرح كعراب للثقافة والفنون، فقد ارتأينا ضرورة مصاحبة عروض مسرحية مخصصة للأطفال لفعاليات وأنشطة معرض الشارقة الدولي للكتاب، لأننا نعي دورها وشأنها الذي لا يقل عن شأن الكتاب والمطالعة تأثيرا وإمتاعا”.

ويتابع “من خلال المسرح يتمكن الطفل من دخول تجربة راقية وخاصة، عبر حبكة قصصية بشخوص حية ومتحركة ينظر إليها ويسمعها ويتفاعل معها بشكل مباشر، ما يستدعي استحضار وتحفيز كل عناصر فكره ووجدانه وخياله، وهذا بالذات ما يعطي للمسرح زخمه وقيمته الفكرية والمعنوية، لأنه مؤثر قوي وجاذب لانتباه المتلقي، ما استدعى حضور هذا الفن المتميز ووجوده البارز ضمن برامج المعرض، ليكون مصاحباً لأنشطة جناح الأطفال وداعماً لتوجهنا العام في إغناء ثقافة الطفل العربي وإثارة تشويقه وخياله”.

أعمال هادفة

حول استضافة مسرح الطفل على أجندة فعاليات معرض الشارقة للكتاب، تقول هند لينيد، رئيس مجلس برامج الأطفال في معرض الشارقة للكتاب إنه “من منطلق الإيمان بأن المسرح نشاط فني وثقافي وإنساني لا يختلف، أو يتضارب مع فلسفة القراءة، من ناحية الفوائد والمحصلات التعليمية والتربوية والترفيهية، فهو في إطاره العام منسجم معها ومساند لدورها، فمسرح الطفل رافد معرفي ومهاري إضافي له دلالاته وانعكاساته المختلفة على جوانب متعددة من الشخصية الإنسانية، خاصة على صغار السن، إذ يعد من الفنون الاستثنائية التي بإمكانها التأثير في الأفكار والمشاعر”. وتوضح “خصصنا للدورة الـ31 من المعرض، باقة من الأعمال المسرحية المتميزة، لنستضيفها على مسرح في الهواء الطلق، منها مسرحية “سارة والغراب” للمخرج الإماراتي مرعي الحليان، مع مسرحية ثانية بعنوان “حياتي في البر” للمخرجة خالدة مجيد، بالإضافة إلى عمل مسرحي آخر بعنوان “دعوة حب” للكاتب والمخرج الكويتي المعروف عادل عبدالعزيز المسلم، هدفها بث أجواء مرحة ومبهجة في أروقة المكان، ورسم الابتسامة على وجوه الصغار”.

وجاءت العروض المسرحية، ضمن برنامج الطفل بمعرض الشارقة الدولي للكتاب من منطلق أن المسرح هو الفن الوحيد الذي يجمع الكلمة واللون والحركة في بوتقة واحدة، وبأسلوب قادر على الإمتاع والتأثير المباشر في المشاهد، وكون مسرح الطفل خاصة يمتلك العديد من عناصر التشويق والجذب والإثارة، ما يجعل الأطفال عادةً متجاوبين مع ما يتم طرحه في العروض المسرحية، من قيم وتعاليم وثقافات ترتبط بالمجتمع والتاريخ والوجود، وعبر لغة حوارية راقية تمتاز بالبساطة والسلاسة والعفوية والبعيدة عن التعقيد، كما أن المسرح يربط الطفل بعلاقة تفاعلية مع الممثلين في العمل، إذ لا يفصل بين الخشبة وجمهور المسرح أي حائل، أو مانع من التواصل، خاصة في تلك العروض التي تتيح في بعض أجزائها إقامة حوار مع الحضور في الصالة.

واختارت إدارة معرض الشارقة للكتاب الأعمال المسرحية الثلاثة “سارة والغراب”، و”دعوة حب”، و”حياتي في البر” تحديداً لاحتوائها على مضامين مرتبطة بالقيم الإنسانية والأخلاق الحميدة والمثل العليا، إضافة إلى أنها تهتم بالبيئة الخليجية والإماراتية، إضافة لما تطرحه من معان تمتاز بالرقي والدعوة للحب والخير والتعاون بين جميع أطياف المجتمع.

العبرة في النهاية

عن عمله المسرحي، الذي قدمه في معرض الشارقة للكتاب، يقول الفنان الإماراتي مرعي الحليان، إن “سارة والغراب” عمل، مخصص للأطفال من عمر 5 وحتى 12 سنة، وهو من تأليف الكاتب أحمد الماجد، ومن بطولتي أنا وكوكبة واعدة من الفنانين الإماراتيين الشباب، ومنهم الوجه الجديد شمس، التي لعبت دور البطولة في المسرحية، مع كل من الفنان عبدالله سعيد، وعمر الملا، وخالد المرزوقي، وسليمان محمد، وخليفة محمد”.

ويضيف “تتضمن المسرحية ثلاث أغان استعراضية من تأليف وألحان الإعلامي عادل خزام، وهي تحكي حكاية فتاة صغيرة تدعى سارة لا تحب القراءة ولا تهمها المطالعة في الكتب، مفضلة الألعاب الإلكترونية، وقضاء الوقت أمام جهاز الكمبيوتر، لتتصاعد الأحداث بعد زيارة الفتاة لبيت جدها الذي شجعها على تصفح كتاب يحكي قصة الغراب مع الببغاء المسيطرين على أكبر شجرة مثمرة وسط الغابة، فتندمج سارة مع الأبطال، وتعيش هي أيضا الحكاية والمغامرة، وتصبح بدورها جزءا من الأحداث، ومدافعا عن حقوق الضعفاء من العصافير، وهكذا نستعرض أوجهاً من الصراع بين القوة والضعف، والخير والشر، ليستنبط الأطفال الحضور معاني ومفردات للتعاون والحب والمشاركة الوجدانية بين المخلوقات، فيستشعروا قيمة الانتظار والصبر، ويستخلصوا كيف أن العبرة دائما تكون في النهاية”.

وتعتبر المسرحية الغنائية “حياتي في البر”، التي رعاها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، للكاتبة صالحة غباش والمخرجة خالدة مجيد، عملاً فنياً غنائياً واستعراضياً مشوقاً، يعكس جانباً مثيراً من حياة البر، بمشاركة نخبة موهوبة من الأطفال، تلعب أدوار بعض الحيوانات والطيور البرية، مثل الجمل والغزالة والحمامة والعصفور والقنفذ، لتشكل فيما بينها مشاهد ممتعة وظفت بقالب كوميدي خفيف، يؤكد في مضمونه العام أهمية الحفاظ على عناصر البيئة والطبيعة، ودورة استدامة الحياة.

 

http://www.alittihad.ae

 

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *