“هاملت الصينية” على مسرح بريطاني

أصبحت مسرحية “يتيم تشاو” التي يعود تاريخها لقرون مضت ويطلق عليها اسم “هامليت الصينية” أول مسرحية صينية تنتجها شركة رويال شكسبير، حيث يرى المخرجون الجدد في هذه الشركة أن مرتادي المسارح بدأوا في الاتجاه نحو مشاهدة الدراما الصينية في مسارح بريطانيا.

 

 

وفي الصين، يعرف الجميع قصة “يتيم تشاو”، حتى وإن لم يكونوا قد شاهدوها على المسرح.

فقد كتب جي جونشيانغ هذه المسرحية عام 1300 تقريبا وتستند قصتها إلى أحداث حقيقية حدثت قبل ذلك بقرون وتدور حول أحداث وقعت بين قبيلتين متحاربتين، استطاعت إحداهما ابادة الاخرى، ولم ينج من تلك القبيلة سوى طفل واحد، نشأ على أمل أن يثأر لقبيلته.

وتروى تلك القصة في الصين بطرق مختلفة ولا حصر لها، ولا تزال بعض إصداراتها المسرحية محافظة على أسلوبها التقليدي.

وفي عام 2010، تحولت قصة المسرحية الى فيلم سينمائي بعنوان “تضحية”، الذي أخرجه كايغ شين.

وخلال العقود الثلاثة الماضية، كانت هذه المسرحية أول مسرحية تترجم في الغرب، كما أن فولتير كتب واحدة مماثلة لها عام 1753.

إلا أنه ومثل باقي الأعمال الكلاسيكية الصينية، فإن تلك المسرحية غير معروفة بين الجماهير الأوروبيين، حيث إن المسرحيات الصينية لم تكن تعرض على مسارح بريطانيا، وذلك منذ القرن التاسع عشر الذي اختفت فيه الأشكال الفنية التقليدية الصينية التي تعرف بالاسم الفرنسي “شينواسيري”.

ويعمل غريغ دوران الرئيس الجديد لشركة رويال شكسبير على إخراج المسرحية التي كتبت برؤية جيمس فينتون وعرضها في مسرح البجعة الذي يقع في مدينة ستراتفورد أبون إيفون البريطانية.

ويأمل دوران أن تلقى هذه النسخة من المسرحية تعاونا إضافيا من قبل الصينيين، وأن توجه الأنظار مرة أخرى إلى الفن الصيني.

وقال دوران: “هناك مميزات عظيمة للدراما الصينية لا نعلم عنها شيئا. وفي الحقيقة، فإنني لم أعثر حتى على ترجمة أي من المسرحيات الصينية التي أردت أن أقرأها باللغة الإنجليزية.”

وتابع قائلا: “لذا، توصلت في النهاية إلى أن تشاو هي العمل المناسب لإبدأ به، لقيمتها ولكونها أول مسرحية صينية قرأها الأوروبيون على الإطلاق.”

وقال: “ما شدني بشكل خاص في القصة هو أنها ملحمة ذات طابع شكسبيري، كما أن لها عمقا نفسيا حقيقيا يتوافق بشكل كبير مع ما نقدمه من أعمال في شركة رويال شكسبير.”

مواضيع عالمية

وعندما أعلن عن هذا الإنتاج الجديد، واجهت المسرحية انتقادا أنها لا يؤدي ممثلون آسيوين أدوارا بها بالقدر الكافي.

إلا أن شركة رويال شكسبير اعترفت منذ ذلك الحين أن الظهور القليل للممثلين الصينيين وممثلي شرق آسيا على المسارح في بريطانيا بدأ يمثل مشكلة حقيقية، وأعربت عن استعدادها لإقامة منتدى يناقش ذلك الأمر.

وقال تيان يوان تان، خبير تاريخ الدراما الصينية من مدرسة الدراسات الإفريقية والشرقية بلندن، إن لمسرحية “يتيم تشاو” خصائص تجتذب الكتاب والمخرجين من خارج الصين.

وتابع تيان يوان: “عندما ترجمت تلك المسرحية إلى اللغة الفرنسية، وصفت تلك المسرحية بأنها مسرحية تراجيدية، وذلك بالرغم من أن مفهوم التراجيديا هو مفهوم غربي في الأصل ولم يحمل أي معنى لدى الصينيين.”

وأضاف: “إلا أن ذلك الوصف كان ولا يزال مفيدا، حيث إنه جعل الجمهور يشعر بارتياح أكبر نحو ذلك الاسم الذي قد يبدو مستغربا أو غامضا. لذا فإنه وبالرغم من أن المقارنة مع شكسبير لم تكن دقيقة، إلا أنها أعطت للمسرحية فرصة لأن تؤدى على مسارح بريطانيا في القرن الثامن عشر.”

وتحدث تيان يوان واصفا إياها بأنها قصة تحوي موضوعات عالمية، كالشؤون العائلية، والانتقام، والولاء، وما يختاره الناس من قرارات. لماذا يضحي الناس بحياتهم من أجل الآخرين؟ إنها مسرحية تتحدث عن اختيارات أخلاقية، وذلك موجود في كل الثقافات.”

وبينما كان غريغ دوران يعد لهذا الإنتاج الجديد للمسرحية، قام بزيارة بحثية إلى بكين، ساعدته على أن يدرك الاختلافات الثقافية الرئيسية مع الثقافة الصينية.

وقال: “قد يكون الصينيون قد سمعوا عن هاملت من ذي قبل، أكثر ممن سمعوا عن “يتيم تشاو” من الغربيين.” مشيرا إلى أن قليلين جدا يمكنهم أن يتعرفوا على قصة واحدة من الكلاسيكيات الصينية.

ويتزامن افتتاح الإنتاج الجديد للمسرحية مع انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الثامن عشر في بكين، والذي سيعمل على اختيار جيل جديد من الزعماء لقيادة ثاني أكبر اقتصادات العالم.

وقال دوران إنه على يقين من أن الصين آخذة في الانفتاح على تأثيرات جديدة، كما أن الغرب يحتاج أيضا للتعرف على الصين أكثر.

فينسينت داود

مراسل بي بي سي للشؤون الفنية

http://www.bbc.co.uk/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *