رحيل أسامة العارف.. المؤلف المسرحي الحالم بالربيع

 

غيَّب الموت المحامي اللامع، الكاتب المسرحي البارز، المناضل الاجتماعي اسامة العارف، وقد خسره لبنان والعالم العربي وجميع المعنيين بالعمل الثقافي والفني، فضلا عن المدافعين عن حرية الكلمة وعن الديموقراطية وحقوق الانسان.. وملامح «الربيع العربي» التي تراءت في مسرحيات قام بتأليفها قبل عقود من بزوغ الثورات.

 

 

صديقه عبيدو باشا الذي صدمه الخبر المفجع، تحدث عن اسامة الذي وجد نفسه وحده منذ لحظة حضوره الأولى. مات أبوه، أجبره ذلك على أخذ أحد أصعب القرارات في حياته: القانون أم المسرح؟ تلك جرعة كآبته الأولى.. فكتب مسرحية «إضراب الحرامية».. ثم غادر المسرح لسنوات فأصبح جذرياً وعنيفاً، فكل قراءاته خضعت للجذرية والعنف، وأدت كل قطيعة مع المسرح إلى اجتياز وادي الموت، حسب تعبير الفنان عبيدو باشا لصحيفة السفير.

أجل، لقد قام بأدواره المعينة في المسرح، بالمحاماة، وبأدوات المحاماة في المسرح، ومنه في عام 2000 مع «بنسيون الست نعيمة».

أسامة العارف يقول عن مسرحية جديدة: إذا فشلنا في الوصول الى الجمهور فهذه مشكلتنا وليست مشكلة الجمهور.

المسرحية كتبها أسامة وأخرجها بيتي توتل، بعنوان «أيام بتسوي فرانكو» وتعود الى الحرب الاسبانية وجمهورية فرانكو، في اسقاطات على وضع بلده لبنان.

الاسم الأول كان «حياة وآلام الجنرال فرانكو» لكن جرى تنبيهي – يقول اسامة – خوفاً من الخلط بين السيد المسيح والأفلام المتعلقة به وآلام الجنرال فرانكو، لذا جرى استبعاد هذا الاسم حتى لا يكون هناك حساسيات».

الكاتب المحامي يعترف بأن «هناك واقعاً جديداً صار نتيجة تراكمات تجربتي السياسية والفنية، والمسرحية هي نتيجة تغير الواقع القديم، سواء على صعيد الموقف السياسي، أو لغة المسرحية. هذه هي المسرحية الثانية التي أتحرر منها من كل القواعد التي كنت أربط نفسي بها في مسرحية إسكندرية».

وفي 17 سبتمبر الماضي كرم مهرجان ملتقى الشباب في مسرح المدينة للثقافة والفنون، بالتعاون مع وفد الاتحاد الأوروبي وأغنستك للفنون المسرحية AGONISTIK.

اسامة العارف الى جانب المخرج يعقوب الشدراوي والشاعر بول شاوول وآخرين.

العارف لم يترك ايا من جوانب العمل الوطني والانمائي والثقافي الا وكانت له فيه مساهمات وطروحات ذات طابع جذري، انقاذا لفلسطين وشعبها، وللامة العربية من سباتها العميق، ولليسار اللبناني والعربي (الذي انتمى اليه الراحل) من المراوحة او الانحدار او التلكؤ والفشل. وها هو يتحدث بصراحة في 16 نوفمبر 2011 في ندوة دعت اليها رابطة أصدقاء كمال جنبلاط (الذي كان من اعز اصدقائه) عن «واقع الحركة العمّالية في لبنان، صراع دائم بين المطالب الاجتماعية والضغوط السياسية، كيف السبيل الى إعادة توحيد الحركة العمالية وتصويب مسارها وانعتاقها من هيمنة السياسيين؟».

وقبل ساعات من غيابه المفجع، فوجئ بعض اصدقائه بصراحته المعهودة.. ولكن هذه المرة في الكلام عن لحظة الوداع: لقد اهملت نفسي صحيا، وتأخرت في المجيء الى المستشفى.. النهاية تقترب.

لا، لن يتم اسدال الستار يا اسامة، المحامي والمناضل والكاتب المسرحي و«المشاكس» في وجه الظلمات.. بل على العكس، سينفتح الستار امام مزيد من الاشراقات المضيئة في عالمنا العربي المكبل بالاغلال.

د. نبيل حاوي

 

http://www.alqabas.com.kw


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *