مهرجان المسرح الأردني يوثق تاريخه ويحتفي بالمسرح العربي

 

 

 

ما يزال المشهد المسرحي الأردني، ورغم ظروف مادية تتعلق بالإنتاج والمضمون، يضيء شعلته في وجه الظلام آملا أن يحقق تأثيرا وتغييرا في اهتمامات جمهوره.

مما لا شك فيه أن هناك ارتفاعا ملحوظا في جمهور المسرح ظهر في مهرجانات وزارة الثقافة للمسرح ومنها؛ مهرجان الطفل للمسرح، ومهرجان عمون، ومهرجان المسرح الأردني للمحترفين، ما يدلل على أهمية إيجاد دراسة لاستيعاب جمهور المسرح.

مهرجان المسرح الأردني في دورته الحادية والعشرين، استطاع أن يحقق نقلة مهمة نوعية إلى حد ما تحسب لصالح وزارة الثقافة متمثلة بوزيرة الثقافة د.لانا مامكغ وأمين عام الوزارة مأمون التلهوني ومديرية المسرح والفنون التابعة لوزارة الثقافة متمثلة بالفنان محمد الضمور.

إن جهود الوزارة ورفع ميزانية المهرجان حوالي 20 % مقارنة بالسنوات الماضية دلالة على اهتمام جاد بمسيرة الفن المسرحي الأردني بشكل دفع الكثير من المهتمين بالمسرح من الأردن والدول العربية لتقديم نماذج المشاركة ضمن الموسم.

لا شك أن قيمة المهرجان تلقائيا ارتفعت في ظل تواجد ظروف قاسية تمر بها الدول الشقيقة -وتحديدا سورية والعراق ومصر- وغياب المهرجانات المسرحية العربية؛ ما جعل مهرجان الأردن المسرحي ملجأ حيويا قادرا بوعي الجهات الرسمية الأردنية على استقبال الحشود العربية للتعبير عن لغتهم وقضاياهم من خلال المسرح.

ولعل المهرجان الذي اختُتم في الرابع والعشرين من الشهر الماضي واستمر على مدار عشرة أيام، حقق الكثير من الايجابيات التي تحسب للفن الأردني المسرحي العربي.

المشاركات المسرحية التي اختارتها اللجنة المشرفة على العروض (وتكونت من؛ د.مخلد الزيودي، نبيل نجم، د.فراس الريموني، محمد الضمور) كانت مميزة، وإن اختلف النقاد والمسرحيون حيالها، إلا أنها استطاعت أن تفضي إلى مواضيع مختلفة رسخ فيها الهم العربي المشترك.

وكانت قد شاركت في المهرجان المسرحيات الأردنية؛ (ونحن نسامح) للمخرجة سوسن دروزة، و(أعراس آمنة) للمخرج د.يحيى البشتاوي، و(بيت بلا شرفات) للمخرج فراس المصري، و(عصابة دليلة والزيبق) للمخرج حكيم حرب، و(حرير آدم) للمخرج إياد شطناوي، و(ذات الرداء الأحمر) للمخرج محمد بني هاني. أما المشاركات العربية فكانت: (بين بين) من المغرب، و(ليلة الإعدام) من الجزائر، و(أحلام كرتون) من العراق، و(خيل تايهة) من فلسطين، و(امرأة لا تريد أن تموت) من الكويت، و(زهرة الحكايا) من عُمان، و(الحصالة) من الإمارات.

ولعل جميع المشاركات المحلية والعربية قدمت إضاءة مختلفة المواضيع منها الإنسانية والاجتماعية وأخرى السياسية، والتي رآها البعض حققت أهدافها في الوصول إلى المشاهد والمتلقي.

ما ميّز مهرجان المسرح الأردني في دورته الحالية؛ الجمهور الذي تنافس على إيجاد مقعد خاص به لمتابعة العروض المسرحية، وهو الأمر الذي يستدعي إلى دراسة عميقة لجمهور المسرح رغم موسمية المهرجانات.

بعض الحضور لم يتمكن من متابعة العروض بسبب العدد الكبير الذي غصت به المسارح، علاوة على أن العروض ونتيجة لظروف خاصة بإدارة المهرجان قدمت مرة واحدة مما وضع بعض الحضور في خانة الحضور المبكر جدا، أو الجلوس على الدرج المقابل للمقاعد في المركز الثقافي الملكي بقاعتيه (هاني صنوبر ومحمود أبو غريب)، وربما تفويت حضور المسرحية بسبب عدم وجود أمكنة.

المهرجان استغنى عن الجوائز للأعمال لحساب الندوات التقييمية التي رافقت كل عرض قدم على المسرح، إضافة إلى قراءة للمختصين ومناقشة لجمهور المسرح حول العرض والذي أثمر عن تطلعات حيال العمل أسهمت في تقبّل المخرج للنقد والحديث حول عمله المسرحي.

أما الندوات الفكرية التي كانت الأقل حظا في جمهورها الذي لم يتجاوز العشرات، إلا أنه قدم أوراق عمل وبحوثا مهمة حيال رؤى الشباب أنفسهم بالمسرح وأهمية التواصل مع تجارب الرواد بالمسارح العربية والاطلاع عليها.

الندوات الفكرية كانت تحت عنوان “الشباب صنّاع مسرح المستقبل” وتناولت أهمية دور الشباب ومنهم الأكاديمي في تثقيف أنفسهم والاستفادة من تجارب من سبقهم.

وتناولت بعض الأوراق والأبحاث تجارب الشباب المسرحي في الدول العربية، والمعوقات التي يواجهونها بالمسرح وكيف يسعون إلى تخطيها.

وناقش بالجلسات كل من: أسامة أبو طالب من مصر، د.عمر نقرش من الأردن، هزاع البراري من الأردن، د.سامي الجمعان من السعودية، فادي سكيكر من سورية، د.خزعل الماجدي من العراق، محمد يوسف نصار من الأردن، د.عبد الواحد ياسر من المغرب، يوسف البحري من تونس، عصام أبو القاسم من السودان، د.رامي حداد من الأردن.

ولعل حضور الندوات الفكرية القليل كان من ضمن معضلات المهرجان التي بحاجة الى إعادة تصويب في توفير تلك الندوات لطلبة الجامعة المختصين بدراسة المسرح من قبل الأكاديميين، خصوصا أن عددا منهم يعمل بالجامعة وكان بإمكانه دفع الطلبة لحضور الندوات بدلا من محاضراته الجامعية.

الخدمات اللوجستية التي وفرها المهرجان من إقامة الوفود بفندق قريب لفعاليات المهرجان نقطة مهمة أسهمت في تواجد الضيوف بالوقت المناسب وعدم تعطيل أو تأخير بتقديم الأعمال والندوات. علاوة على عمل فريق الوزارة من علاقات عامة وتقديم النشرة اليومية للمهرجان التي راقت الضيوف لكونها اهتمت بفعاليات العرب المشاركة كافة، إلى جانب جهود المصورين الذين لم يتوانوا عن نقل أحداث الفعاليات.

ولا ننسى أهمية صفحة الفنان الأردني سعد الدين عطية عبر صفحات التواصل الاجتماعي ونقله للصورة اليومية للمهرجان وأهم ما جاء فيه، مما أسهم بحصد جمهور للمسرح وللمتابعة المسرحية.
ومن ضمن امتيازات المهرجان بدورته أيضا إطلاق مشروع “خزانة الذاكرة” ذاكرة المسرح الأردني والتي تحفظ الأرشيف الذي كتب عن المسرح الأردني في موسوعة ومكتبة الكترونية يمكن الرجوع إليها من قبل الباحثين والدارسين الأردنيين والعرب بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح.
وقدمت النسخة الأولى إلى وزيرة الثقافة خلال الافتتاح من قبل رئيس الهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله الذي تبنى المشروع قبل عامين.

مهرجان مسرحي عربي بهوية أردنية حمل مشاركات وتواصلا بين الوفود المشاركة والتي اهتمت بالفعل المسرحي والفكري والتقييم للعروض، قدم اجتماعا عربيا لافتا أفضى ليظل الأردن نقطة مهمة على خريطة المسرح العربي، وفق المسرحيين العرب والأردنيين.

وتعد إقامة المهرجان واستمراريته منذ 21 عاما نقطة مهمة وفارقة في المهرجانات العربية التي تهتم بالفعل المسرحي وتصرّ على تواجده بوصفه أبا الفنون وأهم ركيزة للتعبير والتغيير.

سوسن مكحل، “الغد”

 

 

http://culture.gov.jo/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *