‘الإخراج المسرحي’ .. يتناول تاريخ المسرح العالمي منذ عهد الإغريق وحتى الآن

 

 

 

عبر سلسلة “دراسات”، تسعى الهيئة العربية للمسرح بالشارقة لتوفير مفاتيح للمشتغلين بالمسرح، حتى يمكنهم متابعة مستجدات المسرح عربياً ودولياً، وبحيث توفّر لهم هذه السلسلة ما هو جديد سواء في قضايا المسرح المعاصر، أو بشأن مفاهيم وأطروحات المسرح في بيئات متباينة في زمن العولمة التي هزت أركان الأنظمة وعبثت بالقيم، حتى صار ضرورياً أن يواجه المشتغل بالمسرح همومه بنحو جديد وبصيغ جديدة، وأمام جمهور متجدد وجديد، بمعنى أن تتبدل الثقافات الساحة ومواجهة رياح ثقافة طارئة، كما تهتم هذه الإصدارة الجديدة بتوفير تنوير وتوعية عامة، تهدف إلى ذائقة جمالية تواكب المتغيرات وتؤسس لكيان مرضي لا بد أن يكون.

ويتناول كتاب “الإخراج المسرحي” للدكتور جميل حمداوي تاريخ المسرح العالمي من عهد الإغريق إلى يومنا هذا، مروراً بالكثير من المدارس والاتجاهات الفنية ومدارس الإخراج، وفي مقدمة الكتاب يقدّم المؤلف “تعريف المسرح” قائلاً: المسرح أو الفن الدرامي هو تأليف أدبي مكتوب بالنثر أو الشعر بطريقة حوارية موجه للقراءة أو العرض، ويستعين المسرح الدرامي بمجموعة من العناصر الأساسية أثناء العرض مثل: الكتابة والإخراج والتأويل والديكور والملابس، وتشتق كلمة دراما من الفعل والصراع والتوتر، وقد يكون المسرح في تاريخه القديم ناتجاً عن الرقص والغناء والموسيقى.

وعن تاريخ المسرح العالمي، يذكر المؤلف: ظهر المسرح لأول مرة في اليونان وذلك في القرن السادس قبل الميلاد، ويُعد كتاب “فن الشعر” لأرسطو أول كتاب نظري ونقدي لشعرية المسرح وقواعده الكلاسيكية، ثم يذكر المسرح الروماني، وقد ارتبط المسرح بالحفلات الدينية التي كانت كثيرة، ثم المسرح الوسطي الذي لم يظهر إلا في أحضان الطقوس الدينية ضمن فضاء الكنيسة المسيحية الكاثوليكية، ويمكن الحديث في هذه الفترة عن أنواع ثلاثة من المسرح الوسيطي: المسرح المقدس (الديني)، المسرح المدنس (مسرح دنيوي هازل)، المسرح الأخلاقي. وفي عصر النهضة أثرت ثورة الإصلاح الديني البروتستانتي بقيادة رجل الدين الألماني مارتن لوثر على المسرح، فأخرجه من طابعه المقدس إلى طابع هزلي دنيوي مدنس، لذا انطلق المسرح الكلاسيكي في عصر النهضة من شعرية المسرح الإغريقي والمسرح الروماني عن طريق بعثه وإحيائه من جديد قصد تطويره والسير به نحو آفاق جديدة.

وعن مدارس التجديد المسرحي في العالم الغربي، يذكر المؤلف: لم يعرف المسرح الغربي تحرره من قيود المسرح الأرسطي والانسلاخ عن مفهوم المحاكاة الكلاسيكية إلا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ومن أهم هذه التيارات الفنية والمذاهب المسرحية التجديدية، المدرسة الرومانسية، المدرسة الرمزية، المدرسة السيريالية، المدرسة الوجودية، مدرسة الأوتشرك، المدرسة البريختية أو المسرح الملحمي، وأخيراً مدرسة اللامعقول.

وعن الإخراج المسرحي، يشير الكاتب إلى “ساكس ميننجن” ودقة الواقعية التاريخية، يُعد ساكس أول مخرج في تاريخ المسرح الغربي، ويمتاز أندريه أنطوان صاحب المسرح الحر بالواقعية الفوتوغرافية في المسرح الحديث متأثراً بالمذهب الطبيعي لدى إميل زولا.

واعتمد المخرج الروسي قنسطنطين ستانسلافسكي في تدريبه على الجوانب النظرية والجوانب التطبيقية، وكان يوفق في منهجه بين المقاربة الواقعية والمنزع السيكولوجي، ويُعد المخرج ماكس راينهاردت من المخرجين الألمان البارزين الذين انزاحوا عن النمط الواقعي المباشر، ومن أصحاب الاتجاهات الفنية في المسرح أيضاً، يُعتبر فسفولد مايرخولد من أبرز تلامذة ستانسلافسكي المتميزين في مجال التأطير والإخراج، إلا أنه كان شكلانياً مضاداً للواقعية رافضاً للدعاية الماركسية والالتزام الاشتراكي وربط الفن بالواقع، وكان على العكس يربط الفن بالفن وينفتح على الدراسات الشكلانية والمناحي البنيوية في التعامل مع الظواهر الفنية والدرامية.

ثم يأتي ألكسندر تايروف صاحب الاتجاه التجريدي، والمخرج إرفين بسكاتور صاحب الاتجاه التسجيلي أو الاتجاه السياسي الوثائقي، والمخرج الألماني ليوبولد جسنر صاحب الاتجاه السريالي العصبي، وتبنى المخرج الإنجليزي الثوري إدوارد جوردون كريج منهجاً انتقائياً في إخراجه المسرحي هو الاتجاه الفني، أما المخرج السويسري أدولف آبيا صاحب المنظور الثوري فكان اهتمامه بالإضاءة المسرحية، وأخيراً يذكر المخرج بتواف الذي يُعد من أهم المخرجين التجريبيين في المسرح الحديث والمعاصر.

ويشير المؤلف إلى المخرج أنطونان أرتو ومسرح القسوة، فيذكر: مسرح القسوة هو ذلك المسرح الذي يحرر الإنسان من غرائزه العدوانية، ويخلصه من انفعالاته الغريزية اللاشعورية الموروثة عن طريق التطهير القاسي عبر إثارة الخوف والرعب، ويُعد مسرح القسوة لدى أرتو هو مسرح يتبنى القصور السريالي الجماعي، ويمنح من تصورات فرويد السيكولوجية، وآراء يونك صاحب اللاشعور الجمعي مادام هذا المسرح يقوم على “تحرير قوى اللاوعي الخلاقة”، ويفجر الطاقات الإبداعية الكامنة في الإنسان، كما نقرأ ذلك في قاموس الآداب: “لقد شغف أرتو بالظواهر الغيبية (الميتافيزيقية) وطرائق السحر عند الشعوب البدائية، وبعلم الكيمياء ووسائل التنجيم في الشرق وحالات الهوس والشعوذة”.

وبعد أن قدّم هذا الكتاب المخصص عن الإخراج المسرحي تاريخ المسرح العالمي في مختلف مدارسه الفنية والجمالية والدرامية، يقدّم أيضاً الكتاب في خاتمته مجموعة من صور المخرجين العالميين الأوائل وبعد لقطات من على المسرح مع عرض بعض المسارح العالمية. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

 

كتب ـ أيمن رفعت

http://www.middle-east-online.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *