IN – فرقة “زقاق” وخشبة المسرح “المُشرقة” بإلتزام سياسي وإجتماعي: مرحلة إنتاج مسرحي مُكثّفة ومنتدى أرصفة زقاق…المسرح كنمط حياة!

 

 

إنقلبت المقاييس تلك السنة ما أن فَتَح هؤلاء الشباب باب المسرح و”إقتحموا هالَته”، وتعاملوا مع “سياجه” العريق وكأنه الفعل والإلتزام السياسيّ والإجتماعيّ الأكيد الذي يُقرّبهم بضع خطوات من الآخرين. كانت الخشبة، بالنسبة إلى الشباب الذين تخرّجوا من “معهد الفنون الجميلة” (الجامعة اللبنانيّة)، الفعل الجماعي الأشبه، على قولهم “الموقف المواجه مُختلف الأنظمة التهميشيّة”.

ولد السطر الأول من هذه القصّة الإبداعيّة في العام 2006، وكان توقهم الشديد إلى المسرح الّلبناني، إلى تجربة يغرقون طوعاً في “طبقاتها”، ولم لا أحاسيسها الباطنة. وسُرعان ما تحوّل المسرح نمط حياة اذ إخترقوا جدار صمته عبر أسئلتهم التي إنبثقت منها أسئلة، فأخرى، حملها عشرات من الجمهور في كل مرّة شاهدوا عملاً أو آخر لهم إستفزّهم للتغلّب على الإستسلام .
أطلقوا على أنفسهم إسم فرقة “زقاق” المسرحيّة. فرقة مسرحيّة مُستقلّة لا تنتظر أي شيء من أحد. في العام 2006، جمعتهم “مشاريع الجامعة وذاك الإدراك بأن المسرح، على قولهم، “أكثر من هواية، هو صرخة”. إتفقوا على ضرورة تأمين إستمراريّة العمل المسرحي، فكان، تالياً، التفرّغ “تحصيل حاصل”.
بعض من لمسات الأسئلة الوجوديّة “تدخّلت” أيضاً، فإذا بالمجموعة تتماسك أكثر فأكثر. صار الأعضاء ينتمون إلى عائلة واحدة تنتمي بدورها إلى المسرح، وركّزت “منهجيّة العمل على عمليّة ومسار الخلق. منذ بداية زقاق، ومع كل مشروع، نبتدع طرقاً وأساليب جديدة في الخلق الجماعي. ينبع ذلك من فهمنا بأن المسرح بطبيعته عمل جماعي يصنعه أفراد مختلفون ومتنوعون”. لكل منهم مشروعه الخاص، أفكاره الخاصة، وربما أيضاً جنونه الخاص. عناصر تصبّ في العمل الإبداعي الجماعي. ولكن الخيار بالعمل الجماعي لا يتخلّله “تسلسل هرميّ”، وما من “طبقيّة” في هيكل الفرقة الأشبه بعائلة “تعيش” في “منزل المسرح” المسرح، إذاً، على قولهم، “منهج حياة”، له “هالته” التي “تشتعل غضباً” في وجه الظلم. لا يسعون إلى تغيير بعضهم البعض، يقترحون، يتبادلون الوظائف، يغوصون في مُختلف البحوث. عناصر عدّة يتعاملون من خلالها مع المسرح، يقولون، “كوسيط وأيضاً وسيلة تقدر أن أن تجمع الناس”. إقتنعوا مع مرور الأعوام انه، من خلال المسرح، يستطيعون معالجة عشرات قضايا مُلحّة في “قاموس” الإنسانيّة.
كانت، بدايةً، إجتماعات في منازل أعضاء الفريق، وبعدها الإنتقال إلى استوديو في منطقة العدلية في العاصمة يوحي الإبداع وطقوس حياة “الجماعة”. “سقف” عالٍ، حميميّة، وشبابيك قديمة الطراز، تفاصيل “تحضن” عملية الخلق.
كُتِب في الكرّاس الذي يُعرّف عن الفرقة، “نطبّق المسرح وعلى مدى السنوات الماضية بمستويات مختلفة: إجتماعيّة ونفسيّة ونفسيّة – إجتماعيّة وتربويّة. طوّرنا أسلوباً ومُقاربة خاصّين في المسرح العلاجي والمسرح الإجتماعي، فأقمنا ورشات عمل ومحترفات تدريبيّة وأعمالاً مسرحيّة في مختلف المناطق اللبنانيّة. وضمن إطر وبيئات مختلفة، مُختبرين طرقاً خاصة في ربط تداخلاتنا الإجتماعيّة مع بحوثنا الفنيّة”.
يضعون خلافاتهم المحتومة، الناتجة عن إختلافهم، على الخشبة أمام الجمهور. يسعون إلى “جذب” الناس إلى “دراماتورجيا” العرض، أي عرض يُعالجونه في الساعة. على قولهم، “نعكس تناقضات فكرنا إلى الجمهور، ومن هنا قدرة المُشاهد على أن يجد مساحته في الأعمال. ومن هنا ايضاً إشراكه في عمليّة التفكير”. يلتقون على بعض عناصر ومفاهيم، ويختلفون على غيرها.
الهدف من العروض طرح الأسئلة. لم لا عشرات أسئلة؟ لم لا، على قولهم، “مليون” سؤال؟ ليس المطلوب إيجاد جواب أو آخر. هي إذاً ثقافة الأسئلة، كما يراها هؤلاء الشباب المُنهمكون بالإنسان وتلك القدرة على إبتداع المَشاهد المُثيرة للصور الذهنيّة.
يُعلّقون، “نحن جيل وعينا على كذبة العفو العام”. هي حاجة لـ”نحكي قصّة. كمجموعة، نحن بحاجة جدية لكي نبني القصّة”. قصّة التاريخ؟ “من خلال عودتنا إلى التاريخ فهمنا تفكّكه”.
حالياً تعيش فرقة “زقاق” “مرحلة إنتاج مسرحي مُكثّف”، وتعمل على 4 إنتاجات جديدة، من الجاري إلى كانون الأول 2014، ويمتدّ العمل عبر قارّتين في 4 دول: ألمانيا، المملكة المتحدة، النروج، الإمارات العربيّة، ولبنان.
نذكر منها، “عدوّ الشعب وأعمدة المجتمع: مأساة الفرد”، وعنها يقولون، “كجزء من العمل بالتعاون مع المؤتمر الخاص بجائزة ومنح إبسن الدوليّة، دخلت فرقة زقاق المرحلة الأولى من ورشة في العمل على تشريح نصوص هنريك إبسن. أنجزت المرحلة الأولى في بيروت ما بين 8 و12 تموز، على أن تليها رحلة إلى مدينة إبسن، شين، في النروج من 14 إلى 24 الجاري لإقامة عمل ثانية، حيث تعمل الفرقة على هذا العمل، بالتعاون مع نتالي حرب وعبدالله الكفري ووايد سيرفيس كونسالتنسي. وستعرض الفرقة مُقتطفات من العرض الجاري ضمن المؤتمر المُقرّر في 23 الشهر”.
“هو الذي رأى”، وفيه، “تبحث زقاق في موضوع الموت والأشكال الجديدة من السعي إلى الخلود في المجتمعات المُعاصرة. حصلت فرقة زقاق أخيراً على منحة من الصندوق العربي للثقافة والفنون لعملها الجديد هذا. ويرتكز العمل على ملحمة جلجامش وكتابات أخرى لهاورد باركر، محمود درويش، أنطونين آرتو، مارغريت دوراس وغيرهم، بالإضافة إلى الإستعانة بمواد وثائقيّة وسير ذاتيّة”. “يأتي الموت من العيون”، وعنه، “أيضاً في هذا الإطار، تعمل زقاق على عرض ثان، وهو حوار أدائي بين ممثلين، يهدف إلى مقارنة العوامل التي تسخّف الموت الجماعي والعوامل التي تؤله الخلود الفردي. سيعرض هذا العمل في مهرجان شوينلفراي المسرحي في مانهايم-ألمانيا من 18 أيلول إلى 21 منه”.
“فرانكنشتاين” لماري شيلي، “أخيراً، فرقة زقاق مدعوّة إلى إقامة فنيّة في جامعة نيويورك – أبو ظبي لمدّة سبعة أسابيع لإدارة ورشات عمل، وللعمل على عرض مسرحي جديد مع طلاب في المسرح وفي إختصاصات أخرى. العرض، وهو يستند الى رواية فرانكنشتاين، سيُعرض في تشرين الثاني 2015 في المركز الجديد للفنون الأدائيّة في مجمّع السعديّات الثقافي في أبو ظبي”.

 

هنادي الديري

http://newspaper.annahar.com/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *