عودة هيبة المسرح القومى أهم من افتتاحه

 

 

أسابيع قليلة ويفتتح المسرح القومي بميدان العتبة بعد إعادة ترميمه ليعود إلي الحياة المسرحية، والفنية في مصر.

الدولة دفعت من أموال الشعب ودافعى الضرائب ملايين الجنيهات ليعود هذا الصرح الفني الكبير إلي ما كان عليه قبل حريقه في 2008 وعلي حد المعلومات المتوافرة لدينا أن العمل يجري الآن داخل حرم المسرح بإيقاع سريع، حتي يعود كما كان. لكن الأهم من افتتاح المسرح، هو وضع الضوابط والآليات للحفاظ عليه، باعتباره المسرح رقم واحد في مصر، كما أن دول العالم تتعامل مع مسرحها القومي علي أنها من المناطق المهمة، شأنه شأن أي وزارة سيادية، بمعني وضع ضوابط أمنية بالشكل الذي يجعله لا يتعرض لأي مشكلة بداية من سرقة المقتنيات، وحتي الحريق، وبما أن مسرحنا القومي يقع وسط منطقة زحفت عليها العشوائيات، وفوضى الباعة الجائلين، الذين يحاصرونه بشكل قبيح يصعب معه معرفة معالم المسرح من الخارج.
لذلك أول الضوابط التي يجب اتخاذها من قبل وزير الثقافة دكتور جابر عصفور قبل الافتتاح إجراء اتصالات علي أعلي مستوي لإخلاء المنطقة المحيطة بالمسرح من أي فوضي، فالأرصفة المحيطة أو المقابلة للمسرح عبارة عن سوق تباع فيه الملابس والجوارب والأحذية والذرة المشوى، لدرجة أن رواد المسرح لا يستطيعون الدخول من البوابة الرئيسية، وهذا الأمر هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الحريق يلتهم المسرح كاملاً. وما نشاهده حول المسرح القومي المصري لا نشاهده دائماً، فى كل دول العالم تجد هذا المسرح تحديداً تحاط به الحدائق والأشجار والتماثيل التي تعبر عن عراقة هذا البلد، وتاريخه المسرحى.
وعلي الحكومة أن تبدأ بنفسها بنقل جراج موقف العتبة لأي مكان آخر علي أن يتحول جراج العتبة كاملاً إلي مجموعة من قاعات البروفات، وأخرى للورش الفنية المسرحية، وأخرى لعرض الأعمال المسرحية الصغيرة، على أن تحاط هذه المنطقة بسور، وكاميرات لمراقبة أى خروج على القانون مع الوضع في الاعتبار ترك مساحة كجراج لرواد المسرح. في هذه الحالة فقط سيكون المسرح القومي في أمان. أما أن يعاد افتتاحه وسط هذه الفوضى التي تضرب المكان، فهذا يعني أننا القينا بكل هذه الملايين من الجنيهات في البحر. الدولة خلال الفترة الأخيرة قامت بحملة ضخمة ضد الفوضى الموجودة في شوارع قلب العاصمة، والمسرح القومي في حاجة إلى نفس الاهتمام، مصر ليست أقل من بريطانيا أو روسيا أو ألمانيا أو فرنسا أو النمسا، كل هذه الدول العريقة تحافظ على مسرحها القومي باعتباره من التحف النادرة. وهناك عدد كبير من المسرحيين لا يتصورون افتتاح المسرح القومي وسط هذه الفوضى. وعلي وزير الثقافة جابر عصفور أو غيره من القيادات ألا يتسرع في الافتتاح قبل حل الأزمة حتي لو أدى الأمر إلي تأجيله عاماً أو عامين فليس من المقبول أو المعقول أن نضيع هذه الملايين، وأن نترك مسرحنا القومي وسط هذا المستنقع من الفوضى، نعم الأزمة تعود جذورها لسنين طويلة مضت لكن بما أن ملف الفوضي تم فتحه، فعلي وزير الثقافة أن يستغل هذا الأمر، ويحارب من أجل أن يعود لهذا الكيان بريقه وهيبته التي ضاعت منذ أن سمحنا بالفوضى تزحف إليه، بالدرجة التي جعلت حديقة الأزبكية التي تحيطه مكاناً يلتقى فيه كل أصحاب المزاج العالى. والحكومة الآن تبذل جهوداً كبيرة في إطار عودة هيبتها، وإعادة قلب القاهرة، كما أنشأها الخديو إسماعيل.. وعودة المسرح القومى تحد جديد لهذه الحكومة، ولو استطاع جابر عصفور تحقيق أماني وآمال كل المصريين في إعادة الهيبة لهذا المسرح فهذا يكفيه كوزير للثقافة ووقتها من الممكن أن يرحل عن الوزارة أو يستمر وهو مرتاح الضمير.
تاريخ المسرح القومي لمن لا يعرفه سواء داخل أو خارج الحكومة هو بمثابة ذاكرة الأمة المسرحية، والوطنية، فهذا الكيان شهد العديد والعديد من العروض المقاومة للاحتلال الفرنسي والبريطانى، كما شهد إبداعات يوسف إدريس ونعمان عاشور وسعد الدين وهبة والفريد فرج ولطفى الخولى، ومن المخرجين عبدالرحيم الزرقانى وسعد أردش وكرم مطاوع، وقف علي خشبته زكي طليمات ويوسف وهبى وسراج منير وسميحة أيوب وعبدالله وحمدي غيث وأمينة رزق وفاطمة رشدى ومن المتواجدين في عصرنا حسين فهمي وعزت العلايلى ويحيي الفخراني ومحمود ياسين، مئات من كبار النجوم سطروا تاريخ هذا المسرح إلي جانب الروايات العالمية التي قدمت علي خشبته، من أجل هذا لابد من إعادة المسرح القومي لريادته، وأهميته وهيبته، فهو ذاكرة الأمة المصرية الحقيقية.

 

http://wadymasr.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *