عرض “الأستاذ” يتناول تورط الفن فى السياسة والانحياز والتبعية للسلطة

 

قدمت فرقة القافلة المسرحية عرض “الأستاذ” على مسرح الفلكى بالجامعة الأمريكية بباب اللوق مساء أمس الجمعة، وذلك على هامش الدورة السابعة لمرجان المسرح القومى. عرض ” الأستاذ” عن نص الكاتب سير رونالد هاروود، وهو من إخراج عفت يحيى، بطولة أشرف فاروق، أحمد مختار، نهاد أبو العنين، عماد الراهب، شهيرة كمال، داليا الجندى، حمادة شوشة، ساندرا جرجس. حضر العرض الفنان سيد رجب، كما شهد حضور جماهيرى، ونال إعجاب المتواجدين بعد أن قدم أبطال العمل أدوارهم ببراعة ومصداقية وتلقائية فى الأداء، كما استطاعت مخرج العمل عفت يحيى أن توظف بعض المواقف الكوميدية داخل العرض بحرفية شديد، مما جعل العرض يخرج بصورة أكثر من رائعة، وما أن انتهى العرض حتى ضجة القاعة بتصفيق الجمهور. مسرحية “الأستاذ” جدلية ذهنية حول تورط الفن فى السياسة، وتدور احداثها بعض اندلاع الثورة وسقوط الحكم، وبدء العرض بدقائق من الحضور الصامت على خشبة المسرح تدور حول فكرة علاقة الفن بالسياسية وتورطه فى خدمة النظام الحاكم الفساد وتبعيته له كخادم للسلطة. بدأ العرض بتحقيق مع مخرج مسرحى بعد سقوط الحكم، وأعضاء فرقته المسرحية أثناء إجرائهم أحد البروفات المسرحية، بعد اكتشاف تورطه فى التبعية للنظام الحاكم السابق. العرض يقدم نوعين من البطولة، الأولى حاضره فى شخصية الاستاذ التى يجسدها “أشرف فاروق” الذى يمثل البطولة المهزومة لذلك المخرج المثقف الذى يرغب دائما فى الفصل بين السياسة والفن فى اعماله ويعتقد بأن الفن منغلق على الفن، إلا أنه يحتك بالسياسة دوما. فالمحقق “أحمد مختار” يحاسب المخرج على الامتيازات الذى حصل عليها المخرج فى ظل النظام السابق، وعدم مشاركته فى الثورة، وحماية النظام له من انتقادات الاخرين حيث واجهته معركه مع أحد المخرجين الاخرين، إلا أنه استطاع من خلال علاقته برجال السلطة أن يطيح به خارج الساحة الفنية، وجعله حبيس بيته، كما يثبت عليه اختيار أعماله دائما فى المهرجانات والمحافل الأخرى بالرغم من محدوديتها فى بعض الأحيان مقابل أعمال مخرجين اخرين اكثر ابداعاً، ويحاول المحقق إثبات تبعيته للنظام بشتى الطرق. ومن هنا يطرح العمل سؤالا فى غاية الأهمية، هل أنتاج الفن فى ظل نظام فاسد يعنى الانتماء له واكتساب مشروعيته منه؟ وهل يمكن أن يعيش الفن بمعزل عن السياسية. فى الحقيقة لم يقدم العرض إجابة على السؤال، واكتفى بأن ينهى التحقيق الذى يجرى مع المخرج وأعضاء فرقته بمشهد على شاشة عرض لامرأة تنزلق من أحد المنحدرات وتكرر أكثر من مرة فى تشبية لدوران القضية التى لو لم توجد نهاية أو إجابة لها، لتظل العلاقة بين الفن والسياسية هى علاقة صراع أيا كان نوع السلطة الحاكمة. البطولة الثانية هى للشهيد الغائب التى تروى والدته حكايته والتى تجسد دورها “نهاد أبو العنين”، وتسرد قصته عن محاولاته للهجرة غير الشرعية وخياراته المعدومة التى جعلت من الثورة ملاذا له، حتى ولو ستكلفه حياته، وهذا الغائب المتمثل فى الشهيد يوضح كيف يمكن للهزيمة أن تصنع نوعاً آخر من البطولة هى فى الحقيقة هزيمة متوجه بالشرف والكرامة، فيختلط لدينا كجمهور معنى الهزيمة والانتصار والذى تصغيه أم الشهيد بسلاسة. مفهوم البطولة التى يقدمه العرض ملتبس ومشوش تماماً، كما حدث على ارض الواقع عندما انسحب الرواد عن إنتاج البطولة فعلياً لا احتلالها وعندما احتاج الشباب إلى نوع من البطولة المخلصة دفعوا ثمنها من دمائهم وأرواحهم. اختارت مخرجة العمل عفت يحيى بناء سينوغرافياً العرض من مقاعد عليها رسوم لوجوه الفيوم، وهى أقدم بورتريهات مضبوطة النسب الاكاديمية. ليفتح فضاء ما قبل العرض، فضاء أرحب من المسرح، والمسرح داخل المسرح هو فضاء التاريخ.

 

كتب رحيم ترك ـ تصوير كريم عبد العزيز
http://www.youm7.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *