محمد عبدالله.. 30 عاماً في خدمة «أبو الفنون»

 

 

 

غيّب الموت، أول من أمس، الكاتب والمسرحي محمد عبدالله آل علي في أحد مستشفيات ألمانيا، وأقيمت بعد ظهر أمس الصلاة على جثمان الفقيد في مسجد الصحابة بالشارقة قبل أن يوارى الثرى. وارتبط اسم محمد عبدالله، الذي توفي عن عمر ناهز 59 عاما، بتاريخ المسرح الإماراتي والذي قام بخدمته طوال اكثر من 30 عاما بكل نزاهة وإخلاص، حيث عمل في اكثر من مؤسسة في إمارة الشارقة بعد عودته 1977 من رحلة دراسية أمضاها في الكويت.

تأسيس المسرح

ساهم المسرحي محمد عبدالله في تأسيس مهرجان أيام الشارقة المسرحية منذ عام 1984 حتى العام 2006، ورافق العديد من رموز الحركة المسرحية العربية تأسيسهم المسرح في الشارقة مثل صقر الرشود، وإبراهيم جلال، وجواد الأسدي، ويوسف عيدابي، وفؤاد الشطي، وعبدالإله عبدالقادر، وقاسم محمد، وغيرهم.

وبالرغم من تأسيس الراحل محمد عبدالله للمسرح في إمارة الشارقة، إلا أنه لم يشارك بالتمثيل إلا في ثلاث مسرحيات، وهي: «دياية طيروها» إعداد وإخراج عبد الله المناعي، و«السلطان» من تأليف ناصر النعيمي وإخراج عبد الله المناعي، و«حكاية الرجل الذي صار كلباً» من تأليف أوزفالدو دراكون وإخراج عبد الله المناعي أيضاً.

شخصية قوية

تميز الراحل بالشخصية القوية في الإدارة، والإشراف على الأعمال الفنية التي مثلت الإمارات في العديد من المحافل العربية والدولية، وقد اتسم عمله بالجدية والرصانة، وكرس كل وقته وطاقته لمتابعة وتحقيق وتدقيق العروض والورش والمهرجانات والملتقيات المسرحية في السنوات الأخيرة. كما عمل الراحل في بعض الأعمال الدرامية الإذاعية، حيث شارك بالتمثيل في مسلسل إذاعي محلي من ثلاثين حلقة هو «مملكة الثعابين» من تأليف عبد الرحمن الصالح وإخراج حسين أبو المكارم، وقُدم في «إذاعة الشارقة»، كما شارك بالتمثيل في سهرة تلفزيونية بعنوان «العناد» من تأليف عبد الله السعداوي وإخراج عبد اللطيف القرقاوي في «تلفزيون دبي».

رثاء الأصدقاء

خبر وفاة الفنان محمد عبدالله كان بمثابة وقع الصاعقة الشديدة على جميع أصدقائه وعلى جميع من عمل معه، حيث إن جميعهم استشعروا الفراغ الذي تركه هذا المثقف الإماراتي الكبير، برحيله، بل إنهم رأوا أن أحد الرموز المهمة في دنيا الثقافة والفن والإعلام قد غادرهم.

وقال الكاتب والإعلامي عبدالعزيز المسلم مدير إدارة التراث والفنون في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة: رحيل محمد عبدالله خسارة كبيرة، حيث إنه كان قريباً من أركان الثقافة الإماراتية، وكان إنساناً موسوعياً وشمولياً.

وأضاف المسلم: لقد عاصرت الراحل محمد عبدالله مع بداية نشأة مسرح الشارقة الوطني وكان له الفضل في نشأة العديد من الدوريات الثقافية مثل مجلة «الرولة»، ناهيك عن أنه كان من المحاورين المتميزين في تلفزيوني أبوظبي والشارقة.

حزن عميق

وأعرب الفنان ناجي الحاي عن حزنه العميق على فقدان الراحل والصديق محمد عبدالله، مشيرا إلى أنه برحيل هذا العملاق في مجال الشعر والثقافة والمسرح ترك فراغا كبيرا ليس فقط على مستوى دولة الإمارات، بل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كان للراحل علاقات قوية مع كبار الشخصيات المثقفة والمسرحية على مستوى الوطن العربي.

وأضاف ناجي الحاي: إن خبر رحيله محزن ولا شك في أن فقدانه يعني أن تفقد الساحة الفنية والمسرحية في الإمارات واحداً من أبرز مؤسسي الحراك المسرحي في الإمارات لا سيما في الشارقة، فالفقيد كان مؤرخاً ومعاصراً لأهم الأعمال، خاصة مسرح صاحب السمو حاكم الشارقة، وجميع ما أنتج في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

رفيق درب

واعرب الكاتب ماجد بوشليبي عن حزنه الشديد على فقدان الراحل والصديق ورفيق الدرب محمد عبدالله آل علي، وقال: إن علاقتنا استمرت لأكثر من 30 عاما، والتي بدأت مع أوائل الثمانينات عندما كنا نعمل في بلدية الشارقة، حيث كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى لانخراطي في مجال المسرح والكتابة له، كما أننا كنا معا في كل أعمال المسرح، وكان صاحب فكرة مجلة «الرولة»، التي قدمت افضل الأقلام في مجال النقد، مثل الكاتب جمال سالم من خلال مسرحية (بهلول والوجه الآخر).

وأضاف ماجد بوشلبي: امتاز الراحل محمد عبدالله بأن لديه موسوعة كبيرة ومن الأرشيف الثقافي، ولديه تجربة في الأرشيف الثقافي، حيث كان يقود فريقاً للتوثيق والأرشيف، كما أنشأ مكتبة في مسرح الشارقة الوطني، كما قاد العديد من مهرجانات الثقافة.

في الذاكرة

ولقد نعت الهيئة العربية للمسرح الراحل محمد عبد الله، مؤكدة أنها تقف موقف الإحساس بالفقدان الكبير المتمثل برحيل المثقف الكبير محمد عبدالله آل علي، أحد رموز العمل الثقافي والمسرحي في الإمارات والوطن العربي، أحد رجالات المشروع النهضوي الذي يقوده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حفظه الله، إن المقام ليضيق على تعداد مآثر الراحل وأثره في التأسيس المحكم للثقافة ودورها العضوي في نهضة المجتمع، كما يضيق على تعداد ورسم صورته في الذاكرة الثقافية.

بيان

كانت الهيئة العربية للمسرح قد تشرفت بتكريم الراحل الكبير في مهرجانها السادس يناير 2014، الشخصية العربية المسرحية، وهي تدرك أن تكريم محمد عبد الله إنما هو تكريم لكل المثقفين في الإمارات والوطن العربي، إنما هو إعلاء من شأن الاحتفاء بقيم النبل والعطاء والتفاني، وعلامة لمسيرة ومنهج في العمل الذي ينفع الناس فيمكث في الأرض.لقد استللنا من سيل الشهادات وصفه (جمع بصيغة المفرد) لندخل في عالم رحب من الإبداع والتفاني والعطاء، لندخل في دائرة المعارف الملخصة بفرد، لندخل في عالم من السكينة والمودة والاحترام، لندخل في عالم محمد عبد الله العلي، وها نحن اليوم نودعه وداع الجمع بصيغة المفرد.

 

 

فهمي عبدالعزيز

http://www.albayan.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *