المخرج المسرحي سليم الجزائري: مسرح الطفل لدينا وسيلة لتلميع صور السياسيين

 

أدهشه جدا ان أتذكر مسرحيات للأطفال مثل ( بدر البدور وحروف النور ) و( الصبي الخشبي ) و( الدجاجة الشاطرة ) وأفرحه اكثـر ان أتذكر بعضا من أعماله مثل ( قنديل علاء ) و( قطر الندى والأقزام السبعة) ، ذلك انه يشعر بالإحباط وهو يواجه النظرة القاصرة تجاه مسرح الطفل في العراق بعد ان غادر الغربة وعاد الى بلده محملا بأحلام ومشاريع عديدة .. سليم الجزائري ، مخرج مسرحي عراقي من جيل السبعينات الذي ضم محسن العزاوي وسعدون العبيدي وعوني كرومي وغيرهم ..قدم اعمالا مسرحية قيمة تنوعت بين مسرح الطفل والتجريب والحداثة كما استلهم الكثير من نصوص المسرح العالمي ، وكانت ابرز خطواته في مجال الاخراج خلال فترتي السبعينات والثمانينات مسرحيات (الرجل الذي لم يحارب ) لممدوح عدوان و( المجنون ) لموليير ، و( الثعلب والعنب ) وهي من الأدب اللاتيني ، ومسرحية ( راشامون ) فضلا عن الأعمال الخاصة بمسرح الطفل ومنها ( قطر الندى والسنافر السبعة ) و( جيش الربيع ) و( قنديل علاء ) …كما كانت له مشاركات في المسرح الجماهيري الكوميدي الذي حمل صفة تجارية ومنها مسرحية ( ياحوتة يامنحوتة ) التي ألفها ووضع اشعارها الشاعر كريم العراقي …

يرى سليم الجزائري ان مسرح الطفل في العراق لايخطو الخطوات الصحيحة والمتمكنة لأن الداخلين على خطه حاليا هم جمهرة واسعة وغير متخصصة ، مؤكدا على ان المخرجين الذين لايجدون فرصة للعمل في مسرح الكبار يتجهون الى مسرح الطفل باعتباره ابسط من مسرح الكبار وبالتالي يسيئون الى مسرح الطفل دون ان يتعمدوا ذلك ، فمسرحية الطفل لديهم لاتتعدى مجموعة من الأغنيات وبعض الحكم والحكايات والنصائح وبالتالي ينتج خليط عشوائي ذو تأثيرات هامشية وغير فعالة ولاتنفع الطفل ..ويعتقد الجزائري ان المخرجين يعتبرون انفسهم أوصياء على الطفل وعليه ان يرضى بما يقدمونه له من متعة ساذجة ومظاهر شكلية كالإنارة والأغاني ، لكنه انسان ويجب ان يتلقى التوجيه من خلال قيادته قيادة حساسة ودفعه الى اكتشاف الاشياء بنفسه ليتبناها لا من خلال المواعظ والنصائح فقط فالهدف الجاد غير موجود ..
* ما الذي يحتاجه وجود مسرح هادف للطفل ؟
– تعوزنا دراسات فعلية للمسرح وجهات تتبناه بشكل جاد ..ففي مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية تم دفع ملايين الدنانير للانشطة الاخرى اما مسرح الطفل فخصصوا له ثمانية ملايين دينار فقط ..نحتاج الى توجه عملي وليس اعلاميا بالنسبة للطفل وان يستحدث درس للترجمة في كلية الفنون لاستلهام الأدب العالمي فنحن لانملك كتبا خاصة بالطفل او دراسات عن هذا التخصص بل يعتمد الامر على الجهود الشخصية اذ حاول بعض الفنانين الحقيقيين تقديم مسرحيات جيدة واجهدوا انفسهم لتحقيق ذلك ..بالمقابل ، لدينا اشخاص يعتبرون انفسهم متخصصين ويعتمدون على مناسبات تخص المجتمع المدني فيقيمون مسرحيات لأجلها او يستخدمون مسرحيات الاطفال للتخرج في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه الى مهرجانات لمسرح الطفل لأنها رائعة ومطلوبة..
* ما الذي يقدمه المسرح للاطفال؟
– يفترض بالمسرح ان يعطي الطفل تجربة لاتعطيها له المدرسة او الأسرة فهناك تجارب حياتية يهيئها له المسرح تناسب سنه ووعيه ، كما ان مسرح الطفل له عدة اقسام ويخاطب فئات عمرية مختلفة ويتناول قصصا متنوعة ،وهناك فنانون يفهمون هذا لكنهم لايمتلكون دعما حقيقيا وخاصة من وزارة الثقافة ..
* كيف طورت تجربتك في هذا المجال؟
– لقد خدمتني ظروف سفري الى الخارج بعد تخرجي من معهد الفنون الجميلة اذ سافرت الى تشيكوسلوفاكيا ثم الى السويد واطلعت على تجارب عديدة هناك ، كما تعلمت لغة ساعدتني على مشاهدة اعمال عالمية والاستفادة منها وترجمة بعضها ، وقد قمت بتنفيذ ماينفع اطفالنا منها لكني لم اجد أي دعم هنا بعد عودتي ، فانا اقدم العمل لتصوره الفضائيات ويشاهده الاطفال مرة واحدة في مهرجان او مناسبة وطنية ثم ينتهي الامر فلم يحاول احد اقامة حلقات نقاشية او تطوير للافكار لأن مشكلتنا الحقيقية هي عدم وجود مرجعية فنية لدينا فالغرب يأخذ من أعمالنا التراثية ويحولها الى مسرحيات بينما لا نتبنى نحن نصوصنا الجميلة ..
* ومن هي مرجعيتك الفنية اذا أردت تقديم عمل للأطفال ؟
– مسرح الطفل لدينا هو موضوع خلاف حاليا فالكل يريد تبنيه ..كلية الفنون الجميلة ، دار ثقافة الاطفال ودائرة السينما والمسرح …فيما يخصني ، لا املك فرقة خاصة بي باعتباري فنان ( خارجي ) أي لاانتمي الى اية دائرة رسمية حاليا لذا لاتتعاون معي كل الجهات آنفة الذكر واضطر الى الاستعانة بطلبة معهد الفنون الجميلة وبجهود خاصة وبعد ان نمضي اياما طويلة في التمرينات نعرض مسرحيتنا في يوم واحد كما حصل في مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية ..المشكلة ان مدراء الدوائر الفنية والثقافية لايعنيهم الامر بينما ينبغي عليهم تخصيص دور عرض لمسرح الطفل وجلب الطلبة والاطفال لمشاهدة العروض ..من جانب آخر ، لدينا هنا غلطة كبيرة اسمها كلية الفنون الجميلة فهي تخرج سنويا اعدادا هائلة من الطلبة واغلبهم لاعلاقة لهم بالفن بينما كانوا يتركون اثارا واضحة في السابق بعد تخرجهم ..
* ماهي الحلول في نظرك اذن ؟
– لابد ان تتعاون جهات مختلفة لتطوير مسرح الطفل مثل وزارة الثقافة والكتاب والشعراء والموسيقيين والإعلام وفرق الرقص ..يحتاج الامر الى تكاتف خبرات في مختلف الاختصاصات لكن هذا لايجد لدينا أي اهتمام للاسف بل يبقى الطفل ورقة رابحة يلعب بها السياسيون لتلميع صورهم خلال حملاتهم الانتخابية فقط..
عدوية الهلالي
http://www.almadapaper.net/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *