(الآن فهمْتكم).. مسرحية ساخرة تعاين قضايا (الراهن)

يتواصل يومياً في فندق انتركونتننتال عرض باكورة الأعمال المسرحية الرمضانية لـ «فرقة المسرح السياسي» التي أنشأها الكوميدي موسى حجازين ومجموعة من الفنانين، كنتاجٍ ثقافي وفني طبيعي لثورات الربيع العربي، بحسب  حجازين .

 

 

تتأسس المسرحية الاستعراضية «الآن فهمْتكم»، على مفهوم الكباريه السياسي، وتعكس رسائلُها المباشرة التحولاتِ اللافتة في المناخ السياسي في الأردن، لجهة ارتفاع حرية التعبير في الأعمال الفنية، التي تستنطق الحراك الشعبي وتجسّده، ليس تجاه الحكومات، ووفق محمولات شخصية «أبو صقر»، الرئيسة في العرض، التي اضطلع بدورها موسى حجازين.
المسرحية التي ألفها الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي، تستعيد في بنائها الرمزي «مأساة» نهاية الحاكم في فضاءات الثورات العربية، ففي المشاهد الأخيرة، تكتشف شخصية الأب أن جهودها تجاه أبنائها قد ضلّت طريقها، فيستقبله الأبناء بعبارات على جدران المسرح، أنضجت دلالاتُها هذا الأب «الحاني»، ولكن بعد فوات الأوان: «فاتك القطار» و»ارحل»، فيَعِدُ الأب أبناءه بأنه سوف يتغير ويُصدر قوانين جديدة، ويسرف في وعوده بأن لا توريث في الحكم، ويقول مقولته الأخيرة قبل خلعه: «الآن فهمْتكم»، العبارة التي جاءت عنواناً لهذا العمل الفني، وهي ذات العبارة التي قالها الرئيس التونسي السابق زين العابدين، في آخر خطاب له.
البناء الظاهري لهذا الاستعراض الذي أخرجه محمد الضمور، تأسست لغته المسرحية عبر إثارة الأسئلة السياسية أسئلةً أخرى تعمّق القلق في وعي المشاهد؛ وفق نظام التواصل في إيصال المعنى إليه. فبعد لوحة الاستهلال التي تجسد وصول شقيق «أبو صقر» من إحدى الدول الغربية إلى قريته في الريف، يبدأ انهمار الأسئلة في طيات الحوار الدائر بينهما: «كل شيء في البلد يُباع، حتى القبور»، و»لماذا يحرم المواطنُ العطِشُ ؟». وتتساءل شخصية «أبو صقر» مندهشة: «ماذا تفعل الحكومات؟ لا أحد يحاسبها.
أثارت الحوارات موضوعات شغلت الرأي العام المحلي، مثل مشروع الباص السريع في عمّان، وشركة الفوسفات. وتخْلص الحوارات إلى أن الحكومات هي التي تشكّل مجلس النواب على مَقاسها، وأن المسؤول الذي يحوَّل إلى مؤسسة مكافحة الفساد، يخرج بريئاً ضمن بند «عدم المسؤولية»، وأنها تستخدم تعبير «الوحدة الوطنية»، بالطريقة التي تريدها.
المسرحية، تكشّفت عن جرأة كبيرة، وبلغت السخرية اللاذعة أوجَها عندما طرحت شخصية «أبو صقر» تغيير الشعب بدلاً من تغيير الحاكم، لحل مشكلة الحكم العربي الرسمي!
أدت الأغنية دوراً أساسياً في إيصال المعنى العام للمسرحية، والتي أداها حجازين، بمرافقة عزفه نفسه على آلة العود، وجاء ذلك عبر توظيف أغنية «الأرض بتتكلم عربي» لسيد مكاوي، إذ جرى تحويرها في السياق الساخر للعرض، لتصبح: «الأرض ويا خوفي بتتكلم عبري». وثمة قصيدة الشابي «إذا الشعب يوماً أراد الحياة»، التي استعيدت كأغنية كورال ، للتعبير عن توق الشعوب للحرية، إضافة إلى أغنيات وطنية لأم كلثوم مثل «ثوار ثوار ولآخر مدى».
اتسم الديكور بالجماليات الواقعية، وبخاصة في تجسيد فضاءات دار رئاسة الوزراء، الزاخرة بالأثاث الفخم، وفي تبيان فضاءات الريف التي اندلعت فيها التظاهرات ضد شخصية رئيس الوزراء، إضافة إلى إظهار فضاءات البيت الذي تقطن فيه عائلة «أبو صقر».
شارك في أداء الشخوص المختلفة: غازي قارصلي، جورج حجازين، محمد السوالقة، معتصم فحماوي، خلدون حجازين، أريج دبابنة، بتول الضمور، حنين، محمد الصبيحي وحكمت درويش. وصمم الديكور: محمد السوالقة.

عمّان- جمال عياد

http://www.alrai.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *