«طلاسم» تفك شفرة الخوف و«الحبل» وثق الممثلين

 

 

 

تتوالى فعاليات مهرجان الدمام المسرحي العاشر للعروض القصيرة، الذي تنظمه لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون في الدمام، بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، حيث قدمت فرقة نادي المسرح بجامعة جازان مساء الخميس الماضي مسرحية “طلاسم” على مسرح إثراء، في موقع برنامج أرامكو السعودية للإثراء المعرفي، وهي من تأليف شادي عاشور وإخراج سالم باحميش تمثيل أيمن مطهر عزيزي بحيس وأحمد كاملي.

“طلاسم” العنوان يدفعك الى التساؤل عن مغزى طلاسم المعني، وتنهال عليك احتمالات الاجابات وتعجز عن الوصول الى ما تريد، فحياتنا أضحت طلاسم متتداخلة، فلا تجد بدا من الولوج إلى المباشر ولا العرض من منطقة جازان، يقودك الخيال إلى ما تحتضنه من تراث وآثار وطلاسم وأساطير.  ولكن عندما تقرأ أن المؤلف هو شادي عاشور وهو المتمرس بالنصوص الشعرية، تخمن أنك ستكون أمام حوار غامض، تهيمن عليه الشاعرية، ولكنك امام العرض تجد ان المخرج تمرد على النص وجعل الصراع الإنساني هو محور المسرحية.. الصراع ما بين الخير والشر وما ينجم عنه من آثار على العلاقات الإنسانية، على صعيدي الأفراد والجماعات والشعوب وداخل الذات الإنسانية الواحدة، التي يتنازعها الطرفان.
مجموعة من الطلاسم والأسئلة والأمنيات، حاول المخرج أن يعبر عنها، ويكشف أبعادها من خلال الحوار وحركة الممثلين والسينوغرافيا، ومن الطبيعي أن الحالة النفسية والعاطفة البشرية التي يعبر عنها مسرح عربي تنسحب نحو المظلوم، وتتجه إلى القضية المركزية العربية (فلسطين) التي أصبحت منسية في عالم مجنون من المصالح وعشق الدم وقتال شركاء الوطن.

الجلسة النقدية
عقدت الجلسة النقدية في صالة عبدالله الشيخ بالجمعية، وأدارها الفنان فاضل المصطفى وشارك فيها مخرج المسرحية سالم باحميش، وكانت هناك ثلاث مداخلات رئيسة لعبدالله السعداوي وصالح زمانان ويوسف شغري.
بدأ الفنان عبدالله السعداوي مداخلته بتثمين الجهد الرائع والنوايا الطيبة للمخرج وللممثلين، خاصة وأن المحور كان القضية الرئيسية للعرب (فلسطين) التي أصبحت مغيبة، مبينا أن النص كما هي عادة المؤلف شادي عاشور يتسم بلغة شاعرية، أحدثت إلى حد ما انكسارا لدى الممثل في تجسيد بعض اللوحات على خشبة المسرح، وكان واضحا من فريق العمل حبهم للنص ولخشبة المسرح، وكان من الرائع أيضا نزولهم إلى الجمهور، وكأنهم يسلمون القضية لهم.. جيل يسلم الجيل الذي بعده القضية التي لن تنسى حتى العودة للأرض.
وأشار السعداوي إلى أن الصوت العالي لبعض الممثلين قلل من فعالية الأداء، وكان التماسك سمة من سمات الأداء الحركية في المسرح من الممثلين الأربعة.
الناقد يوسف شغري في مداخلته قال: أعتقد أننا كمشاهدين حصلنا على المتعة، وهذا يعني نجاح الممثلين في تقديم عرض متكامل ورائع، وفي اعتقادي أنني استمتعت الليلة بأفضل عرض منذ بداية المسابقة، ويكتب للمخرج أنه عمل بشكل رائع وتخطيط واضح، وقد ركز على بعض المواقف في المسرحية لصالح العمل، وكانت اللوحات والمشاهد في حالة تفاعل درامية متماسكة ولغة سلسة وسليمة، ومن أجمل المشاهد هو موت الشيطان وخروج الدم من فمه، وطرح القضية الأم في هذا الوقت الذي يشهد تشتت العرب فكريا وثقافيا وحضاريا، كأنه يصفع الجمهور ويذكرهم بالقضية المركزية في وقت صعب.
من جانبه، قال المخرج صالح الزمانان: كان خروج الممثلين كثيراً من على خشبة المسرح، وكنت أتمنى أن يخون المخرج المؤلف ولكن كان هناك التزام شديد لدرجة تشعر بأن النص كتب على المسرح، والمنولوجات مكررة، أما الإضاءة فلم تكن موفقة، ولم توظف بشكل مناسب للعرض.
ومن جانبه، رد مخرج العمل سالم باحميش على بعض التساؤلات والملاحظات على العرض المسرحي عن النص، مبينا بأنه تمرد على النص الاصلي، وقام بتفكيك الطلاسم عنه، وقال: قمنا بخلق صور ولوحات تحاكي الصراع الأزلي القديم الجديد ما بين الخير والشر، وإسقاط الكثير من القضايا على الحياة البشرية، ومن ضمنها القضية الفلسطينية، وهي قضية كل عام وكل رجل وكل طفل بل وكل إنسان حر ولا بد من العودة.
ويتابع باحميش: وقد قمنا بإشراك أحد ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل، وهي مبادرة تحسب لجامعة جازان، وفيما يخص الأغنية ووضعها في أحد المشاهد نشير إلى أنها أغنية لكل أم شهيد ولكل إنسان ضحى بجسده وأرضه وماله وكل ما يملك؛ من أجل وطنه وعرضه، بل من أجل أطهر وأعدل قضية على مر التاريخ.

مسرحية “الحبل”
قدمت فرقة “رتاج” من الإحساء مسرحية “الحبل”، على مسرح الجمعية، من تأليف وإخراج خالد الخميس. 
وتتمحور فكرة المسرحية حول قرية تقع في الجانب الآخر من البحر.. قرية يسكنها أهلها منذ مئات السنين، كانت ولا زالت تعتمد في دخلها على الصناعات والحرف اليدوية القديمة.. تسمع بين جنباتها صوت النهام مستعداً لبدء رحلة جديدة ومغامرة في عرض البحر غوصاً في أعماقه، وبحثا عن كنوزه.
النص يتضمن أبعاداً فلسفية وفكرية عميقة، إلا أن العمل من قبل شباب صغار حديثي العهد بالمسرح، أثر على وصول رسالة النص بالشكل الأفضل.
المشكلة الأخرى التي عانى منها العرض، هي: الإضاءة، فمحاولة استخدام تشكيلات الإضاءة لم تكن موفقة، وكانت العديد من المشاهد تحتاج لإضاءة المسرح بشكل كامل، الديكورات كانت جيدة في توزيعها على الخشبة، واستغلالها على الخشبة كان موفقا.

 

http://www.alyaum.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *