تحفيز قدرات المسرحي

 

ما يميز دورة العرض المتكامل التي تقيمها إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في كلباء، هو أنها تستهدف الشباب الهواة الذين لم يسبق لهم أن مارسوا المسرح أو الذين كانت تجاربهم فيه طفيفة، ويحتاجون إلى التأسيس على البدايات، لذلك صممت لهم هذه الدورة التي بدأت منذ أيام النسخة الثالثة منها، والتي تأتي في العادة مقدمة تمهد لمهرجان المسرحيات القصيرة في كلباء، وهو المهرجان الذي استحدث لفك العزلة المسرحية عن المنطقة الشرقية، ولإيجاد منبر ثقافي صيفي يملأ فراغ الشباب ومنتدى للقاء المواهب الشابة في هذه الفترة من السنة .

يقوم مفهوم التأسيس في هذه الدورة على تزويد المشاركين فيها بأساسيات العمل المسرحي في كل مراحله بدءًا من قراءة الطاولة إلى أن تسدل الستارة على الخشبة، مروراً بكل التفاصيل المتعلقة بالتمثيل والإخراج، حيث يأخذ المتدربون صورة عامة عن المسرح تسمح لهم لاحقاً بأن يختار كل منهم المجال الذي يجد نفسه أكثر ميلاً إليه، ما بين التمثيل والإخراج والإضاءة والديكور وفن الصوت، وقد كانت الدورتان الماضيتان مشجعتين بنتائجهما التي برزت أثناء العروض، حيث سمحت كل دورة بفرز لتلك التخصصات، وأظهر العمل في العروض مواهب واعدة، بل كانت فيها قدرات جيدة على مستوى التمثيل والإخراج، كان لبروزها صدى في الساحة المسرحية، ولقي بعضها عروضاً للمشاركة في التمثيل في مهرجان دبي لمسرح الشباب، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية .
الميزة الثانية في هذه الدورة وفي مهرجان المسرحيات القصيرة الذي تمهد له، هي أن يتعلم المتدرب التركيز على قدراته الذاتية، أن يتعلم كيف يستغل تلك القدرات إلى أقصى حد في غياب الوسائل التكنولوجية والمادية الأخرى التي قد تسند تلك القدرات، فإذا كانت المهرجانات الكبيرة تحشد لها الوسائل المادية والتكنولوجية الكثيرة التي قد تغني المسرحي عن الكثير من الجهد، وعن استغلال طاقته إلى أقصى حد، فإن المراد من الدورة والمهرجان في كلباء هو الاستغلال التام لتلك القدرات البشرية، وإخراجها والتدرب على استغلالها، وعلى الاعتماد عليها كمخزون جاهز يمكن استغلاله في أية ظروف، فالممثل يتعلم أن تكون حركته وصوته وتعابيره بديلة عن الديكور والإضاءة، والمؤثرات الصوتية، والمخرج يتعلم كيف يقود الممثلين إلى الإبداع في غياب تلك الإضافات التي لم تكن موجود حين وقف أول ممثل في تاريخ البشرية على خشبة مسرح، وبدأ يمثل معتمداً على مواهبه الجسدية والعقلية وحدها .
هكذا تسعى الدورة إلى تحفيز القدرات الذاتية، وهكذا ابتعد المهرجان عن البذخ في التجهيزات وترك خشبة المسرح مفتوحة لاستراتيجيات المخرج، ولعب الممثلين، وخِلوة من كل ما من شأنه أن يعيق تدفق تلك القدرات، أو أن يكون بديلاً عنها .

محمد ولد محمد سالم

http://www.alkhaleej.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *