جماليات وتقنيات عالية تسم عروض مهرجان المسرح الخليجي

 

ستة عروض خليجية شاركت في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح الخليجي واستطاعت الى حد ما ايصال رسالتها المسرحية الجادة من خلال تركيزها على قضايا العصر بشقيها السلبي والايجابي مع تنوع الاساليب الفنية التي جسدت تطورا تقنيا ملموسا . فقد قدمت البحرين اولى عروض المسابقة الرسمية لمسرح الصواري (مسرحية عندما صمت عبد الله الحكواتي ) وقدمت فرقة النورس السعودية مسرحية (زوان) وقدمت فرقة مسرح الدن بسلطنة عمان عرض (بازار ) اما فرقة قطر المسرحية فقد قدمت مسرحية ( الخلخال ) وقدمت دولة الكويت من خلال فرقة المسرح الشعبي عرض ( من منهم هو ) اما اخر العروض فقد كانت لفرقة المسرح الحديث بالشارقة بدولة الامارات فشاركت بعرض بعنوان ( نهارات علول ) وعلى هامش المهرجان قدمت الامارات ثلاثة عروض مسرحية هي دومينو ومسرحية طقوس الابيض ومسرحية اوركسترا .



لعبة درامية
قدمت فرقة الصواري البحرينية عرض الحكواتي الذي عرض على مسرح جمعية المسرحيين الاماراتيين في اختيار للمكان الذي اتخذ شكل المقهى الشعبي
الرواية مقتبسة من رواية حكواتي الليل لرفيق الشامي ورواية اهل البياض لمبارك ربيع وقصص درويش الثالث من الف ليلة وليلة وأعد العمل وأخرجه حسين عبد علي خليل وتمثيل عبد الله السعداوي ومحمد الصغار وباسل حسين ومحمود الصغار وحسين عبد علي ومحمد مرزوق.



يحكي العمل قصة عبد الله الحكواتي الذي يصاب فجاة بالخرس وهو الذي يمتهن مهنة الكلام والحكي والقص، ولكي يعود الحكواتي للكلام عليه ان يستلم ثلاث هدايا فريدة من نوعها قبل ان يتمكن من الكلام، وقد عمل اصدقاؤه على تقديم مختلف انواع الهدايا ولم يتبق من الوقت سوى يوم واحد .. ووسط شعورالاصحاب بعجزهم على انقاذه يبدأ كل منهم بشكل عفوي يقص قصته الشخصية التي لعب فيها الحكواتي دورا فيها حتى تجاوزها لتكون هذه القصص بمثابة الهدايا الفريدة التي تعيد للحكواتي لسانه ونطقه . نقلنا العرض الى اجواء الراوي الشعبي التقليدي في المقهى او السوق حيث يسرد الراوي عبد الله الحكواتي لجمهور يحبه قصة عبد الله الصياد الذي يمتلك قدرة خارقة تجعله قادرا ان يرتشف البحر او يحجب الشمس بيده ولكن يحدث شيء يوقف الراوي عن سرد حكاياته ويصاب بالصمت بسبب شخصية مبهمة زارته ذات ليلة حيث يروي كل من اصدقائه حكايته الخاصة به التي تكشف الكثير من جوانب القهر والمعاناة الانسانية وقد جسد المكان والاضاءة وحركة الممثلين والاكسسوارات والسينوغرافيا موضوع المسرحية ليحملنا الى متعة بصرية واستطاع المخرج الشاب من ادارة العمل ببراعة، كما أن الأداء المسرحي للممثلين كان في قمته، وإن شهد العرض سقوطاً في إيقاعه في بعض المشاهد التي اعتمد فيها المخرج على السرد المطوّل على حساب الحركة. حيث حكم على اللعبة الدرامية ان تتوقف عندما صمت الحكواتي.


الخلخال القطري
مسرحية خلخال وصراع الاضداد .. تحكي عن سهيل الشاعر الذي يترنم الجميع بشعره وابداعه يرتمي في احضان راقصة وادمن الخمر
الحكاية استحضرها المرحوم سالم الحتاوي هي قصة الحب التي تحطم كل القيود الاجتماعية .. الشاعر العاشق اسير الخيال وكاس الخمر والراقصة التي تملك قلبه حكاية هي بمثابة رسالة للتحرر من العبودية التي يفرضها الإنسان على نفسه مهما كان دافعها ومهما كانت التأثيرات والمؤثرات التي تدفع الإنسان إلى عبودية من هذا النوع لا سيما أنها عبودية يفرضها الإنسان على نفسه باختياره وإرادته، بسبب خضوعه ووقوعه فريسة لبعض العادات السيئة كالإدمان وحب التملك وغيرها من النزوات الإنسانية غير المبررة. فالنص من النصوص التي تغوص في أعماق الإنسان للبحث عن الدوافع والمؤثرات التي تجعله ينهزم ويستسلم لرغباته ويفرض على نفسه سياجا من عزلة فكرية يعيش في داخلها مستبعدا كل الحلول الممكنة للخروج من تلك الحالة،
مسرحية (من منهم هو ) لفرقة المسرح الشعبي الكويتية للمخرج خالد امين ماتقي العمل يتكلم عن سيطرة النفس الامارة بالسوء على النفس البشرية وهي عبارة عن كولاج يضم ثلاثة عصور مختلفة من ثلاث شخصيات من العصر الاغريقي والزير سالم من العصر الجاهلي العربي والليدي مكبث من عصور النهضة
وتظهر لهم شخصية ال هو كما تسمى النفس البشرية الامارة بالسوء وكيف فكرت تلك الشخصيات بالجرائم التي ارتكبتها واشتهرت بها .



نهارات علول
وتدور حكاية العرض حول شاب ينتمي إلى فئة الحرافيش “علول”، الذي يحاول إنقاذ حبيبته “علاية” من براثن حارس القاضي، فيصاب “علول” برصاصة الحارس التي لا تتمكن من قتله.. فتتحول الرصاصة إلى قطعة حديدية ميتة تدور في جسد “علول” فتدفعه تارة للضحك وتارة إلى التفكير وتارة إلى العشق وتارة تكون في ذراعيه وتارة في ساقيه حتى يصل خبر هذه المعجزة الى الحرافيش فيعتقدون بأن ما حدث خروج عن المألوف وهو أشبه بالسحر ليستفيد “علول” من تلك الخرافة في حربه ضد المتسلطين.
==
في البلوك الأخير

=
بازار الأحقاد القديمة



لقي عرض «بازار» إعجاب واستحسان الجمهور الحاضر في قاعة «قصر الثقافة» وكذلك النقاد والأكاديميين الذين حضروا الندوة التطبيقية لتحليل العمل
حيث اثار العرض العديد من الاسئلة التي تتعلق بالقيم والموروثات النقية حين تتحول الى سلع قابلة للمساومة وتصبح فريسة الجشع والطمع وتتغير القلوب المحبة الى مطايا للصراع والاحقاد القديمة والمتجددة بين جيلين هذه الاسئلة من المراجعات الافتراضية لجذور الصراع الانساني والازلي بين الخير والشر وبين الحرية والاستبداد وكانت هذه التيمات هي دعامات اساسية للمسرحية العمانية التي تحدثت عن مجموعة من الناس يعيشون في قرية، وتقودهم الظروف إلى البحث عن إجابة عن سؤال «من حفر البئر؟». في هذا السياق يدور خلاف بين مجموعتين، كل مجموعة تنسب فعل الحفر لنفسها وتصر على أحقيتها في استغلال مياه البئر، فيتحول الخلاف إلى صراع ينتج منه محاولة لإقحام أشخاص آخرين لفك اللغز. وفي مقابل هذه الرؤية المباشرة يقدم العمل إسقاطات ثقافية واجتماعية وسياسية اجتهد المخرج إدريس النبهاني لمواءمتها مع رؤيته مختاراً منها ما يناسبه، مشتغلاً على أفق سينوغرافي يختلف عن البعد المكاني الذي حدده الكاتب، ومستكشفاً لنفسه بعداً مكانياً آخر وهو يطرح مفهوم الصراع بين الخير والشر.هذه المسرحية ماخوذة عن حكاية شعبية كتبها الإماراتي محمد صالح محمد واخرجه ادريس بن خميس النبهاني ، وقد اشتغل المخرج على الموروث الموسيقي المحلي من خلال توظيفه فنوناً عمانية كالأغاني والأهازيج المعروفة المرتبطة بطبلين شهيرين هما الكاسر والرحماني، مع توظيف الزي العماني والعصا كدلالة على الارتباط بالمكان. كما اشتغل المخرج اشتغالا بصريا جيدا من خلال حشد عناصر سينوغرافيا مهمة لتعكس اجواء الحدث لتقرا بدقة حالات الالم الخارجي والشجن الداخلي كما شدت الجمهور للانعطافات الدرامية والشجن والحب والصراع الا ان هناك صعوبة في اللهجة المستخدمة في العمل التي اغرقت في المحلية، رغم أن العمل يمكن أن يصل إلى مستوى تقديمه في المهرجات العربية، إذا تمكن المخرج والمؤلف من تخفيف وتبسيط اللهجة المستخدمة.

 

 

الشارقة – هدى الزين

 

http://www.shabiba.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *