سمير العصفورى:المسرح الخاص تاه ياأولاد الحلال

 

 

 

 

 

سمير العصفورى:المسرح الخاص تاه ياأولاد الحلال
أقدم نصوص المؤلفين بمفهومى الخاص

حينما قدم المخرج سمير العصفورى مسرحية «الست هدى» على المسرح القومى عام 1996 تكريما لأمير الشعراء أحمد شوقى، انتقده الكثيرون ولاموه، بسبب فشلها أكثر من مرة ونظرا لاعتبارها أضعف أعمال شوقى مقارنة بمسرحياته العظيمة الأخرى مثل «مصرع كليوباترا» و«مجنون ليلى» وغيرهما..

 

وقبِل العصفورى التحدى وقدم تفسيرا سياسيا للنص أبهر الجميع، بأن جعل الست هدى رمزا لمصر وأن أزواجها التسعة هم حكامها حتى ذلك الوقت، وهو تفسير لم يجرؤ عليه أى من المخرجين قبله، بسبب خوفهم من الاقتراب من خصوصية نص كتبه شاعر بحجم أمير الشعراء، فكان ذلك سر نجاح عرضه.. هذا هو سمير العصفورى الذى اعتبره بعض النقاد مسئولا عن «عصفرة المسرح» اذا جاز التعبير بسبب رؤاه الإخراجية دائمة التميز والابتكار، وهو في السطور التالية يكشف لـ«الأهرام» تفسيره لحال المسرح والمشهد الفنى الآن.

فى البداية.. هل تعتبر كتابك «المسرح وأنا» سيرة ذاتية لمشوارك الفني؟

الكتاب تجربة وطن بالكامل من خلال مهنة اسمها «المسرح» وظروفه ورجاله وقياداته وأحوالنا السياسية بكل ما تحمله من آمال وآلام، فهو ليس مجرد سيرة ذاتية لشخصى لأن المسرح يشبه نبض الإنسان، ويشكل مع الثقافة مؤشرين لجسد الأمة، وسلامة المسرح تؤدى إلى انسجام الأمة بالكامل، كل هذا جعلنى استغرق تسع سنوات فى جمع مادة الكتاب.

ماذا عن بعض تجارب المسرح الخاص التى ظهرت فى السنوات الأخيرة؟

قديما كان المتفرج يذهب للمسرح الخاص وهو بكامل أناقته، والمسرح نفسه كان يعرف طبيعة جمهوره واقتصادياته وكيف ينفق وكيف يكسب، وكان هذا يرتبط بموجات السياحة العربية، وهو تكامل انتهى بآخر ستار لعروض عادل إمام ومحمد صبحى مثلا.. واعتقد ان تجارب المسرح الخاص الآن أشبه بالميت الذى يلفظ انفاسه ولا تتعدى كونها ظواهر اجتهادية ونشاطا عصبيا مفاجئا لا يعبر عن صحة الحركة المسرحية، فقديما كان الموسم يتعدى 40 عرضا يتنوع بين المستقل والهواة والرسمى والعالمى والتجريبي، وهو حوار غير قائم الآن بين التيارات المسرحية لذلك نرى منتجات عشوائية، فمثلا «تياترو مصر» يهزأ من الأعمال القديمة ولا يعبر عن نجاح تيار مسرحى، واعتمد اشرف عبدالباقى على الهواة لأنه مشروع اقتصادى بسيط يهدف لملء ساعات فراغ فى القناة الخاصة التى أنتجته لهذا لا يمكن اعتباره حركة مسرحية.

ولكن هناك توجها ثقافيا حاليا لإقامة العديد من المهرجانات لفرق المستقلين والهواة.. ألا ترى هذا مجديا؟

فكرة التظاهرات والمهرجانات هى ادعاء كاذب لأنها ليست ثروة المسرح الحقيقية، خاصة أن الهواة هم ذخيرة المستقبل وليسوا ذخيرة الحاضر، لذلك لا يمكن اعتبارهم نموذجا لتوجه المجتمع، لهذا اطالب د. صابر عرب وزير الثقافة بوقف هذا الإنتاج الفاسد، لأنه حتى مسرحيات الدولة الجيدة تحاصر فى 30 ليلة وتغلق بسبب الميزانيات، وليس هناك مسرح فى العالم يقدم 7 حفلات اسبوعيا، وفى مسارح غير مجهزة أصلا لاستقبال الجمهور.. كل هذا جعل مركز الهناجر مسرحا للعابرين، ودون أى خطط مثلا لتدريب المتخصصين مثلا فى مراكز الإبداع.

ألا ترى عروضا تستحق التقدير حتى الخاصة منها بكتابنا القدامى؟

لا أعرف أهمية تقديم نصوص مستهلكة مضى على كتابتها عقود ولا تمثل واقعنا الحالى بزعم اننى أعيد الأمجاد، فحين نقدم الآن «باب الفتوح» لمحمود دياب فمن هو صلاح الدين الأيوبى اليوم؟! ولماذا قدمنا «الدخان» لميخائيل رومان رغم انها كانت فى بداياته وليست الأروع بين أعماله، ولماذا نقدم «كاسك يا وطن» التى تنادى بإزالة الحدود بين العرب؟! فهل يناسب هذا الواقع السياسى والاجتماعى اليوم؟

هذا بالضبط يشبه اكشاك البقالة الموجودة أمام أفخم المولات وهو تناقض غريب لا يوجد سوى فى مصر، ففى الوقت الذى أغلقت فيه مسارح الدولة فى عماد الدين وتحولت إلى محلات تجد على الضفة الأخرى لنهر النيل الأوبرا بمنتجاتها الفاخرة المناسبة لفكر المولات والطبقات الراقية وهى تفرقة شديدة سببها فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق الذى تجاهل المسرح القديم لصالح ثقافة «المهرجان التجريبي»والعروض الغربية دون أن يدرك ضعف حجم مرتادى الأوبرا مقارنة بمسرح الدولة.

هل يمكنك تقسيم مشوارك الفنى لمراحل بعينها؟

مشوارى مقسم وفقا لتواجدى فى مجتمع شهد ملكية وثورة ونكسة ومقتل زعيم وتولى زعيم تمدد فى حياتنا بلا داع، وبين هذا وذاك نشط المسرح حتى نهاية السبعينيات ثم انقسم إلى انفتاحى واشتراكى ثم اختلت موازينه طوال 30 سنة فى عصر مبارك، ثم مسرح تائه الآن، وانا موجود فى كل تلك الأحداث بأعمالى أؤثر وأتاثر بالمجتمع.

لماذا يقال عنك أنك ارتكبت جرائم بحق الشعراء وكتاب المسرح؟

الشعراء لا.. فأنا أتعامل مع الشاعر والملحن باعتبار أن كلا منهم متخصص فى مهنته لذلك نتفق حتى نخرج بنتيجة فنية جيدة أما الكتاب، فأنا أرى أنى مسئول عن تقديم كلام الكاتب ولكن بمفهومى أنا، وقد اختلفت مع كتاب كثيرين ولكن الفيصل فى الأمر يبقى فى النهاية هو نجاح العرض بمفهومي، تماما مثلما فعلت فى نص «الست هدي»لأحمد شوقى والذى اعتبره البعض غير قابل للتفكيك والتأويل، وهو ما رفضته انا، فكان النجاح حليفي، فالست هدى التى تزوجت 9 مرات اعترفت أنها تزوجت كل هؤلاء وعمرها 20 عاما ومنهم نابليون الذى استقر يومين فى بيتها.. وكان الوقت يمر ولكنها تظل عذراء، حتى كتبت ثروتها فى النهاية لأيتام.. كل هذا يؤكد أننا نتحدث عن رمز وليست مجرد امرأة.. إنها مصر.

 

 

حوار : باسم صادق

http://www.ahram.org.eg/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *