الهيئة العربية للمسرح تُصدر لسعيد حجاج ‘ثلاث مسرحيات من زماننا’

 

تواصل الهيئة العربية للمسرح رفد الساحة الإبداعية العربية بنصوص مسرحية، تجعلها ـ من خلال عملية النشر ـ ميسرة للفرق الفنية من أجل الاشتغال الركحي عليها، وميسرة أيضا للنقاد والباحثين من أجل مقاربتها واستكناه عواملها الجمالية والدلالية، لرصد مدى قدرة المؤلفين العرب المعاصرين على التفاعل مع متغيرات الواقع المحلي والقومي والتعبير عنه بطرق إبداعية خاصة.
ومن خلال عملية النشر هذه، يتضح أن الهيئة المذكورة ـ التي تتخذ من إمارة الشارقة مقرا لها ـ تسعى لإبراز الدور المحوري الذي يقوم به الفنان المسرحي العربي ـ مبدعا كان أم باحثا أم ناقد ـ في التعبير عن نبض المعيش اليومي وعن هموم وانشغالات الإنسان العربي؛ مما يجعل أهل المسرح ـ رجالا ونساء ـ مندمجين في قاطرة التغيير، بل ومساهمين في صنع سكتها السليمة، بأفق استشرافي بعيد.
وفي هذا الصدد، أصدرت الهيئة العربية للمسرح، ضمن سلسلة نصوص، كتابا بعنوان ‘ثلاث مسرحيات من زماننا’ للكاتب المسرحي المصري سعيد حجاج، يضم بين دفتيه ثلاثة نصوص: ‘ألم الوقت’ و’القفص’ و’نبض التماثيل’.
يرى الناقد المغربي الدكتور حسن اليوسفي الذي تولى تقديم الكتاب أن ‘كتابة سعيد حجاج المسرحية باختيارها لشكل ‘النص المسرحي القصير’ إنما أرادت بذلك أن تكون كتابة عمودية وليست أفقية، جدولية وليست خطية، كتابة عمق وليست كتابة سطحية، وذلك لأن القصر يقتضي التكثيف والتركيز والترميز، وقول ما قل ودل، واختصار المواقف والحالات، والمراهنة على انفتاح الدلالات والإشارات النصية.
ويضيف قوله ‘إن هذه الكتابة اختارت أن يكون المزج بين السجلات التراجيدية والكوميدية هو القاعدة الجمالية لصياغة المحكيات وبناء الشخصيات. ولأن اللغة الدرامية هي الأداة المعبرة عن ذلك كله، فإن كتابة سعيد حجاج راهنت على اقتصاد لغوي قوامه حوارات مقطرة، مصطفاة، منتقاة عباراتها وألفاظها وصيغها الدرامية بعناية فائقة. كل هذه الخصائص تفرض نفسها على القارئ باعتبارها مفاتيح للاقتراب من نصوص سعيد حجاج المسرحية واستكناه عوالمها التخييلية.’
ويؤكد الدكتور اليوسفي أنه مادامت تجربة سعيد حجاج المسرحية تتمثل روح عصرها وتتفاعل مع لحظتها التاريخية وسياقها العربي الخاص بعيدا عن أية نزعة واقعية انعكاسية أو محاكية، فقد كان طبيعيا أن نجد في النصوص الثلاثة صدى لأحداث وانعطافات واختيارات اجتماعية وفكرية تجد امتدادها في زمن ‘الربيع العربي’. فقضية الحرية التي شكلت بؤرة مركزية لمسرحيتي ‘القفص’ و’نبض التماثيل’ وما أحاط بها من تداعيات متصلة بشخصيات المسرحيتين بما فيها التمرد والانتحار والانقلاب والسقوط السياسي، توحي بأن كتابة سعيد حجاج تلتقط رمزيا واستعاريا نبض الواقع العربي، وتعبر عنه بالكيفية التي تجعله يتخذ بعدا إنسانيا شموليا.
ويختم الناقد المغربي تقديمه بالإشارة إلى إن تجربة سعيد حجاج في الكتابة الدرامية ‘تعدّ إضافة نوعية للريبرتوار المسرحي العربي، لأنها تختار أسلوبا مميزا تبرز من خلاله مهارات الكاتب في إبداع نصوص قصيرة تعالج حالات ومواقف وأفكارا محددة بعناية بمنظور إنساني لاشك أنه سيتيح لهذه النصوص لكي تتداول وتجد مكانها في سياقات مسرحية أخرى وفي ثقافات أخرى لو أتيحت لها فرصة الترجمة’.
وأعربت الهيئة العربية للمسرح في بلاغ تلقت ‘القدس العربي’ نسخة منه عن اعتزازها بأن تضم إلى المكتبة العربية هذا الكتاب، وذلك ضمن سعيها الدؤوب لإثراء المكتبة بالأصوات الإبداعية من كافة الأجيال و المشارب الفنية، وتزويد المسرح بنوافذ إبداعية تدحر تصحر المعنى والشخصيات.
يشار إلى أنه صدرت لسعيد حجاج العديد من النصوص المسرحية من بينها: ‘احتفال خاص على شرف العائلة’، ‘فانتازيا السقوط’، ‘ليلة عرس سوداء’، ‘كيلوباترا’، ‘عرشك يا مولاي’، ‘الكما هو’، ‘يوتوبيا’، ‘بيت العزلة بيت الريح’، ‘العشاء الأخير’، ‘أسرار ومسرحيات أخرى’…
وعُرضت له أكثر من عشرين مسرحية بهيئة المسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة، كما أحرز عدة جوائز من ضمنها: جائزة محمد تيمور (1992)، جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة (2006)، جائزة الإبداع العربي بالشارقة (2003).

 

 

الطاهر الطويل

http://www.alquds.co.uk/vvvv

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *