«طقوس الأبيض» تحاكي جدلية الحياة والموت

 

تختتم مساء اليوم فعاليات مهرجان أيام الشارقة المسرحية، في دورتها الرابعة والعشرين، التي امتلأ جدولها على آخره بالملتقيات والندوات النقاشية وورش العمل والعروض المسرحية، وتشهد أروقة قصر الثقافة حفل الختام الذي تتم فيه قراءة تقرير لجنة التحكيم، وإعلان نتائج المسابقة وتوزيع الجوائز وتكريم الفائزين بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وبلوحات فنية معبرة عن جدلية الموت والحياة بكل ما فيها من فلسفة وتعقيد، حملها عرض «طقوس الأبيض» الذي أطل به مسرح الشارقة الوطني أول من أمس على خشبة قصر الثقافة، لينال العمل إعجاب الجمهور الذي سارع عدد كبير منه بمجرد إسدال الستارة، إلى اعتلاء الخشبة لتهنئة فريق العمل.

تمكن محمود أبو العباس، عبر «طقوس الأبيض» الذي شكّل فاتحة التعامل بينه وبين مسرح الشارقة الوطني، أن يقدم لنا نصاً قوياً يحمل بين طياته أفكاراً فلسفية عميقة، صاغها بلغة شاعرية جميلة، تمكن ممثلو العمل، وعلى رأسهم الفنان أحمد الجسمي، من حملها على ظهورهم، ليقدموا معاً عملاً رائعاً أبرز مدى قدرات الممثلين..

إذ تناقش قصة المسرحية بشكل عام جدلية الحياة والموت، من خلال ثنائية الحفار والقابلة اللذين يشكّلان محور هذا العمل الفني، إذ يلتقيان كل ليلة بعد يوم شاق من العمل، تستقبل فيه الزوجة القابلة المواليد الجدد، بينما يودع زوجها الحفار الموتى، ليتحدثا عن دولاب الولادة والموت، لنشهد خلال العرض ثلاث قصص أخرى لنساء حوامل، واحدة تريد أن يرى ابنها النور قبل أوانه، وثانية تكتشف أنها حامل بالشك، فيما تموت الثالثة أثناء ولادتها.

وكما تمكن العرض من تعبئة مقاعد المسرح، فقد شد النقاد والجمهور إلى ندوته التطبيقية التي أدارها عبد الكريم جواد، وشارك فيها مؤلف النص محمود أبو العباس، ومخرجه محمد العامري، إذ شهدت الندوة إشادة النقاد بالعمل الذين وصفوا فكرته بالواضحة والعميقة، لكونها تتحدث عن جدلية الحياة والموت التي لم تمثل فيه متوالية زمنية بقدر ما مثلت جدلاً حقيقياً حول كيفية خروج الحياة من الموت..

كما في العديد من المشاهد، كما اتفقوا على أن اللوحة الأولى في العرض كانت معبرة، فهي تحمل تصوراً لخروج الحياة من شيء ما يشبه الكفن، وقالوا إن استخدام البياض في خروج الأجنات، كان فيه دلالة رمزية واضحة، وهو الأمر الذي أخرج العمل من دائرة الرتابة، بما حمله من لغة شاعرية فيها الكثير من البلاغة والشعر.

«ممثلو العرض كانوا على قدر المسؤولية، وتمكنوا من حمله على الرغم من صعوبة لغته»، بهذا التعبير وصف النقاد أداء فريق العمل، وعلى رأسهم الجسمي ومحمود أبو العباس وملاك الخالدي، وقالوا إنهم قدموا أداءً محسوباً بدقة، منوهين بأن المخرج محمد العامري استطاع عبر رؤيته الإخراجية إيجاد تناغم كبير بين قدرات كل الممثلين في التنقل والتعامل مع طبيعة الشخصيات التي يقدمونها، ما أشعل المنافسة بينهم لتقديم الأفضل..

وساعدتهم على ذلك طبيعة السينوغرافيا التي استخدمها العامري، إذ اعتمد في إخراجه لهذه الثنائية على طبيعة الصورة في المسرح مع أسلوب الإضاءة التي استخدمها بدون ألوان إلا في لحظات قليلة للتعبير عن صور محددة، ما أسهم في حل جزء من إشكالية النص وفلسفته، متيحاً بذلك مساحة أمام المتفرج لتأويل النص كيفما شاء.

فريق العمل تضمن إلى جانب الجسمي وملاك وأبو العباس، أشجان وشمس ورانية آل علي وحميد سمبيج ومحمد بن يعروف ومحمد جمعة، فيما تألفت الجوقة من فارس الجداوي وعثمان جوهر وعيسى صلبوخ وعلي وأحمد ومحمد وجابر وحسن درجلك.

أشار القائمون على العرض في «بروشور» العمل، إلى أن مصدر إلهام العمل والاشتغال عليه، كان حديث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في أحد لقاءاته التلفزيونية، وتكراره في جلسة خاصة مع المسرحيين والمثقفين بدارة سلطان بن محمد القاسمي، إذ تطرق سموه إلى قصة الحفار وزوجته القابلة، عبر قصيدة «لعبة الحياة» للشاعر المصري محمد الجيار.

 

http://www.albayan.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *