«سمرة وعسل» عرض التنوع المدهش

 

ما بين تصفيق حار، ورفع القبعة والانحناء تقديراً، والإشادات المتواصلة، ظهر جلياً ذلك المجهود الذي قام به المسرحي المبدع عبدالله زيد، في مسرحيته «سمرة وعسل»، التي انحاز لها الفنانون والجمهور بشكل كامل، فلم تكن الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض، إلا شهادة تقدير لعرض ضخم متكامل، ينافس أهم الإنتاجات التلفزيونية ولكن على خشبة المسرح.

إبهار

أحداث عدة تسير باتجاهات مختلفة، تتلاقى في النهاية بحبكة مبهرة، فبين «سمرة» الشجرة التي بنى على أغصانها النحل خلاياه فتقاطر منها العسل، فتصارع عليه أهل الجبل، صراعاً وصل إلى أقصاه بين زعيمي القبيلتين، ما أدى إلى قطع أوصال مجتمع الجبل وأشعل فتيل الفتنة، وبين ابنة أحد الزعيمين المريضة التي لا ينكشف سبب مرضها إلا في نهاية المسرحية.

والتي يُفاجأ الجمهور باعتراف المسجون بأنها حامل، وبين الغريب الذي يسعى لشراء بيوت الجبل، وعلاقة ولدي زعيمي القبيلة ببعضهما البعض وبأهل الجبل، تتكشف الحكايات الأربع وتتشعب.

لتبهر الجمهور بعرض جماهيري كوميدي من الدرجة الأولى، يثبت براعة مسرح دبا الحصن من حيث التمثيل والتأليف والإخراج الذي قام به عبدالله زيد، يرافقه البطولة عبيد المغني وريم زهير وعذاري وآخرون، ليتقدموا به بخطوات ثابتة نحو المسابقة الرسمية في المهرجان.

تفاصيل المكان

135 ممثلاً أو أكثر وظفهم زيد في «سمرة وعسل»، فكان عمله ضخماً أقرب من حيث الشكل والمضمون إلى المسلسلات التلفزيونية التراثية أو الشعبية، أما الديكور الذي بناه، فلم يكن أقل تميزاً من غيره على الصعيد البصري واشتغاله على تفاصيل المكان والزمان.

شهادات النجوم

أكد الفنان أسعد فضة أنه فوجئ بالمجهود الرهيب في المسرحية، لافتاً إلى حرفية عبدالله زيد وفكره المستنير ورؤيته المتميزة، وقيادته البارعة لعمل بهذا الحجم.

وفي لفتة جميلة، رفع الفنان جاسم النبهان قبعته تقديراً لإبداع زيد، مؤكداً على تميزه كممثل ومخرج ومؤلف، وإلى ذكاء زيد في استغلاله لجميع الفضاء المسرحي، كما أشاد سلوم حداد بإبداع زيد المتكامل من حيث لعبه لكل الأدوار وبكل نجاح.

مستوى قوي

وعبرت شيماء سبت عن فخرها بوجود عرض مسرحي إماراتي بهذا المستوى. وبالمقابل، عبر زيد عن سعادته بإشادة الفنانين والجمهور بالعرض، مؤكداً على أنه عرض واقعي من بيئة الإمارات.

الواشي

 

عرض المهرجان مسرحية «الواشي» للمخرج رامي مجدي، تأليف برتولد بريشت، وبطولة هاني الطمباري ودينا بدر وأنس عبدالله وولاء حامد وماهر مزوق، ولفت الأنظار حرص الجمهور وضيوف المهرجان على حضور العرض رغم كونه عرضاً مُستضافاً، ولكنه متميز وعلى قدر كبير من الحرفية.

طموحات الفنانين الشباب بعد حراك الشارع العربي

شارك في ندوة «المسرح العربي .. هل من جديد؟» أربعة مسرحيين من الشباب وهم جواد السنني من المغرب، ونوار بلبل من الأردن ووليد الألفي من السودان ووليد دغسني من تونس، والتي أدارها محمود الحلواني، والذين تحدثوا عن رؤاهم لواقع ومستقبل التجربة المسرحية العربية على ضوء سرعة المتغيرات الثقافية والاجتماعية العديدة التي يعيشها العالم العربي في السنوات الأخيرة.

الحراكي التونسي

تناول وليد دغسني في رؤيته، عدة محاور تحدث فيها عن التحولات التي طرأت على المجتمعات العربية وما خلفته الثورات العربية، وقال عن الحراك المسرحي في تونس، «سرعان ما دفع المسرح بنفسه داخل دوامة الحراك الجمعي محاولاً خلق بدائل للناس، مستفيدا من مناخ تحرر وفره له المجتمع الثائر.

فالشاب المسرحي الذي ساهم في الثورة ميدانيا وفكريا هو الأقرب لبلورة نموذج فني يستلهم من ثورة الشارع ليصنع ثورة على الخشبة متوسلاً أساليب تتجاوز النمطية من ناحية فكرة الموضوع وأسلوب طرحه».

تجارب فنية

واستعرض المخرج السنني تجربة الفرقة الفنية «دابا تياتر» التي أسسها عام 2004 وقال عن الهدف منها، «تسعى المجموعة إلى تحول الفن من هواية إلى مهنة من خلال مشروع مجتمعي ينطلق من مشروع مواطن، وقيم وعلاقة إنسانية تجمع بين الفكر والمعرفة والمثل الإنسانية. باعتبار الفرد من الجماعة والجماعة من الفرد».

أما الألفي فانطلق في ورقته من مقولة «أعطني مسرحاً .. أعطك شعباً»، مشيراً إلى تاريخ المسرح العربي الذي دجنته الحكومات العربية، باستثناء بعض التجارب الفردية، كما في تونس غالباً وفي بعض الأحيان في سوريا ومصر والجزائر والعراق وغيرها.

ويقول، «أما اليوم وفي ظل الحراك العربي والمطالبة بالتغيير، فظني أن الشارع العربي سبقنا بكثير، وعلينا نحن المسرحيين أن نلحق به ونتعلم منه.

آليات كتابة المقال الصحفي عن العرض المسرحي

انسحب عدد من المشاركين في بداية ورشة «كيف تكتب مقالا صحافياً عن عرض مسرحي»، التي قدمها الكاتب والمتخصص بالنقد المسرحي عبيدو باشا الذي صدر له مؤخراً الجزء الثاني من كتاب «تياترو العرب 2»، وذلك لاعتقادهم أنهم سيحصلون على وصفة أو «تركيبة سحرية»، عن كتابة النقد في الساعة الاولى من الورشة.

والشيق في الورشة أنها جمعت خليطاً من البلدان العربية بمشرقها ومغربها بمن فيهم الشباب المشاركون في برنامج «ملتقى الشارقة لأوائل المسرح العربي».

مفهوم غائب

استهلت الورشة بالتعارف بين الحضور ودوافع مشاركتهم، ليبدأ باشا مقدمة برنامجه بقوله، «المشاركون في هذه الورشة 12 من أصل 400 ضيف في أيام الشارقة المسرحية. وهذا يدل على غياب مفهوم النقد المسرحي كقيمة أو تخصص». وقدم لمحة عن طبيعة المجتمعات العربية التي ترفض النقد المبني على أسسس علمية لكونها تغلب العاطفة على العقل.

وانطلق في محاضرته من مفهوم التسليم الذي يعتمد عليه العرب في ثقافتهم بعيداً عن البحث والتقصي، وطرح مثالاً على ذلك من بدايات تاريخ المسرح العربي، ليشير إلى المغالطة التاريخية الأولى بشأن من يعتبرون مؤسسي المسرح العربي وهم مارون النقاش في لبنان وأبو خليل القباني في سوريا ويعقوب صنّوع في مصر.

مفاتيح المقالة

قال باشا في مدخله إلى مفاتيح كتابة المقال النقدي المسرحي، «بين الكلام على النجاح والكلام على الفشل تقع مساحة النقد المسرحي. وحينما نرغب بكتابة مقال عن مسرحية، يجب تفكيك العمل وإعادة بنائه».

مسرحيون: الإبداع لغة المسرح الخاصة وتعبير الممثل

شكلت اللغة العربية الفصحى قاسماً مشتركاً بين غالبية العروض التي قدمت حتى الآن ضمن فعاليات أيام الشارقة المسرحية، وبلا شك أن اللغة الفصحى تضم بداخلها ألواناً كثيرة من الإبداع والتألق التي يمكنها أن تمنح النصوص المسرحية القوة، فضلاً عن أن استخدامها على الخشبة يساهم في كسر الحواجز التي يخلقها عدم الفهم أحياناً للهجات المحلية.

ورغم ما تتميز به اللغة العربية الفصحى من حضور وقوة، إلا أن عدداً من المسرحيين الذين استطلعتهم «البيان» اعتبروا أن المسرح يقوم أساساً على لغة الإبداع التي تعتمد على طبيعة الفكرة والصورة المقدمة أمام الجمهور، بغض النظر عن اللغة المقدم بها، فيما اتفقوا أن اللغة الفصحى تكون ضرورية عندما يكون العمل تاريخياً أو وثائقياً أو إنسانياً، وأنها يجب أن تكون واحدة من أدوات الممثل الذي يجب عليه إتقانها بشكل جيد حتى لا يقع في مطبات أخطائها.

قوة المسرح

«المسرح مرتبط بالمجتمع والناس أولاً وأخيراً»، بهذا التوصيف فضل المسرحي جمال مطر أن يبدأ رأيه حول استخدام اللغة الفصحى بالعروض المسرحية، مشيراً إلى أن قوة المسرح تنبع من قدرته على خلق التواصل مع الجمهور والتي عادة تكون عبر اللغة المحكية أو المحلية، وقال: «استخدام اللغة الفصحى أحياناً قد يحدث حالة تغريب بين النص والجمهور وكذلك لدى الممثل نفسه الذي يفكر أصلاً بلهجته المحلية، ولذلك يفضل أن يكون المسرح بلهجة أهل البلد، حتى يكون أكثر تواصل وحميمية بين العرض والمجتمع».

وأشار إلى ضرورة اللجوء الى اللغة الفصحى في حالة الأعمال التاريخية أو التسجيلية.

مكان للإبداع

ورغم إيمانه بقوة الفصحى وبلاغتها، إلا أن الفنان أحمد الجسمي أشار إلى أن استخدامها يظل عملية اختيارية تحددها طبيعة النص، وهي ضرورية في حال كان العرض إنسانياً، وقال: «من المفرح أن تكون العروض المسرحية لدينا باللغة العربية الفصحى، لأن المسرح يشكل مكاناً للإبداع».

وأضاف: «رغم أهمية اللغة الفصحى وما فيها من جماليات وبلاغة، إلا أن المسرح يظل حالة إبداعية تعتمد على الفكرة والمخرج الذي يعطينا الصورة، ولغة المسرح إبداعية لا يمكن لها أن تلتزم بلغة أو لهجة معينة، خاصة وأن هناك مسرحيات صامتة تعتمد على الحالة الإبداعية التي يقدمها لنا فريق العمل». وتطرق الجسمي إلى امتلاك الممثل لأدواته، ومدى فهمه للمسرح وكيفية طرح القضايا بطريقة جميلة ولغة سهلة.

أما المسرحي العراقي الدكتور فاضل السوداني يرى بأنه لا يهم نوعية اللغة أو اللهجة المستخدمة في المسرح تحديداً، وقال: «المهم في المسرح هو أن يكون واضحاً في طريقة توصيله للفكرة بغض النظر عن اللغة، علماً بأن للمسرح لغته الخاصة وهي اللغة الفنية التي تعتمد على البصر وتؤثر على الوعي الإنساني».

وأضاف: «استخدام اللغة الفصحى في المسرح قد يشكل اعتزازاً بها وتأكيداً على أهميتها في التفاهم بين أفراد المجتمع الذي يمكنه أن يستوعب لغة المسرح الإبداعية لا سيما عندما تكون بعض الأعمال صامتة، وبالتالي فما هو مهم في المسرح ليس اللغة وإنما الوضوح الفكري والخيالي الذي يقدم من خلال العمل المسرحي».

تجربة عائشة عبدالرحمن في ندوة فكرية

نظمت إدارة مهرجان أيام الشارقة المسرحية أمس، في قصر الثقافة، ندوة فكرية خاصة تناولت فيها تجربة الفنانة عائشة عبد الرحمن، التي كرمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في انطلاقة الدورة الـ24 تقديراً لجهودها وانجازاتها في المسرح.

وتطرقت الندوة الفكرية التي أدارها الفنان عبد الله صالح وحضرتها الفنانة عائشة عبد الرحمن بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين ابرزهم العراقي يوسف العاني والمهتمون بالشأن المسرحي، إلى مسيرة عائشة الفنية وبداياتها في المسرح الاماراتي، وعلاقتها مع أيام الشارقة المسرحية التي دأبت على المشاركة فيها منذ سنوات عديدة، وقالت عائشة: “ان لقاءها بالتمثيل كان صدفة، بينما قرارها بالوقوف على خشبة المسرح كان قراراً واعياً اتخذته عن تفكير عميق، معتمدة في ذلك على الانفتاح والتطور الاجتماعي الذي شهدته الدولة”

. يشار إلى أن دائرة الثقافة والاعلام قد اصدرت كتاباً خاصاً حول عائشة عبد الرحمن كونها الشخصية المكرمة في دورة الأيام الحالية.

عروض

من برنامج اليوم

10:30 صباحاً- 2:00 ظهراً: “المسرح.. ابناً عن أب” + برنامج أوائل المسرح

7:00 مساءً: طقوس الأبيض

10:30 مساءً 12:00: نون .. النقد المسرحي

 

 

المصدر:

  • متابعة: غسان خروب – رشا المالح دارين شبير تصوير: غلام كركر
  • http://www.albayan.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *