عودة أيام المسرح

 

العود أحمد، بعودة أيام الشارقة المسرحية، الحدث الجميل الذي يأتي في موعده تماماً، ويأتي بالجديد بكل تأكيد لدعم مسيرة المسرح في الإمارات الذي قطع 24 دورة منذ الانطلاقة الأولى، وكم تجاوز هذا المسرح من عثرات البدايات، وما قدَّم وقتها من أعمال فنيَّة مسرحية، بعضها كان ناجحاً ومهماً، والآخر دون ذلك، وكم صححت اللجان المختارة بعناية من مطبَّات بعض العروض، وكم عدَّلت بعض الأفكار التي كانت تأتي إلى أيَّام الشارقة المسرحية لتقدم بعض الأعمال التي تنقصها الجديَّة، أو تميل إلى التهريج، والعروض التجارية الرخيصة، ولكنها فيما بعد هذبت تلك العروض أو اختفت تماماً، بعد أن شعر بعض المسرحيين الذين يميلون إلى الإضحاك والفرجة السطحية، وتيقنوا أن أيَّام الشارقة المسرحية تبني وتشيد لفكر جاد، يهتم بالقضايا الاجتماعية والثقافية والتاريخية التي تنور الجمهور، وتأخذه إلى رؤية واعية لأهمية المسرح ودوره في الحياة.

بعد دورات وتثقيف ومناقشات جادة من قبل المسرحين الجادين والمهمين، من أكاديميين وأصحاب تجارب مهمة في المسرح، وحضور الكثير من المحاضرين وأصحاب التجارب المسرحية الناجحة في الوطن العربي، والاستفادة من تجاربهم ومناقشاتهم، وأيضاً في دورات لاحقة دخولهم في لجان التحكيم ونقد ما يقدم من أعمال مسرحية، دورة إثر دورة، تغيَّرت العروض المسرحية في أيام الشارقة المسرحية، وأصبح الجميع حريصاً على تقديم ما يفيد، وتحسن العمل المسرحي، وأصبح أكثر جدية، وقويت المشاركات المسرحية، بل إن مسرحيين جدداً خرجوا من خلف هذه التجارب المستمرة والناجحة، وتكوَّنت في العديد من المناطق بعض الفرق الجديدة، ودفعت بعناصر شابة وجديدة إلى واجهة المسرح.. إنها مسيرة مهمة بعد أن قطعت كل هذه المسافة الطويلة من العمل الجاد والمبرمج والمستمر، صار لزاماً أن يظهر معهد أو أكاديمية مسرحية تدرس كل الفنون، وأهمها المسرح حتى وإن كان ذلك عبارة عن قسم في إحدى الجامعات التي تنتشر في الإمارات.

أيَّام الشارقة المسرحية تأتي مثل ضياء جميل وقمر ينير دروب المسرح، ومدرسة تعلم أهل المسرح، وعلى الخصوص الجدد منهم فنون العروض، والاشتغال على النص المسرحي وجديد الخشبة المسرحية. ومن خلال هذه الأيام سوف نحصل على أعمال جديدة وجميلة، وأيضاً على ممثلين جدد سوف ينضمون إلى المسرح ويثرون العمل المسرحي، كما أنّ تجارب المسرحيين القدامى سوف تكبر وتتسع معارفهم وخبراتهم في سائر فنون المسرح، من ابتكارات العروض إلى طريقة إدارة خشبة المسرح، ثم الإضاءة والإخراج.

كل هذه الأيام والعمر يجري سريعاً منذ انطلاقة الأيام المسرحية، والحمد لله أن العمل يسير بإتقان وثبات يعطي ثماره المتجددة عاماً بعد عام.. إنها عزيمة الناس المؤمنين بأهمية المسرح والحريصين على إبراز هذا الفن الجميل عبر مسيرة ما زالت ممتدة، وقاطعة طريقها بعزم المؤمنين بهدفه والعارف بالعمل الذي الذي يشيّده ويعززه ويدعمه بقوّة، لأن المسرح هو الحياة وهو الفن الرفيع الذي يعلم الناس ويقدم لهم الأفكار المهمة.

عيد أهل المسرح يهل الآن عبر أيام الشارقة المسرحية، هذه الفرحة والسعادة والحضور الكبير الذي نشاهده كل عام عند بدء انطلاقة أبو الفنون يؤكد أن المسرح يسير في طريقه الصحيح، وأن ما زرع وما تم غرسه عبر هذه الأعوام الـ 24 دورة قد أثمر وحقق الهدف المنشود، بل إن هذه الأيام جعلت الإمارات ومسرحها قبلة لأهل المسرح في الوطن العربي..

إن المسرحيين الكبار الذين يقدمون ملاحظاتهم وأفكارهم عبر الدورات الفكرية السابقة واللاحقة للأيام هي دفعة كبيرة لمسرح الإمارات، وهي أهم ثمار هذه العروض المسرحية.

Ibrahim_Mubarak@hotmail.com


ابراهيم مبارك

http://www.alittihad.ae/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *