في عددها التاسع مجلة المسرح العربي تواصل الاحتفاء بالإبداع النسوي و تطرح رؤى نظرية في إشكالية المصطلح و البنى في المسرح العربي.

 

” المسرح العربي – العدد التاسع” المجلة الفصلية التي تصدرها الهيئة العربية للمسرح صدرت في الشارقة نهاية أيلول/سبتمبر و قد وشح غلافها بصورة من عرض الشهداء يعودون الذي قدمته المخرجة صونيا من الجزائر في دورة  مهرجان المسرح العربي الرابعة التي عقدت في العاصمة الأردنية عمان مطلع العام الحالي.

 

 

 

 

حملت افتتاحية العدد التي كتبها رئيس تحرير المجلة اسماعيل عبد الله عنوان ” سادة المسرح ” و قد عمد فيها إلى اقتباس نار الحكمة من أقوال عدد من المسرحيين الذي صاغوا رسائل اليوم العالمي للمسرح ليربطها ببروميثيوس سارق النار من الآلهة ليهبها للبشر في الأسطورة اليونانية ” بروميثيوس سارق النار المقدسة من آلهة الأولمب ليمنحها للناس، النار كانت حينها أعظم الاختراعات و كانت حكراً على سادة الأولمب، بل كانت سراً من الأسرار، لكن بروميثيوس جعلها هدية للعامة. اليوم سآتيكم بقبس من نار سادة المسرح و أنثرها على أعتاب حلمكم و أترك لكم أن تعلقوا عليها،أن تشعلوا بها مواقد إبداعكم.

احتوى العدد الجديد مواضيع عديدة انتظمت في أبواب خمس، الأول هو استراتيجية تنمية المسرح العربي التي أنجزتها الهيئة بعد عمل أمتد على مدار العامين الأخيرين، و الثاني مرايا المسرح الذي خصص للنقد و للدراسات المسرحية،و الثالث هو اسئلة المسرح و الذي خصص للأوراق العلمية التي طرحت في اليوم الدراسي ” المرأة و الإبداع في المسرح العربي ” و الذي عقد في الجزائر، أما الرابع فخصص للنصوص المسرحية ، فيما خصص الباب الخامس/ المعجم المسرحي  للتعريف بعدد من المبدعات في المسرح العربي.

الدكتور عمر نقرش كتب ” الهيئة العربية للمسرح ومشروع الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية خطوة في الاتجاة الصحيح لمسيرة المسرح العربي وتطوره “. مستعرضاً من موقعه كمشارك في ملتقى النقد الذي كان ثالث ملتقيات الاستراتيجية الخمس و بصفته عضو اللجنة التحضيرية للصيغة النهائية لمشروع الاستراتيجية محاور و مرتكزات و نتائج هذه الاستراتيجية التي عبر عنها بقوله ” وبناءً على ماسبق يعد مشروع الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية في حال تنفيذه خطوة في الاتجاة الصحيح لمسيرة المسرح العربي وتطوره”، وقد حرص د.نقرش على وضع كل الخطوات التي شهدتها مسيرة العمل على الاستراتيجية و التي شارك في أعمالها حوالي ثلاثمئة مسرحي عربي في سياق نتائجها العلمية و المشاريع العملية، و من الجدير بالذكر أن هذه المادة قد نشرت بالتعاون مع مجلة فنون التي تصدرها وزارة الثقافة الأردنية.

مرايا المسرح احتوى بين دفتيه دراسة للناقد عبد الناصر حسو من سوريا ” بدايات النقد المسرحي العربي” ذهب عبد الناصر حسو في دراسته إلى رصد حركة النقد فيالمسرح العربي و اشتباكاته مع المناهج النقدية في الغرب و مآلات الحال في واقع الأمر.

و في نفس الباب دراسة للدكتور خالد الغريبي من تونس بعنوان ” في إشكالية المصطلح المسرحي” يصل إلى نتائج مهمة منها ” وأخيرا وليس بآخر نحن في حاجة ماسة اليوم في سياق رهاننا الحضاري المشترك أن نولي مسالة توحيد المصطلح القيمة العليا في برامجنا التعليمية ومؤسّساتنا البحثية وفي اشغال الهيئات المختصّة في الترجمة والتعريب” .

كما احتوى باب مرايا المسرح دراسة للناقد عواد علي من العراق بعنوان ” المسرح ما بعد الدراما” ذهب فيها إلى أن “المسرح ما بعد الحداثي”، كما نرى، لا يشكل قطيعةً مع كل تراث المسرح في الماضي، بل إعادة إنتاج، تتلاءم وعصر “ما بعد الحداثة”، لرؤى مسرحية مجنونة سبق أن طرحها إثنان من المسرحيين المتقدمين على ثقافة عصرهما هما: ألفريد جاري، وأنتونين آرتو.

و في نفس الباب دراسة للمسرحي غنام غنام بعنوان ” الفرجة فضاء دراماتورجي” و من خلال تجربته المسرحية يذهب فيها إلى اختيار الفضاء ( المَحْفِل ) حيث يتم (الحفل) بوجود ( اللاعبين – المشخصاتية) و (وجود المشاهدين النظارة) وصولاً إلى إنجاز (الاحتفال) اختياراً درامتورجياً بامتياز حيث يؤثر هذا الفضاء /الشكل على بناء العرض من حيث تقنيات التشخيص و الأداء، و تقنيات مكملات العرض ، و تقنيات بناء العرض و المشاهد المختلفة، و تقنيات التلقي.

دراسة لمجد القصص من الأردن في نفس الباب بعنوان ” ميرخولد و الغروتيسك” تناولت فيها أسرار هذه العلاقة بين ميرخولد و الغروتيسك لتصل إلى ” على الرغم من تأثر “ميرخولد” بافكار “هيغو” و”هوفمان” الرومانسية الا انه يأخذ على “الغروتسك” الرومانسي مأخذا، ذلك انه ضعيف لانه ممتلىء بالعاطفة، وحتى يتحقق “الغروتسك” يجب ان يبحث عن التباينات الرائعة”.

العدد التاسع و كسيرة الأعداد السابقة حرص على الاحتفاء بشأن المرأة و ذلك انسجاماً مع إعلان الهيئة للعام 2012 عاماً للمرأة في المسرح العربي لذا فقد أفرد باب أسئلة المسرح لنشر أوراق البحث التي قدمت في اليوم الدراسي الموسوم ب”المرأة والإبداع المسرحي العربي”  يوم الثالث والعشرين من شهر ماي بقسم الفنون الدرامية – كلية الآداب واللغات والفنون- بجامعة وهران بالغرب الجزائري بالتنسيق فيما بين مخبر” أرشفة المسرح الجزائري” والهيئة العربية للمسرح.

و كان الأمين العام قد وجه رسالة لليوم الدراسي قال فيها” بهذا يكون العام مربوطاً بتاء التأكيد على جدارة المرأة المبدعة في تسنم المشهد الإبداعي، بهذه الرؤى و الجهود التي تشرق من قمم الجزائر التي تطاول الأوراس مجداً ،قمم إبداعية تحتفي بالمضمون الفكري و الإبداعي الذي يزين المرأة المبدعة و المجتمع التي تكدح فيه و من أجله.”

وقد تناولت أرواق الباحثات مجلات عديدة تجلى فيها إبداع المرأةفي المسرح العربي، فتساءلت الدكتورة نوال بن براهيم في ورقتها “المرأة و المسرح المغربي العلائق و الفوارق” سؤالها الرئيس ” هل نملك سياسة ثقافية تهتم بالنوع العامل في مجال الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص؟ من المعروف أن السياسات الثقافية خاصة تلك التي تتعلق بالجنس تساهم في التغييرات التي تحدث في النسيج الاجتماعي، وتساهم في الأسلوب الذي ينظر به الأشخاص إلى الأعمال التي تخصهم.”

فيما طرحت تجربة نهاد صليحة في الكتابة النقدية من خلال ورقة د. كحلي عمارة باحثة عن ” الملامح الجمالية في تجربة نهاد صليحة النّقدية؟ وكيف تتمثلُ الناقدة الفعل الدرامي في كتاباتها؟ ثم كيف تُدرك الناقدة موضوع المرأة في كتابة النص المسرحي وعرضه؟”

الدكتورة فرقاني جازية تحدثت في بحثها عن نص سيدة الأسرار للتونسية حياة الرايس لتخلص إلى ” اتخذت من الأسطورة مادة تعالج بها قضايا ظلت على الهامش وولجت عوالم عتمة وصامتة جدفت بقاربه ضد تيار النهر الهادر لتتحدث المرأة عن المرأة،  والأنثى عن الأنثى،كاشفة النقاب عن هموم و مشاغل لا يمكن للأسطورة إلا أن تكون وعاء و منطلقا يقدم المرتكز ولكن لابد أن تظل الدماء التي تبث فيها جديدة متجددة.”

و في ورقة د. ليلى بن عائشة المرأة في المسرح الجزائري بين الثبات و الإثبات تم طرح السؤال ” أما آن لنا أن نتساءل عن الصورة التي ظهرت بها المرأة في الأدب المسرحي الجزائري  وعلى الركح المسرحي؟ ،وهل هي صورة كافية لإعطاء المرأة حقها ؟وما هو الثمن الذي دفعته المبدعات في هذا الميدان لتحقيق ذواتهن؟ وكيف كانت التحديات التي واجهت المرأة في رحلة الإثبات والثبات تلك؟؟؟.”

“مقاربة أولية للكتابة النقدية المسرحية النسوية في العالم العربي” كان عنوان ورقة الدكتورة فتيحة الزاوي التي جاءت محملة بسؤال ” لماذا يفوق عدد كاتبات الرواية –شعر – قصص – المشهورات – سواء في الماضي أو في الحاضر عدد كاتبات المسرحيات؟

فسيطرة الرجل على عملية الإبداع والخلق كمؤلف ومخرج تأتي نتيجة الماضي – الحاضر- في ترسيخ خطاب اجتماعي، سياسي، وحضاري وتشكل ثقافي بصفة عامة، وبالطبع وليس الغريب أن تكون المرأة جزء من منظومة جديدة من الأصوات المسرحية التي تفتقر للخبرة.”

“الإبداع المسرحي و المرأة في ظل الحركات النضالية النسائية” ورقة د. طامر أنوال و تناولت إشكالات هذا الإبداع و محاولات الالتفاف عليه لتخلص إلى ” آن الأوان أن تعي المرأة المبدعة خطورة ما بيدها من سلاح،وقوة هذا السلاح في أن يجعل من “الكسيحة المقعدة” ذاتا مستقلة قادرة على قلب الموازين والوصول إلى قمة الهرم.”

و أخيراً كانت ورقة د. جميلة مصطفى الزقاي منسقة هذا اليوم الدراسي عضو اللجنة العليا لعام المرأة في المسرح العربي بعنوان ” المرأة في المسرح العربي ..شح في الكتابة و تسلل إلى النقد ” لتلمس بوعي أن ” ما يطول الممثلة والمخرجة من مضايقات في ولوج الخشبة، كانت ولا تزال الناقدة أيضا تخشاه وتعاني منه، لأنها تصانع الفنانة الممارسة في حمل الخطاب المسرحي بأياد محمومة من فرط لفحة الجمر !!”

و شمل باب أسئلة المسرح توصيات هذا اليوم الدراسي الهام.

و قد حوى العدد التاسع إلى جانب هذا جزءً من نص سيدة الأسرار للكاتبة حياة الرايس و الذي كان موضع دراسة في ورقة د. جازية فرقاني، و كذلك نصاً للكاتبة هدى سعيد بعنوان ” ملائكة الرب”

و تزين المعجم المسرحي بسير عدد من المبدعات في المسرح العربي ” شادية زيتون دوغان مصممة السنوغرافيا من لبنان، و الفنانة أحلام حسن من الكويت ، و الفنانة  أسماء مصطفى من الأردن، و الفنانة رجاء بن عمار من تونس

لمطالعة العدد التاسع يمكنكم زيارة موقع المجلة    http://atmag.ae/

شاهد أيضاً

الهيئة العربية للمسرح تصدر عددا جديدا مزدوجا من مجلة المسرح العربي (27 – 28)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *