شكسبير —- روائع الادب الانكليزي/ عبد الجبار نوري

 

 

 

وليم شكسبيريصنّف كأعظم كاتب في اللغة الأنكليزية ، وكاتب مسرحي بارز ، دمج الشعر في سياق النصوص المسرحية ، يسمى بشاعر الوطنية وشاعر أفون الملحمي– أفون: نهر في لندن تقع عليه مدينته ستراتفورد- وكانت معظم أعماله بين 1589- 1613وقد كتب الشعر والمسرحيات وترك تراثاً ثراً باذخاً ، لازال الباحثون يتناولونهُ بالتحليل والدراسة ويدققون في أبداعهِ في الشعر والدراما حتى أنّ ( الشكسبيريات) تعد علماً كبيراً واسعاً لهُ تلامذتهُ في معظم أنحا العالم، و كتب 38 مسرحية و 158 سونيته ، والسونيته (دمج الشعر في سياق النصوص المسرحية) وهي بدعة فريدة في عالم الشعر، و في مسارالشاعرالأنكليزي العظيم ( تراجم/جبرا أبراهيم جبرا وياسمين محمد مسلم وأبراهيم العريس) ، وهذه مقاطع من سونيتة شكوى محب { عشيقتي عيناها جميلتان ولكن الشمس أجمل/ شفتاها في حمرة المرجان لكن المرجان أنظر / فحين تمشي معشوقتي تتعثرفي خطوها / أحب سماعها تتكلم وأعلم أن للموسيقى عذوبة أكثر/ وأقسم أنّ حبي لها نادركتلك المقارنة الظالمة لها وكم أكابر؟؟ } “ترجمة كمال أبو ديب/ سونيتات شكسبير2011″، وقد ترجمت الى كل اللغات الحيّة ، وكانت مسرحياته الأولى كوميدية وتأريخية وتميّزت بالتعقيد والحبكة الفنية ، وفي نهاية القرن 16 كتب التراجيديات بما في ذلك الملك لير وهملت وعطيل ومكبث ، وفي أواخر حياته أنه كتب في التراجيدية والكوميديا التي سميّت ( الملهاة)، فهو أديب أنكليزي شهير بل يعد أشهر شاعر وكاتب مسرحي في تأريخ الأدب الأنكليزي زخرت العديد من المكتبات حول العالم برواياته الرائعة والتي ما زالت ثشهد على مدى أبداعهِ في رسم الشخصيّات وجعلها تتحرك على الورق فكان ينطق قلمهُ ليصوّر المواقف والصراعات التي تدور بين أبطالها وذلك في الأطار الذي حددهُ لها بمنتهى الأبداع والمهارة ، وبشكلٍ يجذب القاريء والمشاهد لمسرحياتهِ ، ولشكسبير أسلوب منفرد في أستعراض الشخصيات وبنائها وتصوير حركاتها وأنفعالاتها وخاصةً في العمل التراجيدي ، وتمكن من خلال أسلوبهِ الأدبي المتميّز من أختراق النفس البشريّة وتحليل أنفعالاتها ، وقد أمتاز ككاتب بسبر أغوار النفس البشرية في مسرحياته وحللها في بناءٍ متسق حيث جعلها أشبه بالسمفونيات الشعريّة كما يصفها النقاد، ورغم أنهُ من مواليد1564 أي القرن السادس عشر ، ومع ذلك يعد من أعظم الكتاب المسرحيين في العالم ، فحقاً كلماته وشعره قد لمس قلبي وجعلني أتعمّق في داخلي وأنْ أسبح في الخيال(سمير سليمان/كتابه محيط)، وأنّ شكسبيرليس له عصر ، ولكنهُ لكل العصور ليس لمكانتهِ المسرحية في عصرهِ أو غزارة أنتاجهِ المسرحي والشعري فحسب بل لأستمرارية شهرتهِ عبر قرون ، ولا تزال مسرحياتهِ تعرض في جميع أنحاء العالم وترجمت الى سبعين لغة(قصة الحضارة /تأليف: ول ديوارت) ، وهو بالنسبة للثقافة الأنكليزية والأدب الأنكليزي مفخرة لا تدانيها مفخرة أخرى لذلك فأنّ أنكلترا تتمجد بهِ طوال الوقت ، وقال برنادشو: لو خير الأنكليز بين شكسبير والهند لأختاروا شكسبير – ولا شك أنّهُ كان يقصد أنكلترا الشعب وليس أنكلترا ألأمبريالية – وأنّ شكسبير ليس مفخرة أنكليزية فحسب بل هو أحدأمجاد الأدب العالمي وأحد أكبر أعلام واقعية عصر النهضة وما بعدهُ (مقال/د-جليل كمال الدين/ المكتبة الأدبية) .
شكسبير/ خواطر وتأمل وتحليل
لا يمكن مقارنة الشهرة التي أكتسبها عالمياً على كافة المستويات فقد دخل الى جميع الثقافات والمجتمعات الفنية والأدبية والمسرحية في كل بلدان العالم ، وقدأعتمد في مسرحه وشعره على العواطف والأحاسيس الأنسانية مما عزز عالميته وأستمراريته ، فأبطال مسرحياته المأساوية شخصيات تتميز بالنبل والعظمة والعواطف الأنسانية فالشخصيات الكوميدية تضحك الجمهور لما في تصويرها من ذكاء ودقة وفكاهة ، وتمكن شكسبير في القصص المثيرة التي يستخدمها في مسرحياته والمخزون الفني من الشخوص التي يمتزج فيها الخير والشر والعاطفة والعقل واللغة الشعرية البليغة والبراعة في التلاعب بالكلمات والألفاظ والمفردات الجديدة ، لذلك يعتبر الرمز المتألق الوحيد لفكر عصر النهضة الأوربية بأمتياز ، فهذا الفكر الذي عالج جوهر الأنسان الفرد وموقعه في الكون ودوره في الحياة على كافة الصعد أنعكس بجلاء على مسرحياته ، وهي تعبير عن معاناة الفرد في واقعه وأمله وطموحه والى الأنعتاق من أي قيد يعرقل تفتحه وطموحه ، ويتجلى نضج شكسبير الفكري والفني في صياغة الصراع الذي يخوضه الفرد بين نوازعه وغرائزه وطموحاته وبين ظروف الواقع المحيط به والحتمية التأريخية ، فقد تجلت عبقريته الفنية في أستيعاب الأشكال الفنية التراثية والمعاصرة والشعبية وأعادة صياغتها أستجابةً لمتطلبات العصر ولشروط الممارسة المسرحية في دور العرض الفقيرة بالتجهيزات المسرحية كما في مسرحية حلم منتصف الليل في مزجه المرهف بين الواقع والخيال وبين العواطف والأهواء المتضاربة وهنا لايتقيد بالزمن والمكان وبهذا يقترب من أرهاصات الثورة الصناعية والأزدهار الأقتصادي والأنفتاح على العالم الواسع تلبية لطموحات الفرد الجديد أبن أواخر عصر النهضة ، وأنّ أشد المآسي قسوةً في أعماله لا تخلوا من لحظات تزخر بالهزل المكشوف، والسحر والشعوذة والأرواح ، وهو يصوّرْ الحياة التي تنبض وبصوت مكتوم على توقيع العواطف والشهوات والمتناقضات بلغة تتسمْ أحياناً بالغرابة وأحياناُ أخرى بالعاطفة أكسب أعماله طابع المأساة العالية(منير البعلبكي 1991 / موسوعة المورد)
عرض أنتقائي لبعض أعماله
سوف أستعرض بعض من مسرحياته{ التراجيديّة} التي شاهدتها شخصياً على خشبة المسرح وقرأتُ نصوصها باللغتين الأنكليزية والعربية ، وبصراحة أني شخصياً من عشاق هذا النمط الأبداعي خاصةً لأنّ التراجيدية الشكسبيرية ترضي فينا النزعة الأخلاقية لذا سوف أكتب عن هذا الصنف والذي أخصُ بها الذكر هي : روميو وجوليت، يوليوس قيصر ، ماكبث ، هاملت ، عطيل ، انطونيو وكليوباترا ، والملك لير، وللعلم أنّ الكوميديا او الملهاة تبدأ بما هو مزعج وتنتهي بما هو مفرح على النقيض من التراجيديا والتي تبدأ بما هو ترتاح أليهِ النفس البشرية ثُمّ تنتهي بمأساة —– *** روميو وجوليت: من الكلاسيكيات العالمية التي تتخذ من مدينة فيرونا- ايطاليا مسرحاً لأحداثها وقد كتبها سنة 1593 -1596 وقد أستقاها من التراجيديا التأريخية وكملحمة شعرية طويلة تعتمد على دراما كلاسيكية ومزج مع أحداثها الموسيقى والبالي لتشكل بحرفية عالية حركات الممثلين الراقصين البارعة مع أيقاع الموسيقي العالمية وهذا كل شيء فلا كلام ملفوظ أنما الموسيقى وأجساد راقصة فقط تروي ألأحداث وتجسد الصراعات وتنقل كل ما تريد الى المشاهد بدون عناء قراءة النص الأصلي لشكسبير، ويجسد بهذه الحركات الراقصة والموسيقى المتناغمه مع الروح والوجدان والأحاسيس الباطنية العميقة للمشاهد وتزداد الحركات بأزدياد حدة الخلاف بين الأسرتين وبالتالي يريد أنْ يقول: أنّ الحب هو الحل لكل خلاف ويقود المشاهد الى النهاية المحزنة بأنتحار الحبيبين.*** يوليوس قيصر: هي مسرحية تراجيدية أستمد الكاتب موضوعها وحوادثها من حياة يوليوس قيصر ويبرز فيه الخيانات والمؤامرات والدسائس التي تخيم على قصور الملوك ، ويبين شكسبير خلال الصراع بين الحاشية ونساء القصر والمستشارين بأنّ الجميع يطلب القمة ، ويجسد بخطاباته الشعرية أفشاء كينونة الخير والشر ، وأروع جملة في التأريخ قالها القيصر لأعز أصدقائه بروتس عندما طعنه وأجهز عليه قال القيصر: حتى أنت يا بروتس ؟!وأخذ يضرب على الخيانة ونكران الجميل للوقت الحاضر. *** مأساة هملت : 1601 التي تعد من أشهر مسرحياته عالمياً وصور فيها الوضع الأنساني من عظمة وجبروت وضعف في الوقت ذاته — وتحكي هملت قصة الأمير الدنماركي الذي يقع ضحية أجرام عمهِ وضعف أمهِ ، يصور شكسبير حيرة هملت في صراعه مع قراراته الداخلية وبمرارة وتردد ومؤطرة بمقاطع شعرية معبرة ، وصراع هملت المريروتردده يشغل الكثير من النقاد والكتاب والمفكرين وعلماء النفس وولد جدلاً زاخراً بالتفسيرات والدراسات والأجتهادات التي ما أنْ فكت تضيف على ألأرث الكبير في النقد الأدبي الى هذا النص . ***مسرحية أنطونيو وكليوباترا: فيتناول شكسبير الحب المحرم سياسياً وأخلاقياً بين القائد الروماني وملكة البطالسة كليوباترا ، وهو حبٌ فاضح بين حبيبين أواسط العمر ، لم يسبق لأحدٍ أنّ عالجهُ بذات البراعة والعمق والشاعرية مثل شكسبير. *** وفي مسرحية مكبث ، قدم شكسبير تحليلا لرجلٍ يستسلم لطموحهِ الجامح لضعفٍ في شخصىته فيفقد أنسانيته ويصبح قادراً على أي جريمة تبرز شخصية الليدي ماكبث. *** مسرحية الملك لير:1603-1606 أجمل ما قرأته في مسرحية الملك لير وجدت بها من المشاعر والحب ما لا تستطيع الكلمات أن تعبر عنه ، وهي تحكي لير ملك بريطانيا الأسطوري الذي كان يتمتع بفروسية عالية ، وعندما تقدم به العمر قسّم مملكته وثروته بين بناته الثلاثة ، وهنا عقدة ومفصل المسرحية ومحورها السايكولوجي حين طرحها شكسبيربقصد أن يوقظ النفس البشرية بأنّ فيها مخزون من الشرور، فيظهّرْللمشاهد ببراعته المعهودة شخصية الملك الخيالية وللامنطقية وللامعقولة ، وكشف ردود أفعال البنات وأزواجهنّ في الغيرة والنفاق والزيف والنرجسية وحتى روح الجريمة عندما دست احداهن السم للأخرى ، وكانت نهاية الملك مأساوية حيث مات وسبب في قتل كل من حوله الذين معه وضده. *** مسرحية عطيل: تدور حول الجنرال المغربي عطيل في الجيش البندقي وزوجته ديزدمونه ، حين يخنقها لظنه الخاطيء بأنها تخونه وحين يتحقق له خطأ شكوكه يقتل نفسه تكفيراًعن خطيئتهِ، وهي مسرحية تراجيدية تدور أحداثها في البندقية وقبرص سنة 1603 ، تلعب براعة شكسبير في تنويع المشاهد بمواضيع مختلفة بين العنصرية والحب والغيرة والخيانة ويطرح المناقشة بشفافية مرهفة دون التعرض الى مسألة الأصل والدين. عبد الجبار نوري / السويد
مصادر البحث
1 -تراجيديات شكسبير/ترجمة جبرا أبراهيم جبرا—2 – قصة الحضارة من ص9456 -9470 .3 –درسات أشتراكية في مسرح شكسبير/ترجمةعبدالله راضي/ بغداد1977 .4 –منير بعلبكي/موسوعة المورد1991 . 5 –دستوفسكي وشكسبير/ترجمة: ضياء نافع/

 

http://www.nasiriyah.org/


شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *