ماجد بن محمد افتتح الدورة السادسة للمهرجان في قاعة كاملة العدد «ضحكة سلم».. الممثل وحــده لا ينقذ العرض

بحفاوة استقبل جمهور مهرجان مسرح دبي للشباب أولى عروضه، أول من أمس، في مسرح دبي الاجتماعي في «مول الإمارات»، بحضور سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، الذي افتتح الدورة السادسة للمهرجان. وحظي الافتتاح باكتظاظ الجمهور في قاعة العرض التي كانت كاملة العدد، في ظاهرة جديدة على العروض الشبابية في مجملها.

 

 

وإذا كان من المنطقي أن يمني الحضور أنفسهم بعرض استثنائي في مستهل المهرجان، لاسيما أن هيئة دبي للثقافة اعتادت في دوراته السابقة إيلاء عناية خاصة بالليالي الافتتاحية، خصوصاً أن مسرحية الافتتاح يشارك بها مسرح الشارقة الوطني، الذي قلما يغيب عن منصات التتويج المهرجانية، فإن الأمر بالنسبة لعرض «ضحكة سلم» ألم يأت تماماً على هذا المنوال.

معرض وترجمة فورية

للمرة الأولى في دورات مهرجان دبي لمسرح الشباب تشهد قاعة مسرح دبي الاجتماعي حضور مهتمين بالمسرح من جنسيات أجنبية، إذ وفر المهرجان ترجمة فورية عبر سماعات وزعت على الجمهور غير الناطق بالعربية.

ويبدو أن انتقال العروض إلى «مول الإمارات» أسهم في زيادة تنوع الجمهور من ثقافات متعددة، ما يتح فرصة مهمة للجمهور الأجنبي للاطلاع على ما يقدمه المسرحيون في الإمارات، وهذا بدوره يضيف قيمة جديدة للتفاعل بين الجمهور متعدد الثقافت و«الخشبة».

كما تضمنت فعاليات المهرجان معرضاً للصور الفوتوغرافية توثق للمهرجان عبر دوراته السابقة، وتشير الى جهود الشباب في رفد المسرح الاماراتي بالجديد، بفضل الدعم الذي تقدمه لهم هيئة دبي للثقافة والفنون بتوفير منصة شبابية بامتياز، يتنافس فيها المسرحيون بإبداعاتهم.

المهرجان الذي انتقل من مقره التقليدي في ندوة الثقافة والعلوم بالممزر، إلى مسرح دبي الاجتماعي في «مول الإمارات»، بدا كأنه يتجه إلى مزيد من التألق الكرنفالي، ويقترب من حيث الشكل لصيغ المهرجانات الكبرى، فهنا سجادة حمراء، واستقبال رسمي لضيوف المهرجان، ومقاعد مخصصة للجنة التحكيم، والأهم وجود عدد أكبير من نجوم الدراما الإماراتية وبعض الفنانين الخليجيين والسوريين على وجه الخصوص.

هواية الحاج

لا تكاد تخلو الندوات التطبيقية للمهرجان على اختلاف دوراتها من حضور المسرحي يحيى الحاج، بخصاله التي تصبغ آراءه النقدية بخفة ظل تضفي طابعاً خاصاً على الندوة، لكنه كان، أول من أمس، مديراً للندوة التطبيقية التي ضمت كلاً من المخرج أحمد الزعابي والمؤلف عبدالله مسعود، والممثل رائد الدالاتي صاحب فكرة النص.

الحاج مارس هوايته في الإطناب والإطالة في عرض رأيه النقدي رغم تنويهه بمحدودية الوقت، وطالب المتداخلين بالجرأة في الطرح، في الوقت ذاته الذي دعاهم فيه إلى تجنب التجريح. يحيى الحاج الذي كان شخصية المهرجان الذي تم تكريمه العام الماضي، أثنى على قرار إدارة المهرجان باختيار الفنانة مريم سلطان الشخصية المكرمة للدورة الحالية، فيما اختزلت لقطة تسلمها الدرع التكريمية من سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، مشوار عطاء مسرحي امتد نحو ثلاثة عقود شاركت خلاله في التأسيس لحضور المرأة على خشبة المسرح الإماراتي.

 


 

نغموش «سعيد»

الفنان جابر نغموش لم يفارق أسرة مسلسل «طماشة» وجاء بصحبة عدد منهم لحضور المهرجان، منهم الفنان سلطان النيادي، والفنان أحمد عبده، وهو ما فسره مدير الإنتاج في شركة «ظبيان» سعيد الشريان، بأن هناك محاولة لاكتشاف وجوه جديدة لاستثمارها في مشروعات درامية مقبلة. نغموش الذي حول الصف الأول الذي شغل أحد كراسيه إلى منصة موازية للعرض قبل استهلاله، ومصدر ضحكات مسموعة، قال «أنا سعيد بهذا النشاط المسرحي الدؤوب، وفخور بمشاركة الشباب الفاعلة في الحراك المسرحي الإماراتي».

 

 


 

حضور وغياب

حضر رئيس مجلس إدارة مسرح الشارقة الوطني، الفنان أحمد الجسمي، وعدد من مجلس الإدارة، منهم الفنانان محمد العامري وحميد سمبيج، لكن تأثيرهم كان غائباً، على ما يبدو، في عرض الافتتاح، من حيث غياب دعم للمخرج أحمد ناصر الزعابي في أول تجربة إخراجية له. ورغم أن هناك إلحاحاً على عدم التأثير في رؤى الشباب الذين يخوضون تجاربهم الإخراجية الأولى، فإن كثيرين أجمعوا على أن تجربة الزعابي كانت بحاجة إلى كثير من الدعم من قبل الفنانين ذوي الخبرة الذين سجلوا حضوراً مشرفاً للمسرح الإماراتي في مهرجان الخليج المسرحي الأخير عبر مسرحية «صهيل الطين». غياب آخر تم تسجيله باسم مسرح الشارقة ممثلاً في المخرج حمد عبدالرازق الذي قدم أعمالاً أثرت المهرجان، وتمكن من خلال الطاقم التمثيلي ذاته من تقديم رؤية إخراجية ثرية.

الحضور الشبابي الملحوظ سواء من الممثلين أو المهتمين بفنون المسرح ظل بمثابة بصمة تسجل للمهرجان الذي تمكن على مدار الدورات الماضية من تخريج عدد من الممثلين والمخرجين للخشبة الإماراتية.

اللغة العربية

حملت كلمة المدير العام لهيئة الثقافة بالانابة، سعيد النابودة، في طياتها تأكيداً على مراهنة الهيئة على المهرجان في سياق دعمها لمجمل الحركة المسرحية، رابطة بين استراتيجيتها على المديين القصير والطويل، والاستراتيجيات العامة للدولة في هذا السياق، من ضمنها تعزيز الهوية الوطنية، عن طريق تشجيع الإبداع باللغة العربية الفصحى، وهو ما تجلى في ارتفاع عدد المسرحيات الشبابية المعتمدة على الفصحى هذا العام.

رئيس جمعية المسرحيين إسماعيل عبدالله من جانبه أكد أن هناك تنسيقاً بين الجمعية والهيئة في كثير من الأطر التي تهم شباب المسرح الإماراتي، على رأسها دعم الهيئة لصندوق خاص بتوفير الإمكانات اللازمة لابتعاث مجاميع شبابية تشارك بصفة دورية في المهرجانات الخارجية، من أجل كسب مزيد من الخبرات التي يوفرها الاحتكاك بالمدارس المسرحية المختلفة.

ثنائية

موعد فتح ستار «ضحكة سلم» أللمخرج أحمد ناصر الزعابي، كان مناسبة لكتم أنفاس حضور غصت بهم قاعة مسرح دبي الاجتماعي، قبل أن تكشف الخشبة عن عدد غير قليل من السلالم المتنقلة، تحيط بدرج ثابت، منهمك في تنظيفه رجل يدعى (سعيد)، يقوم بدوره الممثل رائد الدالاتي، فيما يدور أول حوار بينه وبين رجل آخر يشرف على عمله يدعى (كامل) ويؤدي دوره الممثل أمين الزرعوني، يعامله بغطرسة وغرور، ويقابله الأول بخضوع وخنوع. وهذه الثنائية تتكرر في علاقة كامل أيضاً برئيسه، المشغول بمدى الجهد الذي تحقق في تنظيف السلم.

ثنائية القهر والصمت تبقى هي الحاكمة للعلاقة بين الأشخاص في المسرحية، ليظهر الرئيس الأول لموقع العمل عبر الهاتف، فيجيبه الأقرب درجة إليه بالمنطق الذي يحكم العلاقة بين شخوص المسرحية، فيما تبدو على التوازي الثنائية نفسها في علاقة سعيد العامل بزوجته التي تطالبه بتحقيق آمالها المادية بمنتهى القسوة الحوارية، رغم أنه يخبرها بأن آماله الوظيفية مرهونة بتقديمه مزيداً من التزلف والخنوع في عمله، وهي ثنائية حاضرة أيضاً في العلاقة التي تربط الموظف الآخر (كامل) بزوجته، ولكن عبر صيغة الاسترجاع.

وفي ظل سينوغرافيا فقيرة، ومؤثرات صوتية تبدو صاحبة الحضور الأكبر من حيث وقعها الصريح، وغير المهادن، على عكس الحالة النفسية للشخصيات، يحدث التبدل الأهم في المراتب الوظيفية خلال حفل دعي إليه صاحب المرتبة الأعلى في هذا الكيان الوظيفي الافتراضي، ليقوم (سعيد) بمدحه والمبالغة في إطرائه، ما يتسبب في حصوله على ترقية ويتبدل حاله ليقوم بعمله رئيسه السابق، في حين يصل (سعيد) لأعلى الرتب الوظيفية، ليبدأ زملاؤه في تدبير الحيل للإيقاع به من جديد.

كوميديا

مسحة من الكوميديا كانت حاضرة أيضاً عبر شخصية (سعيد) في مسرحية «ضحكة سلم»، فضلاً عن شخصية الجاسوس الافتراضي من وجهة نظر (سعيد)، التي أداها الممثل أيمن الخديم. ومن اللافت أن كليهما استعان بأغنية تفاعل معها الجمهور، وربطتهما حالة من التعاطف.

ورغم وضوح الرسالة المعنوية للمحتوى الذي شكل محاكمة لآفات مجتمعية، منها النفاق والتزلف والتملق، إلا أن المسرحية بدت فاقدة لكثير من مقومات الفعل المسرحي، ولم نلحظ توظيفاً للإضاءة والاكسسوارات، خصوصاً في خدمة تطور الأحداث على الخشبة، ولم يتح المخرج أحمد ناصر آلية للغوص في الأعماق النفسية للشخوص التي أدت أداء سطحياً رغم أن معظمها أثبت كفاءة في مشاركته العام الماضي مع المخرج حمد عبدالرازق عبر مسرحية «في المسدس رصاصة».

الممثل الرئيسي نفسه رائد الدالاتي الذي يعد علامة فارقة حاضرة دائماً في «دبي للشباب»، ربما يكون أنقذ بأدائه المتميز بعض جماليات «ضحكة سلم»، رغم أن الدالاتي كان مرشحاً لمزيد من التألق وكذلك زملاؤه الممثلون، خصوصاً أمين الزرعوني الذي تمت الإشادة بقدراته الفنية العام الماضي.

المصدر:

    محمد عبدالمقصود – دبي

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *