للجزائر أقلام إبداعيةمهمة في النص المسرحي لكنها لا تظهر

 

نظرا لأهمية الفن المسرحي الذي يسعى للنهوض والإرتقاء بالشعوب من خلال نصوصه على غرار المسرح العربي نجد المسرح الجزائري، الذي كان في ما مضى إذا شارك بعرض مسرحي متكامل يحصد العديد من الجوائز لجرأة مضامينه، لكنه اليوم في تراجع مستمر، فارتأت Œالمحور اليومي˜ استنادا على أهميته وقياسا بظاهرة الإقتباس والإبداع وكذا اغتيال المؤلف اليوم في الجزائر، استطلاع آراء الفاعلين في المسرح الوطني من مخرجين، كتاب، ممثلين وباحثين الذين أكدوا على ضرورة الإقتباس بصفته تمرينا للإبداع، وعلى اشتغال ورشات الكتابة الدرامية لأن معظم الكتاب هواة.

يعتبر المسرح أداة ثقافية، تربوية وترفيهية، وهو من أهم الفنون التي اهتمت بقضايا الإنسان على مر العصور وترجمها إلى عروض مسرحية عن طريق نصوص تقرأ الواقع وتصنع الفرجة وتنبثق من خلالها رسائل توعية، فيعد بهذا مرآة المجتمع وأبا للفنون، فهو الفن الوحيد المتكامل إذ يساهم فيه كل من الموسيقيين والرسامين والأدباء والشعراء وغيرهم..
جمال قرمي:الإقتباس تمرين للكاتب يستدرجه نحو التأليف˜
أشار المخرج جمال قرمي في البداية إلى الفرق بين النص المسرحي الذي يقرأ والذي يمثل فوق الخشبة أو كما يسمى النص الركحي قائلا: Œلأن هناك بعض كتاب الأدب ينتجون مسرحيات تقرأ، فنجد أن أغلب الكتاب الحاليين إما ممثلين، مخرجين أو حتى سينوغرافيين، أي كل شخص له علاقة بالركح المسرحي ودراية بتقنيات الخشبة والفعل الدرامي،لذا المخرج المسرحي لما يقرأ مسرحية ما يبحث عن الحركة والأحداث بالإضافة إلى الفصول، فلما يجد فيها روح الكتابة الركحية انطلاقا من النظريات الدرامية، وهذه الأخيرة كلمة يونانية يقصد بها الفعل، وانطلاقا من الصور التي يتضمنها النص المسرحي يستطيع أن يجسدها فوق الخشبة، كما أن هناك بعض الأدباء يكتبون بعض مسرحيات الأديب أو الشاعر تبقى هذه النصوص عبارة عن بوق من أبواق الكاتب المباشر.˜. مضيفا في حديثه عن ظاهرة الاقتباس قائلا: Œأصرح أنني مع الكتاب الذين يقتبسون المسرحيات لأني لا أظن أن كاتبا مسرحيا لا يقرأ للكتاب الكلاسيكيين، فالإقتباس عبارة عن تمرين للكاتب يستدرجه نحو التأليف، وأنا مع الاقتباس من عمل روائي أو من قصيدة شعرية جزائرية، على عكس الإقتباس من المسرح العالمي إلا اذا تعاملنا مع النص بطريقة أخرى تسمى بجرأة العمل في إقحام البيئة الجزائرية، وأظن أن هناك مؤلفين جزائريين يكتبون للمسرح من مسرحيات شعبية تدخل فيها البيئة الوطنية، لكن لم تعط لهم الفرصة كونهم يحتاجون إلى مؤطر يقوم بتوجيههم، فالكاتب المسرحي لابد أن يتمتع برصيد معرفي إلى جانب الخيال الواسع في تفعيل شخصياته، وكي يتمكن من تجسيد الواقع لابد أن يكون في طابع فني، وهنا لا ننسى أن المسرح متعة وفرجة فالمسرحية الناجحة التي تتمتع بكل المقاييس دون أن ننسى توظيف المخرج للعرض المسرحي لأن المقولة تقول: Œمن أراد أن يعرف ثقافة بلد فليزر مسارحها˜، لذا الجمهور لابد أن يرى بيئته انطلاقا من مجال الإبداع˜.
سيد علي بوشافع: للجزائر أقلام إبداعية في النص المسرحي لكنها لا تظهر˜
كما شدد من جهته الكاتب المسرحي Œسيد علي بوشافع˜ على ضرورة تقديم فرصة للمبدع الجزائري بوضع الثقة فيه وقال: Œأجد أن الإقتباس ضروري للكاتب في بداياته، فمثلا نقتبس من التراث الوطني فننقل هنا الواقع الجزائري إلى خشبة المسرح، أما الإقتباس من المسرحيات العالمية أظن أنه يكون على مستوى المعهد حين ندرس Œموليير˜ وبشكسبير˜ وغيرهم، لكن مع الدخول إلى عالم التطبيق من المستحسن أن نطبق ما هو موجود في واقعنا المحلي، كما نجد للأسف أن هناك بعض النصوص المسرحية لا تحاكي الجمهور بواقعه الإجتماعي ونجدها خارجة عن تقاليدنا وثقافتنا، فهي تخاطب عالم آخر وهذا يظهر انطلاقا عزوف الجمهور عن المسرح، غير أن للجزائر أقلاما إبداعية في النص المسرحي لا تظهر، فهل هذا راجع إلى وجود أياد خفية تعمل على طمس كل ما هو جزائري؟˜.
سفيان عطية: أشتغل حاليا على إحدى الروايات الجزائرية لتحويلها إلى مسرحية˜
Œأجد ظاهرة الإقتباس عادية جدا، لأن في الجزائر أشكال المؤلفين يصلون للإنتاج، كما للاقتباس عدة أشكال من المسرحية إلى الرواية وكذا القصيدة، فالإقتباس هو الإنتقال من شكل أدبي إلى آخر، فلا نستطيع الإستغناء عنه، وأنا شخصيا أشتغل حاليا على إحدى الروايات لروائي جزائري، فيجب أن نأخذ من غيرنا ومن أشكال أخرى لنطور أنفسنا نحو الأفضل˜.
محمد بوكراس: الإقتباس من الروايةإبداع نخبوي يتحوّل إلى مسرح شعبي˜
أما الناقد المسرحي Œمحمد بوكراس˜ والمختص في المسرح الجزائري صرح لـ Œالمحور اليومي˜ قائلا: Œيمكن اعتبار أن موضوع الإقتباس في المسرح الجزائري جديد وقديم في الوقت نفسه، فنعلم جيدا أن أول نص تم اقتباسه كان من طرف العربي مروان النقاش عن مسرحية Œالبخيل˜ لـ Œموليير˜، والمسرح الجزائري هو الآخر عرف انطلاقا من الإقتباسات ولايزال يتعاطى فيه إلى اليوم، فهناك تيار يندد بسلبيته كونه يعيق عملية الإبداع والتواصل بين الجمهور عن طريق محاكاته للواقع، غير أنني أجد أن الإقتباس هو عملية إبداعية، تبدأ من اختيار النص المسرحي إلى تكيفه مع الواقع الإجتماعي بنظرة واقعية موضوعية، كما نجد أن الإقتباس على الأدب العالمي الألماني ومن الأميركو لاتيني والتراث الانساني بصفة عامة، يتيح في هذه المسرحيات للمتفرج الجزائري التعرف عن الأدب العالمي، إلى جانب إثراء Œريبورتوا˜ المسرح الوطني، كمسرحية Œوردة حمراء من أجلي˜ التي اقتبسها Œعلال المحب˜ وهي المسرحية التي تتناول الثورة والعدالة الإجتماعية والتي أسقطها من سنوات السبعينات أين كانت الجزائر آنذاك اشتراكية، فهنا نجد مقاربة بين النص العالمي والواقع الجزائري˜. ليضيف الناقد بوكراس في سياق الإقتباس من المسرح العالمي إلى الروايات قائلا: Œلاحظنا الإقتباس من الرواية الجزائرية كأعمال واسيني الأعرج من روايته Œإمرأة من ورق˜، وكذا الروائي الطاهر وطار بروايته Œالشهداء يعودون هذا الأسبوع˜، فنجد أن الرواية إبداع نخبوي يتحول إلى مسرح شعبي ينال أعلى نسبة من المشاهدة، لكن الأمر المؤسف أن بعض المؤلفين لا نجد لديهم إحالة إلى المصدر، كما ما زلنا لم نرق بعد إلى أعمال إبداعية تحاكي العشرية السوداء سواء على مستوى الفن الرابع أو السابع، لذا لابد أن نتكلم عن طموحات الشباب في الألفية الثالثة، وعدم تكرار المواضيع المستهلكة أمثال الزواج والطلاق والهجرة غير الشرعية-الحرقة-.˜.
الدكتورة جميلة الزقاي: لابد من تكثيف ورشات خاصة بالكتابة الدرامية˜
ومن جهة أخرى أكدت الناقدة جميلة الزقاي أن النصوص المسرحية لها أقلام تبدع فيها قائلة: Œكنت في لجنة القراءة عام 2011 في إطار Œتلمسان عاصمة للثقافة الاسلامية˜ وكان بين أيدينا 35 نصا، تم اختيار 12 نصا وعرض منها 5 عروض مسرحية في إطار خمسينية الإستقلال، شاركوا في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف، وحاليا بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية قرأنا أكثر من 200 نص، لكن وجدناهم يكتبون انطلاقا من الموهبة، لذا لابد من إيجاد حلول عن طريق تكثيف الورشات الخاصة بالكتابة الدرامية على مستوى المسارح وأقسام الفنون ودور الثقافة، كما لابد من التنويه على أن النصوص الجزائرية تتجه نحو النصوص المسرحية العراقية، التي تنقص هي الأخرى الروح الجزائرية التي تتضمن رؤية فلسفية لها مسار سريالي عميق الفكر والرمز.˜.

من إعداد: صارة بوعياد

http://www.elmihwar.com/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *