أرثر ميلر.. عملاق المسرح الأمريكي المعاصر

أرثر ميلر، الكاتب والروائي والمسرحي الأمريكي الذي ولد في 17 أكتوبر 1915، وتوفي في 10 فبراير 2005،

كان أحد رموز الأدب والسينما الأمريكية لمدة 61 عامًا، يعتبر من عمالقة المسرح الأمريكي المعاصر، وكان من كبار المدافعين عن الحرية الفكرية، منددًا بكل أشكال القمع وكان من المنادين بفكرة مسرح في متناول الجمهور.

 

 

*وفاة بائع متجول

خرج “ميلر” من سنوات الكساد في الثلاثينات ليكتب مسرحيات تحاكي في قوتها التراجيديا الكلاسيكية اليونانية، تعتبر مسرحيته “وفاة بائع متجول” نموذجًا كلاسيكيًا لدراما القرن العشرين، وتدرس تلك المسرحية في المدارس بمختلف أنحاء العالم، وتتناول نقاط التصادم في طبيعة العلاقة بين ما هو اجتماعي، وما هو فردي حاملًا في طياتها نظرة ناقدة للحلم الأمريكي.

اشتهر “ميلر” بآرائه اليسارية وتم اتهامه بالشيوعية في الخمسينيات، تميزت كتاباته المسرحية بطروحات حادة في تناولها لإشكاليات الإنسان المعاصر وبشكل خاص الإنسان الأمريكي، كتب العديد من المسرحيات لعل من أهمها: المحنة، نظرة من الجسر، وكلهم أبنائي، والتي حصلت عام 1947 على جائزة توني لأفضل مسرحية، في عام 1949 منح جائزتي “بوليتزر” وجائزة نقاد الدراما عن عمله الأكثر شهرة موت بائع متجول، وهي مسرحية ترجمت إلى أكثر من 20 لغة بعد شهور على ظهورها، وما زالت تدرس وتعرض حول العالم.

*ميلر ومارلين مونرو

شملته حملة لجنة تحقيق النشاط المعادي لأمريكا، وقاده صيته ككاتب تقدمي وناشط في مجال حرية الرأي والتعبير إلى المحكمة في عام 1956، قام بإدانة الأنظمة القمعية في كل مكان وفي نفس اللحظة كان يدين السياسة الخارجية للولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

كانت حياة أرثر ميلر الخاصة على نفس القدر من الإثارة، وخاصة زواجه الفاشل من مارلين مونرو، وقد لحقت الشائعات هذا الزواج من لحظاته الأولى، فأشيع أن زواج ميلر من مونرو محاولة لتمويه مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يلاحق نشاطات ميلر اليسارية.

*سيرة ذاتية

ولد ميلر لعائلة يهودية متوسطة الحال في مدينة نيويورك، كان والده أيسدور ميللر بولوني هاجر إلى الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الأولى، وكان مصمم وصاحب محل أزياء نسائية، والذي دمر في فترة الكساد العظيم عام 1929، ما كان سببًا في تأثر آرثر لتنقله من حالة ميسورة إلى الفقر، كان لانتقال العائلة المتوسطة الحال إلى عائلة فقيرة بسبب الكساد العظيم أثرًا كبيرًا بأن يواجه ميلر وهو في الرابعة عشرة من عمره العالم الواقعي وجعله يعي أزمة العالم اقتصاديًا واجتماعيًا، بسبب هذه الهزة الاقتصادية العنيفة اضطر “ميلر” لممارسة العديد من المهن البسيطة مثل عامل في كافتيريا وسائق شاحنة وعامل في مصنع إلى جانب دراسته في جامعة ميشيغان، غير أنه سرعان ما تمكن من كسب معيشته من كتاباته فقام بالالتحاق بحلقة للتدرب على كتابة المسرحية، بدأ ميلر بممارسة الكتابة الدرامية في سنة 1938، أي بعد تخرجه، وكان أول عمل له عُرض على مسرح في برودواي “الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ، كانت أعماله الأولى تحمل أثر التمزق والضياع اللذين أحس بهما أيام الكساد العظيم، وتأثر حينذاك بالأفكار الاشتراكية وأعجب بالمسرح الثوري وتتلمذ على أعمال المسرحي النروجي هنريك إبسن ورغب مثله في أن يبرز النظام الذي يقمع الإنسان.

كانت والدته ربة منزل مهتمة بالأدب والتعليم، أخته جوان أصبحت ممثلة معروفة باسم جوان كوبلاند وظهرت في بعض مسرحياته أمضى ميلر دراسته الابتدائية في هارلم من عام 1920 إلى 1928، وشاهد المسرح لأول مرة في 1923 على مسرح شوبرت، قضى دراسته الثانوية في مدرسة أبراهام لينكون الثانوية بالقرب من جزيرة كلوني في بروكلين بنيويورك، وكان ميلر متفوقًا رياضيًا، ولكنه كان ضعيف دراسيًا.

تم رفض طلبه الالتحاق بجامعة ميشيغان، ولكن رغم ذلك كان ميلر يضع 13 دولارًا من كل 15 دولارًا يكسبها في صندوق الكلية، حتى تم قبول طلبه الالتحاق بجامعة ميتشغان سنة 1934.

في بداية التحاقه بجامعة ميتشغان اختار تخصص الصحافة ثم انتقل إلى الأدب الإنجليزي وانصب اهتمامه على الأدب اليوناني القديم وكتابات هنريك إبسن، خلال عطلة الربيع سنة 1936 كتب عمله الأول للاشتراك به في مسابقة ذات جائزة 250 دولارًا، وفاز عنه بجائزة آفرى وود، وحصل على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي عام 1938، في 5 أغسطس 1940 تزوج زميلته ماري جريس سلاتري بعد قصة حب وأنجبا جان وروبرت، الذي أصبح مخرجًا وكاتبًا ومنتجًا سينمائيًا، وهو من أنتج فيلم المحنة سنة 1996، وقام ببطولته دانيال داى لويس، أي صهر ملير.

تم إعفاء ملير من الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية لإصابة رياضية قديمة في عام 1956 طلّق ماري سلاتري، وفي 29 يونيو من نفس العام تزوج مارلين مونرو، والتي قابلها منذ ثماني سنوات عبر إليا كازان، وحينها تحولت مارلين إلى اليهودية.

في 24 يناير 1961 حصلت مارلين مونرو على الطلاق من ميلر.

وفي 17 فبراير 1962 تزوج ميلر من المصورة الفوتوغرافية إينج موراث، والتي التقى بها عندما حضرت مع عدد من المصورين من وكالة ماجنوم، لتصوير إنشاء فيلم “سيئو الحظ” عام 1961، وأنجبا طفلين هما دانيال وريبيكا، واستمر زواجهما 40 عامًا حتى وفاتها في 30 يناير 2002.

*ريبيكا ميلر

أصبحت ريبيكا ميلر، ممثلة وكاتبة ومخرجة وتزوجت من دانيال داي لويس، والتي قابلته أثناء تصوير فيلم عن رواية والدها “المحنة” عام 1996.

أعلن ميلر خطوبته للرسامة آجنس بارلي في عام 2004 ولكنهما لم يتزوجا، غير أنهما عاشا معًا منذ 2002.

توفي أرثر ميلر عن عمر 89 عامًا بسكتة قلبية بعد معاناة مع مرض السرطان وأمراض القلب والرئتين مساء 10 فبراير 2005 في الذكرى السادسة والخمسين للعرض الأول لمسرحية “موت بائع متجول” في برودواي، كان ميلر محاطًا بعائلته عندما تفي في منزله في روكسبوري، كونيتيكت، بعد أربعة شهور من موت أخيه الأكبر كريمت ميلر وبعد ثلاث سنوات من موت زوجته إينج موراث، وقد كتب ميلر سيرته الذاتية في كتاب أسماه “منعطفات زمنية“.

*حياته السياسية

اشتهر ميلر بميوله اليسارية، ويعتقد البعض أن زواجه من مارلين مونرو كان للتغطية على نشاطاته الشيوعية، وقد تابعت مكتب التحقيقات الفيدرالي نشاطه منذ الأربعينيات وحتى عام 1956 حين توقفت المباحث الفيدرالية عن متابعته، وحين أفرجت الأخيرة عن وثائق متابعة أرثر ميلر بعد موته، قالت إنه لم يكن منضمًا إلى الشيوعيين، بل كان منشقًا عنهم، رغم نفيه الدائم لانتمائه للشيوعية غير أنه يعترف بأنه حضر عددًا من الاجتماعات مع كتاب آخرين، قائلًا “إن الاجتماعات كان يحضرها واحد أو اثنين من الشيوعيين أما الباقون فلم يكونوا كذلك كما أنه كان أيضا مهتمًا بالرد على من يهاجمون الشيوعية فلم يكن شيوعيًا، بل كان ضد من هم ضد الشيوعية.

وقد تمت إضافة ميلر إلى القائمة السوداء لهوليوود، إضافة إلى إيليا كازان وغيرهما، وقد منعت الحكومة الأمريكية الفرق المسرحية الأمريكية من عرض مسرحية “كلهم أبنائي” خارج الولايات المتحدة عام 1949.

*ميلر المعادي للسياسة الأمريكية

كان لميلر موقف معاد من السياسة الأمريكية خارجية كانت أو داخلية، وقد انتقد جورج بوش الأب أكثر من مرة، كما كان دائم النقد لأوضاع المجتمع الأمريكي ويتضح هذا جليًا في كتاباته.

وقد وقف ميلر ضد الحرب على فيتنام وكانت له نشاطات في مجال حقوق الإنسان.

في 31 مايو 1957 اتهم ميلر بازدراء الكونجرس الأمريكي وأدين من هيئة متابعة النشاطات غير الأمريكية أو “لجنة تحقيق النشاط المعادي لأمريكا”، لرفضه الإفصاح عن أسماء حلقة أدبية مشتبه في انتسابها للشيوعية، وقد دافع ميلر عن وجهة نظره، قائلًا “إنني لا أستطيع استخدام أسماء أشخاص آخرين لأجلب لهم المشاكل“.

في 7 أغسطس 1958 رفضت محكمة الاستئناف الأمريكية التهم الموجهة إليه بعد صراع قانوني لمدة سنتين، وقد دافع محاميه جوزيف رو بأن الهيئة كانت تريد التشهير به، وأن الأسئلة التي لم يجب عليها ميلر لم تكن ذات علاقة بالقضية.

وفي نفس العام أصدر مجموعة مسرحيات، أسس ميلر الاتحاد الدولي للكتاب المسجونين وانتخب رئيسًا له عام 1965 واستمر في المنصب لأربعة أعوام.

في عام 1985، عندما زار ميلر تركيا مع هارولد بينت بالنيابة عن اتحاد الكتاب العالمي ولجنة المتابعة بهلسنكي، تمت دعوته على العشاء في السفارة الأمريكية، وعندما فتح بينتر موضوع التعذيب مع السفير الأمريكي، تم طرد بينت وترك ميلر الحفل تضامنًا معه.

وفي عام 2000 ذهب ميلر مع زوجته إينج إلى كوبا مع مجموعة صغيرة من مثقفي أمريكا، وكانوا تسعة أشخاص، حيث التقى الرئيس الكوبي فيدل كاسترو أو كما يسميه، “الزعيم”، حيث دعا كاسترو المجموعة إلى العشاء في اليوم التالي لوصولهم كوبا وتناقش معهم ثم فاجأهم في اليوم التالي بأن ذهب إليهم أثناء تناولهم الغداء في المدينة ليكمل نقاشه معهم في مسرحية “اتصالات السيد بيتر” عام 1999، وجه ميلر نقدًا شديد اللهجة لأخلاقيات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وعندما تم توجيه سؤال إليه عن كيفية احتفاظه بصفات الثائر الأخلاقي وهو بعمر 84 سنة، قال ميلر: لا أشعر بأنني بريء بما فيه الكفاية إلى درجة إعفاء نفسي من شتم الآخرين، وعلى أي حال فإن المرء كلما كبر في السن يضحك مع نفسه ساخرًا من كل شيء، ولا علاقة للحملات الانتخابية بذلك، ولكن فيما يتعلق بالمرشحين فهي تجارة أيضًا، ولا يوجد أي مشرح يناقش أو يطرح المشاكل الحقيقية والتي لها علاقة فعلية بواقع معاناة الناس، لاحظ هذه المناظر الهيستيرية حول الإجهاض، بحيث أن من يستمع إلى سياسيينا وهم يتحدثون عنه سيعتقد بأن المشكلة الجوهرية للمواطن الأمريكي البسيط هي الإجهاض.. اللعنة.. ألا يريد هؤلاء النماذج من السياسيين إلا المتاجرة بنا..؟ لماذا وصل الحال إلى وجود الآلاف من أطفال أمريكا بأن يعيشوا تحت مستوى الفقر؟ ألا يوقظ هذا في الساسة الضمير العالمي؟.. إن المراقبين لم يكفوا عن التأسف والشكوى من أن هذا البلد يحتاج إلى استعادة وإنقاذ قيمه الأخلاقية.. ولكن السخرية تكمن أيضًا في أن هؤلاء المراقبون أنفسهم يشغلون حيزهم في هذه المنظومة التي تدمر قيمنا يومًا بعد يوم.

*ميلر وإسرائيل

لم يكن ميلر يهوديًا متدينًا في بداية حيات، ه فلقد كانت زيجته الأولى في كنيسة، أما حين تزوج مارلين مونرو فقد قابلها بحاخام يهودي لمدة ساعتين ونصف تحولت بعدهم إلى اليهودية.

ويروي د. عبد الوهاب المسيري عن “ميلر” أنه قد تنبه لذلك التناقض -الذي وقع هو نفسه (أي ميلر) فيه- حول مفهوم “الدولة اليهودية”. ففي مقال له في مجلة التايمز اللندنية 3 يوليو 2003 يقول:

إنه عند إعلان الدولة الصهيونية عام 1948، تصور أن ذلك الحدث السياسي يشبه أحداث العهد القديم، واهتزت مشاعره بعنف، ولكنه تنبه بعد ذلك إلى أن أبطال هذا الحدث بشر عاديون، تجد من بينهم سائقي الحافلات ورجال الشرطة والكنّاسين والقضاة والمجرمين والعاهرات ونجمات السينما والنجارين ووزراء الخارجية.

واعترف بأنه نسي في غمرة فرحه أنه إذا أصبحت الدولة اليهودية مثل كل الدول، فإنها ستتصرف كأي دولة تدافع عن بقائها بكل الوسائل المتاحة، شرعية كانت أم غير شرعية، بل ستحاول أن تتوسع على حساب الآخرين.

وبعبارةٍ أخرى، فإن “ميلر” يعترف بأنه أخطأ في تصنيف دولة إسرائيل ولم يستطع التمييز بين الدولة اليهودية ودولة اليهود. فالدولة اليهودية، كما تصورها، لا تنتمي إلى التاريخ لأنها خرجت من صفحات الكتب المقدسة، أما دولة اليهود فتخضع للقوانين التاريخية التي تنطبق على الظواهر المماثلة.

وحينما راجع “ميلر” حساباته، صنف الدولة الصهيونية التصنيف الصحيح، وسجل احتجاجه عليها

وقد فكر ميلر في رفض جائزة القدس ولكنه قبِلها بعدما أرسل شريط فيديو ينتقد فيه سياسة الاستيطان وقتل المدنيين، قائلًا: “أن قمـع الفلسطينيين والمستوطنات في الضفة الغربية خيانة لمثل التوراة العادلة التي ألهمت تأسيس دولة إسرائيل“.

ودعا إلى قيام دولة فلسطينية وقال “إن ما بقي من الحلم بمجتمع تقدمي مسالم في 1948 هو الضد تمامًا: مجتمع مسلح يائس على خلاف مع جيرانه والعالم لم تظهر يهودية ميلر في كتاباته عدا مسرحية “بعد السقوط” التي تناولت الهولوكوست ومعاداة السامية وروايته الوحيدة “التركيز“.

*ميلر ضمير المسرح الأمريكي

بدأ حياته وكسب عيشه من العمل في مصنع غير أنه سرعان ما التحق بمؤسسة “فيدرال ثياتر روجكت”، المتخصصة في توفير عمل للممثلين والكتاب في نيويورك وبدأ كسب عيشه من كتابة السيناريوهات، عُرضت أولى أعماله على المسرح في برودواي، بعنوان “الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ” والذي كتبه عام 1944، بزغ نجم آرثر ميلر بمسرحية كلهم أبنائي عام 1947، والتي تدور حول صاحب مصنع قام ببيع قطع غيار محركات طائرات معطوبة للجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية.

حصدت المسرحية جائزة دائرة نقاد الدراما بنيويورك وجائزتي توني، أما مسرحية “موت بائع متجول”، والتي أصدرها عام 1949 فقد حصلت على جائزة بيرلتز وجائزتي توني، وكذلك جائزة دائرة نقاد الدراما بنيويورك. وكانت أول مسرحية تحصل على الجوائز الثلاث، وقد عرضت هذه المسرحية نحو 700 مرة، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة بعد شهور على ظهورها.

اقتبس ميلر من أبسن مسرحيته “عدو الشعب” ردًا على “الرعب الأحمر” التي كتبها جوزيف مكارثي. فذهب إلى بلدة سالم بماساتشوستس.

تم افتتاح مسرحيته “المحنة” في برودواي في 22 يناير 1953، وهي أكثر أعمال ميلر إنتاجًا كمسرحيات أو أفلام، وفيها يربط ميلر بين الحرب الباردة والمكارثية وبين محاكمة سحرة سالم، وهي تعالج موضوع معاقبة السحر والشعوذة في إحدى مدن أمريكا وهي مدينة سالم بولاية ماساتشوستس، ولسان حاله يقول “إياك أعني وإسمعي يا جارة” ضد حملة لجنة تحقيق النشاط المعادي لأمريكا، في 1955 تم افتتاح الدراما الشعرية “نظرة من الجسر” واعتبرها المشاهدون بعيدة عن الروح الشعرية ثم تم تعديلها لتعتبر مسرحية نثرية على الطراز اليوناني التراجيدي التقليدي في العام التالي.

لم يكن من الغريب أن يستبعد كاتب في حجمه من الحياة الثقافية الأمريكية عقب الحملة “الأدبية” الشهيرة التي شنت عليه لاحقًا في عام 1972، عندما كتب مسرحيته “خلق العالم وأعمال أخرى”، التي تدور فكرتها حول الصراع بين الخير والشر بطريقة كوميدية من خلال قصة حواء وآدم، وقد توقفت هذه المسرحية عن العرض بعد عشرين ليلةـ غير أن مسرحيته “الزجاج المكسور” التي عرضت في مسرح “بوث” في نيويورك عام 1994 أعادت إليه الاعتبار المسرحي، وكانت تلك المرة الأولى التي يقدم فيها عمل جديد له على مسارح برودواي مدة 14 عاما كاملة.

في 1 مايو 2002 حصل على لقب رائد الدراما الحديثة من إسبانيا، وفي العام التالي حصل على جائزة القدس.

آخر مسرحيات ميلر كانت دراما كوميدية بعنوان “إنهاء الصورة” تم افتتاحها في خريف 2004 على مسرح جودمان، وهذه المسرحية هي توثيق للوقت الذي قضاه ميلر ومونرو في تصوير فيلم “سيئو الحظ” 1961 وكان زواجهما في هذه الفترة في تدهور نتيجه لإدمانها المخدرات. امتدات حياة ميللر الأدبية لنحو 70 عامًا ويعتبر ضمير المسرح الأمريكي.

*ميلر وابسن

يعتبر منهج ميلر المسرحي مطابقًا لمنهج المسرحي النرويجي هنريك إبسن (1828 – 1906) مؤسس مدرسة الواقعية الاجتماعية، التي كانت تهدف إلى زيادة الإدراك والوعي بالحياة وتغيير الواقع الاجتماعي، في مسرحياته الأخيرة، كان ميلر يطرح وجهة نظره حول المستقبل السياسي للولايات المتحدة، حيث كان ميلر يعتقد بأن السياسة في بلده تُدار من قبل أصحاب رءوس الأموال وليس السياسيين.

بسبب تجربة ميلر الشخصية في شبابه وتعرض عائلته إلى هزة اقتصادية عنيفة خلال الأزمة التي شهدتها أمريكا في سنة 1931، والتي عرفت باسم الكساد العظيم ارتبطت فلسفة ميلر الشخصية بصراع مع قيم الرأسمالية التي شاهدها تلتهم العاطلين عن العمل والمهمشين، بسبب وصولهم إلى الخمسينيات من أعمارهم، وقد عبر ميلر عن هذا الجانب الإنساني في مسرحية “اتصالات السيد بيتر” أو “علاقات السيد بيتر“.

كان ميلر لا يزال متمسكًا بفكرته القديمة بأن على المسرح أن يهز الإنسان وينسف الأشياء التي تفتقر إلى المعنى، قبل وفاته، ولكنه كان في نفس الوقت قلقًا على واقع المسرح حيث قال: إن العمل المسرحي قد تحول إلى سلعة كما تحول كتّاب المسرح إلى موظفين يعملون في المسارح وحتى المخرجين لم تعد تراودهم الرغبة في تبني المواهب والنهوض بالفن، المعيار الوحيد للنجاح هو ما إذا كان الإنسان قادرًا على تحقيق الثروة المادية.

يروى أن زوجته المشهورة مارلين مونرو خاطبته في أحد الأيام وهما يتعشيان على ضوء الشموع في إحدى مطاعم هوليود: “بصراحة يا عزيزي دون أن تغضب! مسرحياتك، أنا لست معجبةً بها.

*أعماله

أنتج ميللر الكثير من الأعمال في جميع فروع الكتابة، بدءًا من المسرح حتى كتابة المقال، وكان أغزر إنتاجًا في المسرح وتنوعت كتاباته بين المسرحيات والروايات والقصص القصيرة والمقالات والشعر والنثر ومن أعماله:

• الرجل المحظوظ – مسرحية – 1944

• التركيز – رواية – 1945

• جميع أبنائي – مسرحية – 1947

• موت بائع متجول – مسرحية – 1949

• عدو الشعب – مسرحية – 1951

• المحنة (البوتقة) – مسرحية – 1953

• نظرة من الجسر (منظر من الكوبري) – مسرحية – 1957

• سحرة سالم – فيلم اقتبسه جان بول سارتر من مسرحية المحنة – 1957

• سيئو الحظ (المختلون) – قصة قصيرة – 1961

• بعد السقوط – مسرحية – 1964

• حادثة في فيشي – مسرحية – 1965

• لم أعد أريدك – مجموعة قصصية – 1967

• الثمن – مسرحية – 1968

• في روسيا 1968

• خلق العالم وأعمال أخرى – مسرحية – 1973

• في الريف (مع إينج موراث) – 1977

• صدام صيني (مع إينج موراث) – 1979

• اللعب للوقت 1980 • الساعة الأمريكية – مسرحية – مقتبسة عن أوقات صعبة لتشارلز ديكنز – 1980

• النسخة الأخيرة 1981

• رثاء سيدة 1982

• ذكرى يومى اثنين – مسرحية من فصل واحد 1984

• الصعود من الجنة – مسرحية موسيقية مبنية على خلق العالم وأعمال أخرى – 1984

• بائع متجول في بكين 1984

• نوع من قصص الحب 1984

• الكل رابحون – سيناريو – 1990

• السنوات الذهبية 1990

• الزجاج المكسور – مسرحية – 1994

• اتصالات مستر بيتر – مسرحية – 1999

• حول السياسة وفن التصرف – خطبة منشورة – 2001

• إنهاء الصورة – مسرحية – 2004

سينمائياته

تحولت الكثير من كتابات أرثر ميلر إلى أفلام سينمائية أو حلقات تليفزيونية وكان أول تلك الأفلام عن مسرحيته “كلهم أبنائي”، وعرض الفيلم سنة 1948 بالأبيض والأسود، وأخرجه “إرفينج ريس”، وقام ببطولته إدوارد جي روبنسون وبرت لانكستر.

وتوالت أعماله التي ظهرت كأفلام أو حلقات تليفزيونية حتى 61 عملًا بعدة لغات.

كما تم تصوير عدة أفلام عن مسرحيته “المحنة” كان أولها عام 1959، وكان إنتاجًا تليفزيونيًا بالأبيض والأسود من إخراج هنري كابلان ومن بطولة شون كونري وباربرا شيلكوت، أما آخرها فكان عام 1996 والذي كتب ميلر له السيناريو وأخرجه نيكولاس هيتنر وقام ببطولته دانيال داي لويس ووينونا رايدر وأنتجه روبرت ميلر ابن أرثر ميلر.

أما روايته الوحيدة “التركيز” فقد تم تصويرها مرتين، الأولى تليفزيونيًا عام 1966 وأخرجها آلان جيبسون وقام ببطولته جوس آكلاند وراى ماكنالي، والثانية عام 2001 وأخرجها نيل سلافين وقام بالبطولة فيه ويليام ماسي ولورا ديرن. وقد أعلن في 2006 عن بدء تصوير فيلم عن مسرحيته “الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ” أو “الرجل المحظوظ” وستقوم بكتابة السيناريو ابنته ريبيكا ميلر وسيقوم بإخراجه سكوت إليس.

ما كتب عنه

لم تكن حياة كاتب كأرثر ميلر لتمر مرور الكرام خاصة أنها دسمة وتحتوي على الكثير من التفاصيل، فلذلك كُتب عنه عدة كتب منها:

مقالات مسرحية لأرثر ميلر – روبرت مارتن – 1978

علم النفس وأرثر ميلر – ريتشارد إيفانز – 1981

حوار مع أرثر ميلر – ماثيو تشارلز – 1987

الشيوعية ورعاة البقر والشواذ: دراسة في الرؤى الذكورية لأرثر ميلر وتينيس ويليامز – دافيد سافران – 1992

فهم أرثر ميلر – آليس جريفن – 1996

حوار مع ميلر – ميل جوسو – 2002

دراسة لغوية حول مسرحيات أرثر ميلر: امتزاج الشعر بالعامية – ستيفين مارينو – 2002

أمريكا أرثر ميلر: المسرح والثقافة في مرحلة التغيير – إينوخ براتر – 2004

أرثر ميلر (من سلسلة كُتاب وأعمالهم) – ريتشارد أندرسون – 2005

أرثر ميلر: حياة وأعمال كاتب مسرحي – إينوخ براتر – 2005

أرثر ميلر: دراسة نقدية – كريستوفر بيجسبي – 2005

الرد النقدي على أرثر ميلر- ستيفين سينتولا – 2006

أرثر ميلر: حياته وأعماله – مارتن جوتفريد

الدراما الأمريكية المعاصرة: دراسة لمسرحيات تينيس ويليامز وأرثر ميلر وإدوارد آلبي – أبها سايجن

 

إيهاب طاهر

http://www.albawabhnews.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *