نماذج للإطلالة على نصوص المسرحيات الإماراتية

بكتاب لايتجاوز عدد صفحاته الـ(70) من القطع المتوسط صدر مؤخرا عن دار نينوى للدراسات والتوزيع والنشر بدمشق يطل الكاتب والناقد بهجت درسون على نصوص المسرح الإماراتي ليناقش من خلالها مسالة توظيف إشكالية الذات الآخر ويستهل الكتاب

بمقدمة يضع فيها سؤالا محوريا يبدو كمفتاح لمسار الدراسة النقدية التي يقدمها حيث يسال الكاتب عن سر اختياره للذات – الآخر وهل تبدو إشكالية فعلية والى أي مدى تنشر إشكالية كهذه تأثيرها في الثقافة العربية ويضيف الى سلسلة أسئلته التي يثيرها لماذا اختار النص المسرحي ومانوع الصلة بين الإشكالية والتراث وهل  تناول الكتاب المسرحي العربي هذه الإشكالية وقاموا بتوظيفها وكيف وما هو موقف الأصالة في ظل حتميات توظيف هذه الإشكالية للأصالة والتعرض اليها لاسيما وان النص المسرحي هو وافد أصلا من الغرب أي الآخر..

ويختم كم الأسئلة التي يكشف عنها في المقدمة بسؤال يصفه بالأهم محركا لمفاهيم الأسئلة السابقة واللاحقة حيث يشير الى سبب اختيار هذه الإشكالية تحديدا وسحبها على النص المسرحي الإماراتي وتحديدا أكثر على أعمال (الدكتور سلطان بن محمد القاسمي) حيث يشير الى ان الأخير كاتب مسرحي وروائي وأستاذ جامعي ورجل سياسة وباحث تاريخي علاوة على دوره الناشط في المجتمع الإماراتي..

ومن كم الأسئلة الذي يبرزه في مقدمة الكتاب -الدراسة يتحول الكاتب درسون لوضع إجابات محددة عن ماهية الدراسة واعتمادها على تحقيق الهدف الذي تنشده منهجا تكامليا يولف بين المناهج التي لايمكن اعتماد احدها دون الآخر بسبب حاجة التحليل الى الإحاطة بالبعدين الداخل المتمثل بالنصوص والخارج متمثلا بالمؤلف ويستطرد درسون ليشير بان دراسته النقدية اعتمدت في خطتها خمسة مباحث رئيسة يأتي في مقدمتها إشكالية المنهج وقد تعرضت من خلاله الى المنهج التكاملي ومصطلحات الدراسة ومفاهيمها بينما يناقش المبحث الثاني إشكالية الذات- الآخر في  الثقافة العربية اما المنهج الثالث فتبرز موضوعته الأساسية بالتطرق الى توظيف إشكالية الذات – الآخر في النص المسرحي العربي ويتصدى في محوريه الأول الذي يعنى بمحاولات تأصيل النص المسرحي العربي اما المحور الأخر فيتطرق الى النص المسرحي الإماراتي الان..

ويتناول المبحث الرابع من الكتاب توظيف إشكالية الذات – الآخر في النص المسرحي الإماراتي وكالعادة يتمحور عن هذا المبحث محورين أولهما يتناول مسالة تأصيل النص المسرحي الإماراتي وبالتحديد حينما يتخذ نموذجا الدكتور سلطان بن محمد القاسمي فيما يناقش المحور الآخر توظيف إشكالية الذات – الآخر في الخطابات الأخرى أي خارج نطاق الخطاب المسرحي للدكتور سلطان بن محمد القاسمي حيث يتناول النشاط الملفوظ من خلال محوري الخطاب الروائي والخطاب التاريخي بينما هنالك يبدو النشاط غير الملفوظ اما المبحث الخامس والأخير فيعتمد في مناقشته على الوعي القائم والوعي الممكن في الخطاب المسرحي الإماراتي عند الدكتور القاسمي..

وفي سياق المقدمة يشير درسون الى انه ورغم تحقيق دراسته النتائج المعتدلة مع الاتجاهات البحثية المعتمدة للتصدي للثيمة الأساس فان مسار البحث لم يسلم من بعض الصعوبات الكبيرة التي استلزمت جهدا كبيرا موازيا لجهد الكتابة نفسها ومنها شحة المصادر الضرورية للتعرف على ملامح المسرح الإماراتي لاسيما في بداياته ومشكلة اضطراب المصطلح في الترجمة عند اعتماد المصادر الأجنبية..

الدراسة النقدية تمثل تواصلا مهما بين ناقد من العراق يتابع نصوص كاتب مسرحي من الإمارات وهي حالة صحية للدفع بالواقع المسرحي العربي وضرورة تأكيد صيرورته من اجل إنتاجه لنصوص مسرحية لاتتحدد بواقع او بيئة معينة وهذا ما ارتكز اليه الكاتب والناقد بهجت درسون حيث يستخلص في استنتاجاته التي اختتم بها الكتاب الى ان إشكالية الذات – الآخر احتلت وماتزال حيزا كبيرا في الثقافة العربية حتى استدعت الى ان يكون المثقف العربي تحت تأثير اتجاهين أولهما أنتج مثقفا مرتدا الى ذاته منكفي عليها قابل بحتمية السكون والسلبية اما التأثير الأخر

فأنتج مثقفا راحلا الى الاخر منقطع عن الجذر قابل للاندماج في حركية لاانتماء فيها.. ويعزز الناقد درسون هذه المفاهيم بانسحاب تأثير هذه الإشكالية على النص المسرحي العربي كما امتد تأثيرها على الجوانب الأخرى ويكشف درسون حقيقة مهمة تبرز ان جزءا من عملية تحقيق المحافظة على الهوية في النصوص المسرحية كان له دور باستلهام التراث واستدعائه عبر رؤيا معاصرة لها إمكانيات تخليق تلك المسافة التاريخية التي تجعل التاريخ حسب لوكاتش حركة مستمرة بلا انقطاع ومن خلال متابعاته لما يعرض على المسارح العربية فان الناقد والكاتب بهجت درسون يشير الى اختلاف تعامل الكتاب العرب مع التراث ومعالجتهم لموضوعيته فمنهم حسب متابعاته حقق الموازنة في استلهامه على مستويي الشكل والمضمون ومنهم من كرس للمضمون دون عناية بالشكل بينما ذهب اتجاه ثالث الى اعتماد الشكل دون استرشاد لرؤيا واضحة.

 

الموصل – سامر الياس سعيد

http://www.azzaman.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *