عام المسرح في الإمارات

بكل تأكيد أن هذا العام هو عام المسرح في الإمارات، عطفاً على الأنشطة الكثيرة والمتنوعة التي انطلقت منذ الدخول في العام الجديد، وكأن هذه السنة هي موسم العطاء المسرحي، وسوف يستمر هذا التدفق والنشاط الكبير حتى نهاية أيام الشارقة المسرحية، وتلك حدث آخر جميل ومهم في عالم المسرح المحلي، والذي أخذ يتصاعد ويكبر ويمتد تأثيره وأثره في المحيط الخليجي والعربي.

النشاط المسرحي في الإمارات أصبح علامة بارزة، خاصة بعد أن تنوعت أعماله وأنشطته وكثرت برامجه والمشتغلون عليه في صنوف مجالاته، بدءاً من الدراسات والبحوث، وانتهاء بالندوات والمؤتمرات والمناقشات التخصصية من قبل رجال المسرح في الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه، وكل هذا أثرى العمل المسرحي وقدم دفعة قوية ومهمة للمسرح، ليس على مستويات الأعمال التخصصية مثل الإخراج والتمثيل والنصوص المسرحية والإضاءة واشتغال الممثل والأدوات التي يلعبها، فقط، وإنما على مسارات أخرى جديدة في الإمارات، مثل المونودراما التي انطلقت من الفجيرة كنشاط مسرحي جديد، بدأ صغيراً وتجريبياً، ولكن استمرار هذا النشاط ورعايته من قبل المسؤولين في الفجيرة والحرص على اكتمال واستمرار مثل هذا النوع من المسرح أعطى مردوداً جميلاً، وأخذ يكبر ويتسع عاماً بعد عام، ولعل هذا العام هو الأكثر رسوخاً وتأكيداً على أن الذي يزرع ويعتني بزرعه ويرعاه لابد أن يثمر في نهاية الأمر، وهكذا كان، فقد حقق مسرح المونودراما هدفه في هذا العام، وتعددت المشاركات المسرحية من أقطار كثيرة؛ وهذا في نهاية المطاف يخدم المسرح الكبير، ويعزز نموه واستمرار العطاء، خاصة عندما يكون الحضور بهذه الصور الجميلة من قبل أهل المسرح في الخليج العربي والوطن العربي وأقطار أجنبية أخرى، ما يعزز أهمية العمل المسرحي ويصنع أفراداً جدداً على كافة المستويات، بدءاً من الممثل إلى كاتب النص المسرحي، حيث إن هذه الفرصة التي تقدم للمسرحيين للتحاور والاقتراب من بعضهم والاستفادة من التجارب المختلفة تشجع الجميع على العمل والنشاط والاهتمام بالمسرح على الصعد كافة، بدءاً من المونودراما ذات الممثل الواحد إلى الأعمال المسرحية الكبيرة الاجتماعية والتاريخية التي يشارك فيها أعداد كبيرة من الممثلين والفنيين، والتي تحتاج إلى مجهودات كبيرة وعمل يمتد أشهراً من التدريب والتحضير.

الآن نستطيع أن نقول، إن المسرح في الإمارات وبعد الدعم الذي حظي به على مدى سنوات طويلة قد رسخ أركانه، وأثبت وجوده من خلال وجود ساحة فنية واسعة ترعى المسرح وتشتغل عليه باهتمام واضح، ونجاح مسرح المونودراما واستمراره هو نجاح للمسرح في الإمارات، حيث الاستمرار والثبات على المواعيد ودقتها وعدم التأجيل أو العجز والتأخير هي الأهم دائماً، وهو مؤشر النجاح، ثم إن إضاءة الموسم المسرحي بهذا النوع من النشاط الناجح هو مؤشر على أن القادم من الأعمال المسرحية سوف تكون ناجحة ومشرقة.

إن الفجيرة ومناطقها البحرية دائماً ما تكون في غاية الروعة في هذا الفصل وازدادت بهجة وجمالاً بحضور مسرح المونودراما والحضور الكبير للمسرحيين والفنانين والمثقفين من كافة أقطار الوطن العربي والمحلي والضيوف الآخرين من خارج الوطن العربي؛ ولكن الأهم في كل هذا الأمر هو الدعم والمساندة والاستمرار والاستفادة من التجارب التي تمر، إن المسرح ليس حفلة موسيقية تنتهي بآخر مشارك يحمل مزماراً أو طبلة ويرحل، المسرح هو اقتناع وإيمان وعمل على إجادة مسرح دائم ومستمر وأمانة ثقافية وفنية، وليس إعلاناً دعائياً يأتي ثم ينتهي، إن الديمومة وحدها تخلق المسرح المنشود، وهو ما يتحقق الآن في الإمارات.

Ibrahim_Mubarak@hotmail.com

ابراهيم مبارك

http://www.alittihad.ae/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *