بدائل لاعنفية لقضايا خلافية في المسرح التفاعلي العوض لـ”النهار”: تجربة “مدّ الجسور” ناجحة تقنياً

أثبتت فكرة استخدام الفنون أهميّتها في الدفاع عن قضايا إجتماعية في حملات لاعنفية. استخدم الشباب اللبناني تقنية المسرح التفاعلي كوسيلة لطرح قضايا خلافية يعيشونها في محيطهم ومجتمعهم، في محاولة لإيجاد حلول لها بمشاركة الجمهور.

جسّد 20 شاباً وشابة من تلامذة مدارس وطلاب جامعات هذا العمل من خلال مشروع “لنعمل معاً على مدّ الجسور”، الذي أطلقه “المركز اللبناني للتربية المدنية” قبل نحو عام، على ما تقول مديرة المشروع لمى العوض. “بدا المشروع حاجة ملحة في ظلّ الأزمة الحالية التي يمر بها لبنان، خصوصاً وأن العنف بات أمراً معاشاً في يومياتنا” توضح، “وهدفنا دعم السلم الأهلي وحل النزاعات بالطرق السلمية”. واختار المركز العمل مع هؤلاء الشباب من أربع مناطق: الشياح، عين الرمانة، الحدت والشويفات، لما فيها من تنوع جغرافي، ديني، طائفي وسياسي، بالتعاون مع البلديات ومراكز الشؤون الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني ومدارس خاصة ورسميّة. وتم اعتماد المسرح التفاعلي، “بوصفه مسرحاً غير تقليدي، يقوم على إشراك الجمهور في التمثيل والنقاشات فلا يكون هؤلاء مجرد متفرجين، بل يقدّمون حلولاً للمشكلات المطروحة”. وتلفت إلى أن ما يميّز هذا المسرح هو “النص المفتوح الذي يشارك الجمهور في صياغته، عدا عن طرح المشكلات الاجتماعية والسياسية التي يعانيها الناس في يومياتهم”.
وتضيف العوض، أن المشروع ساهم “في تدريب الشباب على مفاهيم التعامل البنّاء مع الاختلاف وقبول الآخر واكتساب بعض المهارات القيادية، كالعمل الفريقي وبناء المجموعات والتواصل، والتعرف الى المهارات الفنية المتعلقة بالمسرح التفاعلي، كالارتجال واستخدام لغة الجسد والصوت”. اختار الشباب عدداً من المواضيع الخلافية في محيطهم، مثل العنف ضد المرأة، صراع الأجيال، تفشي المخدرات بين الشباب والعنف المجتمعي المتمثل بالثأر. وكتبوا سيناريوهات مسرحياتهم، بمساعدة اختصاصية المسرح والناشطة الاجتماعية المدربة جنى أبو مرشد والكاتب هافال يوسف ومدرب حل النزاعات جو حداد، وعرضوا أربع مسرحيات في عدد من المدارس المحيطة بالمناطق المذكورة وفي بلدية الشياح. وعملوا معاً من أجل الوصول إلى حلول لاعنفية بمساعدة الجمهور. هكذا، “اكتسب الشباب والجمهور المشارك مهارة إيجاد بدائل سلمية عدة للمشكلات اليومية التي يواجهونها في حياتهم، من خلال هذا المسرح التفاعلي”، تفيد العوض مشيرة إلى أن الشباب تدرّبوا في شكل مكثّف على تقنيات المسرح التفاعلي، وكيفية تكريس الأسلوب اللاعنفي في طرحهم للقضايا.

عرض مسرحية ” صراع الأجيال
ولتوضيح الصورة أكثر، اطلعتنا العوض على أحد العروض الذي طرح فيه الشباب قضية “صراع الأجيال” عبر والد أراد أن يفرض على ابنه التخصص في “إدارة الأعمال” لتسليمه إدارة الشركة التي ورثها بدوره عن والده. فبدأت المشكلة حين أعلن الابن رفضه العرض، وأعرب عن رغبته في دراسة المسرح، لكن الوالد كان متشبثاً في موقفه لأن “المسرح لا يطعم خبزاً”، كما قال. وبدا الجمهور شديد التفاعل عبر محاولة اقتراح حلول سلمية للمشكلة، أساسها المنطق، وحتى أخذ أدوار الممثلين لمحاولة الاقناع.
وفي تقويمها للعمل، أكدت العوض أن “العرض المسرحي كان ممتازا، خصوصاً لناحية التفاعل مع القضية المطروحة، فالجمهور تفاعل بنجاح مع هذا المسرح بانسياب تام، الأمر الذي حفزه على بذل جهود إضافية لإيجاد حلول منطقية وعادلة للظالم والمظلوم”. وأشارت الى عبارات كثيرة وردت في العرض، منها، التوريث، السلطة، القمع، القهر، وغياب الحوار بين الأهل والأولاد، “وهي أمور نواجهها في حياتنا اليومية ونفشل في معالجتها كما يجب في كثير من الأحيان”.
ورأت أن المشروع أثمر نجاحاً كبيرأ في تفريغ طاقات الشباب السلبية، مما دفع الكثيرين إلى المشاركة، لافتةً إلى أن هذا النوع من المشاريع “يحدث تغييرا في سلوك الأفراد، وإن كان الأمر يحتاج إلى بعض الوقت”. ووصفت تجربة “المركز اللبناني للتربية المدنية” بـ”الخطوة الجديدة والفريدة من نوعها في لبنان، لا سيّما على مستوى الأماكن التي قُدّمت فيها العروض الأربعة، أكان ذلك في المدارس أو في بلدية الشياح”، فضلاً عن مشاركة الجمهور “الذي غالباً ما كان يقتصر دوره في المسرح على مشاهدة العرض المسرحي من دون التفاعل المباشر مع الممثلين”.

nicole.tohme@annahar.com.lb
Twitter: @NicoleTohme

نيكول طعمة

http://newspaper.annahar.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *