مرعي الحليان:النمطية المسرحية لم تحددها الرقابة

مشاهدة مسرحية «نهارات علول» للكاتب المسرحي مرعي الحليان، المشاركة في الدورة 23 لأيام الشارقة المسرحية، جددت مفاهيم البحث في المواضيع المسرحية المطروقة، في المسرح الإماراتي، وأشكال تطوير كتابة النصوص، على مستوى الفكرة، وآلية استثمار عناصر العرض، لصناعة مشهدية تتسم بالفرجة والقدرة على إيصال رسالة كاتب المسرحية.

 

 

وأوضح الحليان، عبر حواره مع «البيان» أن المفارقة الجذرية للنص، تكمن في انتظاره نحو 5 سنوات لتنطلق صرخته الداخلية كمؤلف تجاهها، حيث بدأ سيناريو «نهارات علول» بكتابة نفسه، دون توقف، وهنا، بحسب الحليان، تختلف معايير الكاتب الممتلئ بالتفاعل الروحي مع النص، وبين من يتقن الوعي بكيفية «صنعة» سير الأحداث ودرامية الشخصيات في كتابة السيناريو، مبيناً أن المسرحية انطلقت من سؤال: ما هو سر المسرحيات التي لا تنسى، وتشكل الوعي عبر عرض حيّ، يبقى متداولاً في كل زمان ومكان؟

كسر النمطية

الحديث عما يسمى بقالب أو نمطية أو برمجة، جميعها مدلولات للبيئة المسرحية عندما تتخذ أشكالاً متقاربة في الفكرة وأشكال الإبداع الفني، وكسر هذا التوجه العام، شكل أحد أهداف الحليان من كتابة مسرحية «نهارات علول»، قائلاً: «لا أدري كيف فك خط الصفحة رقم 20 نص المسرحية، فعلياً كتبت ما يقارب 19 صفحة في أول سنة من تحديد فكرة النص وأبعادها، وكلما هممتُ بالعودة لاستكمال النص، أشعر بأنني أحتاج للانتظار، وتقريباً بعد 5 سنوات، استطعت وبشكل مسترسل الولوج إلى عمق القصة في العمل، ودائماً كنت أفكر في قصة الرصاصة المغمورة في جسد الشخصية الرئيسية ولم تقتله، إلى أين ستذهب به على مستوى الإسقاطات السياسية والاجتماعية والثقافية، خاصة أننا نعيش حراكاً عربياً سياسياً، في المنطقة العربية، وتفاعلنا معه يُعد جزءاً من منظوماتنا المجتمعية كأفراد ومؤسسات. ولفت إلى أن النمطية المسرحية في الإمارات لم تحددها أطر الرقابة بشكل رئيسي، وإنما تبني المسرحيين لها مثل تجسيداً للتكرار والاستهلاك الفني.

أنتج الحليان العديد من المسرحيات الواقعية نتيجة اهتمامه بهذا المجال، وكان أحد إنتاجاته النوعية مسرحية «باب البراحة» التي شكلت أيقونة كلاسيكية للنصوص المسرحية في الإمارات. ويأتي التوجه إلى إيجاد مساحات بحث جديدة، وصولاً إلى مدارس تعبيرية بملامح افتراضية لعناصر المكان والزمان، تُعد المساحات الأوسع لتأسيس مفهوم التنويع من قبل المخرجين وكتاب المسرح، حيث اعتبر الحليان أنه سعى من خلال «نهارات علول» إلى الخوض في هذا المسار التجديدي، ليس اعتماداً على اللغة العربية الفصحى فقط، بل بتجسيد حراك مجتمعي لنص يوازي طبيعة العديد من النصوص الخالدة لشكسبير، مثل مسرحية «عطيل» و«حلم ليلة صيف»، وغيرها، وقال الحليان: «دائماً في المسرح هناك دلالات أن الشخص المجنون أو المهووس، يعول عليه منطقة البوح، ومنها جاء اختيار (علول) و(الرصاصة) التي تتحرك في جسده، دون أن تقتله، عاملاً لتداعي الأحداث وتصاعد المونولوج».

ما وراء النص

مناسبة كتابة «نهارات علول» لم تأت من فراغ، كما أكد الحليان، مضيفاً أن تصاعد الأحداث الاجتماعية والثقافية والفكرية أدت بدورها إلى تولد فعل الكتابة لديه، لافتاً إلى أن شخصية «علول» هي ناتج فعل الكثير من الأحداث الاجتماعية والسياسية، مستدلاً الحليان بأهمية الرجوع إلى نموذج شخصية «بوعزيزي» فهو يمثل شرارة انطلاق الأحداث العربية، وأن تلك الشخصية لم يكن في حسبانها أنها ستصنع حراكاً تاريخياً، ولكن هناك من بنى على الحادثة إسقاطات مجتمعية متعددة، مضيفاً أن تلك النماذج تتحول مع الوقت إلى وقود لأي حراك، مستهدفاً الحليان أن يناقش العرض الوعي الفكري لتلك الحادثة، وأبعادها المستقبلية على الأفراد والأنظمة المجتمعية في البلدان العربية. يذكر أن مسرحية ” ليلى والذئب” تأليف وإخراج مرعي الحليان لمسرح رأس الخيمة الوطني، حصدت جائزة أفضل عمل مسرحي في مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته التاسعة.

«لو باقي ليلة»

يعمل المسرحي مرعي الحليان على كتابة مسرحية جديدة بعنوان «لو باقي ليلة» على طريقة مسرحية «نهارات علول»، في القيمة الروحية والصرخة الداخلية للكاتب، مبيناً أنها تبحث في سؤال: ماهية الحوار العقلاني في حضور الحب؟

 

 

المصدر:

  • دبي – نوف الموسى

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *