مثقفون تونسيون: حرية الإبداع في مرحلة حرجة

 

أمام المركز الثقافي بمدينة منزل بورقيبة شمالي العاصمة تونس، فرش مئات الأشخاص السجاد وأقاموا صلاة في المكان الذي كان من المفترض أن يقدم فيه الممثل لطفي العبدلي عرضا مسرحيا، ليمنعوا بذلك العرض، احتجاجا على مضمون المسرحية الذي قالوا إن فيه إساءة للإسلام.

وفوجئ العبدلي -الذي يقدم مسرحية «مايد إن تونزيا مائة بالمائة حلال»، وهي مسرحية ساخرة ينتقد فيها الخلط بين السياسة والدين- بملاحقة إسلاميين سلفيين له في كل عروضه بهدف منعها، وبالفعل نجحوا في منع عدة عروض، قبل أن يستعين بمجموعة من الحراس لحماية عرضه في مدينة الحمامات.

ويثير تزايد دور التيارات الإسلامية في تونس مخاوف الطبقة العلمانية في البلاد، التي ظلت لعقود من أبرز البلدان العلمانية في المنطقة، من أن يستغل المتشددون وصول حركة إسلامية للحكم لتمرير أفكارهم بالقوة.

العبدلي، الذي يعد من أبرز الممثلين في تونس وعرف بمواقفه الناقدة لنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي حتى قبل الثورة، يؤكد أنه لا يخشى التهديدات أو الاعتداء، ولكنه يخشى بقوة «من أن تسلب منا حرية التعبير والإبداع، وهي المكسب الحقيقي الذي منحته الثورة للتونسيين، جراء عدم قيام الدولة بواجبها في توفير الحماية للمبدعين». ويضيف «أنا مستاء من الوضع الذي وصلت إليه حال المثقف في تونس، أشعر أني محاصر من جميع النواحي، لكني لن أصمت، وأقول للحكومة جهزوا لي زنزانة، فأنا سأتفرغ لنقدكم في أعمالي».

وفي الأسابيع الأخيرة منع سلفيون عدة عروض موسيقية ومسرحية، قائلين إنها تسيء للمقدسات الإسلامية، واعتدى بعضهم أيضا على فنانين. وتمثل الرسامة نادية الجلاصي أمام القضاء بتهمة عرض رسوم من شأنها أن تعكر صفو الأمن العام، وقد تواجه عقوبة تصل إلى السجن لخمس سنوات.

وقال وزير الثقافة مهدي مبروك: إنه تم منع 12 عرضا فنيا هذا الموسم لأسباب أمنية وبسبب تهديدات مجموعات سلفية.

كما منع سلفيون أيضا إقامة عرض لمجموعة إيرانية في القيروان في شهر رمضان، معتبرين أنهم لا يسمحون لجماعة شيعية بتمرير أفكارها في بلد غالبيته سنية، وفي بلدية سجنان بشمال البلاد ألغى المنظمون كل أنشطة المهرجان بعد تهديدات مجموعات سلفية بحجة ان رمضان شهر عبادة فقط.

وخلال الشهر الماضي اعتدى عدة أشخاص على الشاعر المعروف الصغير أولاد أحمد، بسبب قصيدة يسخر فيها من بعض السلفيين. وأثار الاعتداء مخاوف من انتشار رقعة العنف لدى السلفيين لتمرير أفكارهم، ووصف الشاعر الموسم الثقافي الحالي بأنه «عام أسود للثقافة» وقال «حرية الإبداع في مرحلة حرجة في ظل حكم النهضة، أنا أعتبر أن النهضة متواطئة، وأعتقد أن السلفيين والنهضة يتقاسمان الأدوار».

وأدانت وزارة الثقافة اعتداءات السلفيين على الفنانين، ودعت السلطات الأمنية إلى حماية المبدعين ومحاسبة المعتدين عليهم. وقال وزير الثقافة إنه أصبح يخشى سيطرة السلفيين على المشهد الثقافي، وإن وزارته رفعت ست قضايا على جماعات سلفية بتهمة منع إقامة عروض وإنها ستقف في صف المبدعين بغض النظر عن توجهاتهم.

لكن زعيم حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحكومي راشد الغنوشي قال: إنه يرفض أي مظهر للعنف، وأضاف أن «منع حفل أو كتاب هذا أمر مرفوض، لكن لا يجب تجريم جماعة بأكملها، ونحن نتوقع أن تسود ثقافة دينية معتدلة في تونس بعد استقرار الأوضاع فيها في المرحلة المقبلة».

وتعهدت حركة النهضة منذ وصولها للسلطة بدعم الثقافة والإبداع وعدم تقييد الحريات، لكن معارضيها يقولون:إن خطابها مزدوج.

 

 

http://www.addustour.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *