د. جان داؤود: أعمل على تكوين الإنسان من خلال الممثل

ممثلون يبلغون حالة من الصفاء في ختام حلقة العمل -د. عبدالكريم جواد: معظم العروض التي شاهدتها بها ضعف واضح في تقنيات فن التمثيل -ضمن الفعاليات المصاحبة للمهرجان اختتم الدكتور جان داؤود من لبنان مساء أمس حلقة العمل في “تكوين الممثل” والتي شاركت فيها مجموعة من الممثلين من فرق مسرحية مختلفة.

وحول المستوى الذي لاحظه د.جان عن المشاركين ومدى تقبلهم للتمارين واستفادتهم منها ومنهجه في تكوين الممثل وتدريبه على الأداء الصحيح قال في لقائه مع «عمان»: المشاركون في حلقة العمل متنوعون بينهم من يشارك لأول مرة وهناك عناصر لها تجربة سابقة في المسرح والتجربة هنا متفاوتة. ولكن لا يمنع أن نقول إنه كان لابد أن أشتغل في اتجاه الأسس. والعمل معهم مشجع لأن لديهم رغبة قوية في الإفادة في تحقيق الذات وفي الوعي بما يحدث في العالم، وبالإضافة الى الرغبة هناك الإرادة بمعنى انهم يقومون بالتمارين المطلوبة ويتخطون ما يجب ان يتخطوه، والمشاركة فعالة. مضيفا: الجميع يعرف ان حلقات العمل القصيرة مسؤولية وعمل شاق لان في التكوين عندما اكتشف ان هناك مسألة يجب ان تعالج لدى شخص محدد كانت ما كانت خلفيتها علي ان أتوقف لمعالجة هذه المسألة لأنها انطفأت في هذه اللحظة وربما تكون هذه اللحظة المواتية لأعمل على معالجة المشكلة، ولكن ضيق الوقت لا يسمح ل كان تتوقفي عند كل ما يبرز أو ما يطفو من مسائل وعليك ان تعمل على معالجتها. من هنا يبقى لديك هواجس او طوق علني التقي بالشباب مرة ثانية لأعالج هذه المسألة وغيرها. وأضاف د. جان: برأيي عندما تكون حلقة العمل قصيرة فهي استكشافية للتقنيات الجديدة التي نعمل بها وتقوم الحلقة بشكل أساسي على الجسديات. نشتغل على الجسد ولا أدري إن كان هذا الامر لم يتعود عليه الشباب ولكني ألمس بان هذه المنطقة تحتاج الى كثير من العمل وهي المدخل الأساسي للممثل. حاولت ان أتعامل مع بعض المسائل التي لمستها أثناء مشاهدتي للعروض وبالتالي حاولت أن أفتح معهم نوافذ لان ما نشاهده في هذا الأداء يمكن ان نتعامل معه بشكل يدفع بنا الى صدق اكثر الى بساطة أكثر والى عفوية اكثر وبالتالي الى أحاسيس صادقة وجميلة وبشكل خاص لاحظت ضرورة العمل على صوت الممثل فخصصت في الحلقة اكثر من تمرين للعمل على صوت الممثل. بالطبع نعمل على مسائل ترتبط بالنفسي دون ان نتكلم عنه. النفسي الذي يعيق عندما لا نعرف كيف نوظفه بشكل ايجابي وبالطبع على الحلقة ان تجيب على كل التساؤلات التي يطرحها الشباب ضمن الوقت المخصص لها. مضيفا: الاجواء جميلة فعلى سبيل المثال كان على كل الشباب بالأمس ان يعبر بمفردة واحدة عن شعوره فوجدت كلمات من نوع: فرح، وحماس، وقوة، وثقة، وبالتالي تقرئين ذلك في الوجوه وليس فقط في المفردة. ننتهي من حصة العمل وعندما يتكلم تشعرين بالاحاسيس موجودة في الكلام، فالكلام يأتي من الأحاسيس وليس من الذهن. حتى الشباب الذين لم يحضروا حلقة العمل الا يوما أو يومين لاحظت انهم استطاعوا أن يتقدموا خطوة وأعتقد أنه بالنسبة لبعض الشباب الذين لهم تجارب كانت هناك أسئلة عميقة تعكس همومهم في فهم الممثل وبالتالي تطويره. وأتمنى أن يحقق بعض الاجابات المفيدة . الامور في حلقة العمل جيدة الى ممتازة ضمن الوقت المتاح. والأمر الجميل انني أتعامل مع رجل مسرحي وصاحب رؤية وأتحدث عن الدكتور عبدالكريم جواد الذي أخبرته انني لا اريد ان أنصرف الى تقديم نتاج بل اريد ان اعمل على الممثل. الحلقة التي ترتبط بتحقيق مشروع يبات فيها بشكل من الاشكال اما في الوعي واما في اللاوعي بالنسبة للبعض انه علي ان أعمل على المنتج الذي سأقدمه وأنا لا أريد ان أعمل على هذا المنتج وانما على الممثل وبالتالي ماذا يحتاج هؤلاء الشباب. مشكلة من مشاكل الممثل في العالم العربي انه يرتبط بانتاج عرض. انا عندما أقوم بتدريب ممثل لانتاج عرض فإنني اعمل على شخصية وعلى انتاج دور وبالتالي اعمل على مسار محدود. في الوقت الذي اعمل فيه على ممثل أنا أعمل في مسارات مفتوحة وبالتالي أقوم بعملية مسح شاملة وأتوقف حيث يجب ان أتوقف، واعمل على ما يجب ان أعمل عليه بتعمق اذا أتاح الوقت ذلك. وأضاف: في عملي على تكوين الممثل أعمل على تكوين الانسان اولا وبالتالي العرض يأتي كنتيجة تلقائية وعندما تريدين ان تقدمي عرضا فيمكنك ان تقدميه ببساطة ولا نحتاج الكثير من الوقت لنقدمه.

 

تمارين أساسية

في لقائه بالمشاركين في حلقة العمل قال الدكتور عبدالكريم: أتوجه بالشكر الى الدكتور جان على جهوده التي بذلها في حلقة العمل وهو صديق قديم وأقدر تفانيه في العمل المسرحي، وعندما اختير لتقديم حلقة العمل فقد اختير بصدق وبمحبة كبيرة ونعرف النتاج الذي يمكن ان يخرج به. وأضاف: انا سعيد بأنكم استفدتم كل هذه الاستفادة وإن شاء الله سيكون لنا معه جلسات وحلقات عمل مستقبلية. وأشكركم لالتزامكم لأنها فرصة حقيقية ان يتواجد بينكم الدكتور جان وان يفتح آفاقا جديدة. مضيفا: ايام حلقة العمل قليلة لكن التمارين التي خضتموها هي تمارين أساسية في فن التمثيل. والحقيقة انه يفترض من كل مخرج مسرحي ان يبدأ بنوع من هذه التمارين ثم يبدأ في اخراج العمل المسرحي فأتمنى ان تستفيدوا من هذه التمارين وان تنقلوها الى الفرق التي تعملون معها وان تؤكدوا على أهمية التمارين الجسدية والنفسية والصوتية قبل الشروع في العمل المسرحي هذا سيقويكم على الخشبة ولا اكتم سرا إن قلت ان معظم العروض التي شاهدتها سواء في هذا المهرجان او في المهرجانات السابقة كان هناك ضعف واضح في تقنيات فن التمثيل أتمنى ان يأتي اليوم الذي أشاهد فيه فناً تمثيلياً راقياً. ممثل يقف على خشبة المسرح فيقول انا هنا ملك الخشبة تمتد جذوري الى اعمق اعماق الأرض ويرتفع بهامته الى أعلى سموات. يجب ان تشعر بهذا العملاق الكامن فيك وان تؤدي من منطلق هذا العملاق فأرجو أن تعرفوا قيمة ما لديكم من جسد ومن صوت ومن حالة نفسية ووجدانية تترجم ترجمة فاعلة على خشبة المسرح. وربما تتاح لنا فرصة كي نوصي بحلقات عمل أخرى قدر ما نستطيع.

انطباعات

حول مدى الاستفادة التي تحققت من حلقة العمل قال حاتم السعدي من فرقة مزون المسرحية: انا سعيد بمشاركتي في حلقة العمل وأعتقد انني استفدت بقدر كبير منها وانا احد المواظبين وأحرص على الوقت، والحمد لله انا كممثل استفدت كثيرا في مستوى النفس والجسد وكيف تتخلص من شخصيتك وتعيش شخصية العرض. اكتشفنا ان هناك سلبيات كثيرة وسنبذل قصارى جهدنا حتى نعالجها.
أما طلال الحسني من فرقة الدن للثقافة والفن فقال: انا سعيد وحزين في نفس الوقت. سعيد بأنني حضرت اليوم حلقة العمل وتعلمت أشياء كثيرة واستفدت كثيرا ومؤلم انني لم أحضر بقية الأيام والحمد لله مهما يكن الأمر لابد أن نثابر ونجتهد حتى ولو يوما واحدا.
وقال عمر الشماخي من فرقة مزون المسرحية: تعلمت الكثير من حلقة العمل وهيأتني التمارين للوقوف على خشبة المسرح ومواجهة الجمهور والتعامل مع جسدي كممثل.
وقال جعفر اللواتي من فرقة الطموح: انا حزين لأنه فاتني يومان من حلقة العمل وكنت أتمنى ان أحضر كل الأيام لكن البروفات منعتني من تحقيق ذلك. مضيفا: لم اكن متحمسا في البداية لكن بعد مشاركتي أحسست ان توقعاتي كانت غير صحيحة حيث فتحت ذهني وأعطتني ثقة بنفسي وفتحت لي باب التخييل، وأشعر الآن ان جسدي خفيف جدا. والدكتور جان لم يقصر في تدريبنا وأعطانا تمارين استطعنا من خلالها ان نتخلص من شخصيتنا وانه عندما نمثل شخصية علينا ان نمثلها بشكل عفوي.
وقال مهند البلوشي من فرقة الطموح: أشكر الدكتور جان على التمارين التي قدمها لنا. حقيقة تعلمت كيف أستخدم العضلة وكيف أطوعها وكيف يخرج الصوت من الباطن دون أن تتعب الحنجرة والاسترخاء والحمد لله الاستفادة كبيرة خصوصا على المستوى النفسي.
أما جمال الصبحي من فرقة الطموح فقال: هذه المرة الاولى التي أشارك فيها في حلقة عمل. كنت أتوقع انه سيكون هناك درس روتيني وعندما شاركت في الحلقة لاحظت أشياء غريبة لم أكن اعرفها من قبل. وأشعر أنني احتاج أن ألبس ثوبا جديدا وأحس بروح جديدة وبانطلاقة كبيرة في عالم التمثيل. مضيفا: كنت حقيقة أفتقد لجسدي واليوم اكتشفته من خلال التمارين، كنت أنصدم بمخرجين منغلقين ليس لديهم فكر تدريبي للجسد والتعامل مع الممثل كان بشكل تقليدي، لكن الدكتور جان علمنا كيف يمكن أن نوصل رسالة للجمهور بكثير من الصدق والعفوية. الروح هي التي تتكلم وأحسست ان دور النفس أساسي للممثل وأتمنى أن تتكرر مثل هذه التمارين.
وقال أحمد الكلباني من فرقة الدن للثقافة والفن: أهم ما طرح في حلقة العمل هو كيف تعتق روحك من قيد عقلك حتى تستطيع أن تمثل بروحك لأن التمثيل بالعقل يوقع الممثل في دائرة التصنع او اظهار كل الأدوات بدون شعور حقيقي، فيفترض ان الممثل بعد هذه التمارين يتحرر من الضغط النفسي، ويلجأ الى روحه وليس الى عقله ويعتمد على منهج العفوية أكثر من التفكير في ردة الفعل. هناك نقطة مهمة أضافت لي كأحمد الكلباني فأنا شاعر واشتغالاتي أغلبها ادبية بمعنى شعورية بحتة وعميقة جدا وأصعب ما في الشعر أن يرافقه تجل حقيقي على الخشبة وهذا الذي تناولناه هنا. مضيفا: إذا كان الشخص غير شاعري وحاول ان يتجلى على الخشبة فهذا أصعب شيء. لكن عندما تعرف عمق الكلمة التي تقولها وثقلها والروح التي تحملها فبإمكانك ان تؤديها بطلاقة، وبأريحية وبدون تصنع.
وقال جلال عبدالكريم من فرقة الفن الحديث: حلقة العمل هذه هي فرصة للعودة الى القواعد الاساسية في اعداد الممثل من النفس الى التعبير الحركي. في اليوم الاول كان التركيز على النفس الصحيح وكيف تعبر بالنفس. وفي اليوم الثاني انتقلنا الى الجسد وطبيعي ان هذا الجسد لا يمكن ان تمرنه في ستة أيام لكنها قواعد اساسية يمكن ان تبني عليها في المستقبل. وفي اليوم الثالث انتقلنا الى الاحساس وكيف تربط الاحساس بالجسد وبالنفس. وفي اليوم الرابع عاودنا تمارين الاحساس والجسد ودخلنا في طور الايقاع وكيف تتمرن على الايقاع الفردي والجماعي وتقوم به وأيضا اخذنا موضوع كيف تختزل التعب في الجسد وكيف تظهره وتظهر شخصية الممثل. مضيفا: أعجبتني جدا النظرية التي يعمل بها الدكتور جان وهي الوصول الى حالة الصفاء حتى يستطيع الممثل أن يؤدي الشخصية الاخرى. مثل هذه الحلقات ليس فقط ضرورة للممثل وانما ضرورة حياتية لانسان أفضل وليس فقط للممثل. ستجعلنا أناسا بقامات أفضل وارواح أفضل وأنفاس أنضف. مكنتنا حلقة العمل من التعرف على شباب جدد زملاؤنا من فرق مسرحية مختلفة. جلسنا مع بعض قبل التمارين وبعد التمارين ودار بيننا حديث ونقاشات عن المسرح.
وقال ادريس النبهاني من فرقة الدن للثقافة والفن: بالنسبة لي ربما من سوء الطالع ان اكون احد المتأخرين عن حضور حلقة العمل حيث شاركت في الأيام الثلاثة الأخيرة وأجد نفسي الخاسر الأكبر لأنه لو اتيحت لي الفرصة ان أكون ملتزما بالحضور منذ اليوم الأول لما تأخرت ولكن بحكم الظروف في بداية المهرجان والتزامنا بالعرض لكن خلال هذه الأيام الثلاثة اكتسبنا معرفة جميلة، واستطعنا ان نكتشف من خلالها أرواحنا وكيف تكون إنسانا على الخشبة، كيف تنقي نفسك. والمسرح تطهير للروح وبالتأكيد سنعيش هذا التطهير خلال الأيام القادمة على الخشبة. اكتشفنا كما نحن بحاجة ماسة الى حلقات العمل الدائمة في إعداد الممثل نحن فعلا بحاجة الى تأسيس والذي لا يتأتى ليس من خلال حلقة عمل مرة كل سنتين وانما بحاجة الى استمرارية هذا البناء. نحن مدركون أن لدينا إشكالية في اعداد الكثل وتكوينه ولحل هذه الاشكالية يجب علينا الاشتغال على تفعيل مثل هذه الحلقات لانه من خلالها ستكون لدينا مخرجات ايجابية تفعل الحراك المسرحي والشخصية المسرحية بروح صادقة يملأها الكثير من الصفاء صفاء ذهني وجسدي وروحي. نشتغل على تكوينات جسدية حقيقية. كيف تفعل لغة الجسد بقاعدة سلسة بسيطة تذهب بك الى آفاق رحبة من الجمال المسرحي الخلاق.

 

 

http://main.omandaily.om/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *