درر الدراما العالمية في ‘الراكبون إلى البحر’

“الراكبون الى البحر” ترجمة عربية لعشر درر مسرحية قصيرة لعشرة من أعمدة الحداثة المسرحية فى القرن العشرين في مقدمتهم: جون جولزورزى، يوجين أونيل، تينسى وليامز، ثورنتون وايلدر، جون ملنجتون سينج، كعلامات فارقة مضيئة فى تاريخ المسرح العالمي.

عشر مسرحيات من ذات الفصل الواحد صدرت، هذا الأسبوع، في سلسلة “آفاق عالمية” عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر بقلم الأديب المترجم عبد السلام إبراهيم الذي يؤكد أن هذه هي المرة الأولى التي تترجم فيها هذه النصوص إلى العربية، ويضيف: إنها تختصر عوالم وأكوانًا، وحالات وقضايا شائكة، وتضيئ الوعي واللاوعي، العقل والمزاج، والمصير الإنساني الأليم والشائك.

وفي تقديمه للترجمة يقول عبد السلام إبراهيم: لقد اتبع كتاب المسرح تعاليم “أرسطو” في كتابة التراجيديا، عهودًا طويلة، إلى أن جاء الوقت الذي باتت فيه تلك التعاليم صعبة التطبيق فى مجتمعات ليس فيها نبلاء أو ملوك.

عندما جاء إبسن وزولا ليضعا أسس الواقعية والطبيعية، وجاءا بأبطال يحملون شعلة التراجيديا خلفًا للأبطال التراجيديين الأرسطيين. مازالت تراجيديا أرسطو قائمة، ولكن اختلفت معاييرها، وتبدل أبطالها التاريخيين بأبطال واقعيين ملموسين، يعيشون الحياة اليومية بيننا، لكن ربما يعانون سقطة ما في شخصياتهم، أو يأتي الواقع بشيء أقوى من إرادتهم فيطيح بهم دون هوادة، فيجعلهم بحق أبطالًا تراجيديين. وخصوصًا عندما جاءت الثورة الفرنسية التي قوضت عروش الملوك والأمراء، وتبعتها الثورة الصناعية في أوربا بأسرها مما بشر بميلاد الطبقة البرجوازية التي حلت محل النبلاء.

وكانت الدراما الإبسنية هي بحق بوابة جديدة للمسرح كي تعالج مشكلات المجتمع الحديث، وتأتي بأبطال قريبين جدًا من المتفرجين، بل يشعر أحدهم أنه هو بعينه، وانتشرت التراجيديا الجديدة بمفهومها الجديد، فسار على نهجها “أرثر ميلر” وفاجأنا برائعته “موت بائع متجول”.

ويؤكد المترجم على أن هذا الكتاب يحمل بين دفتيه عشر مسرحيات متنوعة ما بين التراجيديا الحديثة والمونودراما والمسرحيات التجريبية والكوميدية والتأليف المشترك.

اثنان من مؤلفي هذه المسرحيات المختارة حصلا على جائزة نوبل فى الأدب: “جون جولزورزى”، و”يوجين أونيل”، وأحدهم قطب من أقطاب المسرح الأيرلندي “سينج”، وآخر من أعمدة كتاب القصة “ساكي، و”ليدي جريجوري” باعثة النهضة الأيرلندية ومؤسسة مسرح آبى، و”ثورنتون وايلدر” يقدم لنا مسرحية تجريبية، و”تنيسي وليامز”، و”ماونت”، و”دوندو” يقدمون كوميديات رائعة.

وعلى قصر هذه المسرحيات نسبيًا فهي تعتبر علامة فارقة في تاريخ المسرح وعلامة مضيئة لكتابها.

ويقدم المترجم نبذة عن هذه المسرحيات فيقول: “الراكبون إلى البحر” تراجيديا حديثة كتبها “جون ميلنجتون سينج” (1871- 1909) كاتب مسرحي أيرلندي وشاعر وكاتب وجامع فولكلور.

يعتبر الشاعر المسرحي سينج أحد الأعمدة الثلاثة الذين لعبوا دورًا أساسيًا فى حركة النهضة الأدبية الأيرلندية في العصر الحديث مع “ييتس”، و”السيدة جريجوري”، فقد عمل الثلاثة على إدارة المسرح القومي الأيرلندي “آبى” كانت أعماله من أهم الأعمال التي أعطت للمسرح القومي الأيرلندي شخصيته الوطنية وسماته الإنسانية، ومن مسرحياته: “فى ظلال الواد” 1903،”بئر القديسين” 1905، “فتى الغرب اللعوب” 1907، “زفاف السمكري” 1908، “دياردر.. فتاة الأحزان” 1910 .

و”الراكبون إلى البحر” تعتبر دائمًا تراجيديا حديثة. ذلك المصطلح الذي نادرًا ما يطبق على المسرحية ذات الفصل الواحد.

لنكون أكثر تحديدًا، منذ القرن السابع عشر قُبلت مسرحيات قليلة على أنها تراجيديات حقيقية. ومسرحية سينج قورنت بمسرحية “أجاممنون” أو “أوديب ملكًا” لسوفوكليس أو “الملك لير” لشكسبير أو “فيدرا” لراسين” تبدو مسرحية من نوع مختلف.

في الترجيديا التقليدية نجد أن البطل التراجيدي ضحية القدر، يعاني من لعنة قبلية تطلبها الآلهة ليكفر عنها، أو سقطة ما.

أما تراجيديات عصر النهضة والقرن السابع عشر فهى نتاج ثقافة دينية تلقي الضوء على السقطة في طبيعة البطل التراجيدي- سقطة تجلب عليه سوء الحظ. وقد قال عنها “د . هـ . لورانس” إنها من أعظم التراجيديات بعد “شكسبير”.

أما مسرحية “الأول والأخير” التي كتبها “جون جولزورزى” 1867-1933، الكاتب المسرحي والروائي الإنجليزي، الذي ولد في كنجستون بانجلترا، ونشأ في عائلة موسرة، تقابل في بداية حياته الأدبية مع الروائي “جوزيف كونراد”، وسافرا معًا إلى استراليا وأصبحا صديقين مقربين. نشر “جولزورزى” أول مجموعة قصصية في عام 1897 اسمها ” من الرياح الأربع” وبعض الأعمال الأخرى، لكنه نشرها تحت اسم “جون سيجون”، وقد بدأ الكتابة في سن الثامنة والعشرين؛ كتب القصة القصيرة والرواية والمسرحية، ومن أهم رواياته: “القرد الأبيض” 1924 ، “الملعقة الفضية” 1926، “أغنية التم” 1928.

تُوج “جولزورزي” في نهاية حياته بحصوله على جائزة نوبل في الأدب عام 1932.

أما مسرحية “قبل الإفطار” فكتبها “يوجين أونيل” 1888-1953، وهو كاتب مسرحي أميركي نال جائزة نوبل عام 1936. ويعد قطب الدراما الأميركية الأعظم فمسرحياته من أوائل المسرحيات التي قدمت تكنيك الواقعية للدراما الأميركية، كما أن مسرحياته كانت من أوائل المسرحيات التي تضمنت حواراتها اللغة العامية.

وفهم “أونيل” لعلم النفس الحديث ولنظريات “فرويد” جعله يجتهد في تعميق شخصياته في إظهار الحالة النفسية التي تموج داخلها وتفاعلها مع بعضها البعض، فنشأ الصراع، ومن ثم تطور الحدث بشكل إيجابي. وحاول أن يكشف عن مجاهل العقل الباطن، ومدى قدرته على التحكم في سلوك الشخصية بما تختزنه من تجارب وانطباعات تعود لأزمنة مختلفة، وكان “أونيل” من أوائل الكتاب المسرحيين الذين اتجهوا نحو معالجة الصراع المستقر داخل عقل الشخصية بين البواعث الشعورية والحاجات.

نأتي إلى مسرحية “فخ الموت” التي كتبها “ساكي” (هـ. هـ. مونرو) (1870-1916) وهو كاتب مسرحي إنجليزي، وقطب من أقطاب القصة القصيرة، وقد عرف “ساكي” بقصصه الساخرة التي سخرت من المجتمع الإدواردي وثقافته. يعتبر “ساكي” رائدًا من رواد القصة القصيرة، وكثيرًا ما قورن بـ “أو هنري” و”دوروثي باركر”.

من أشهر قصصه “النافذة المفتوحة” التي نشرها في الصحف، ثم أعاد نشرها مع قصص أخرى في مجموعة قصصية.

وقد كتب أيضًا مسرحية طويلة هي “القدر المراقب” بالاشتراك مع “تشارلز مود”.

تأثر” ساكي” بـ “أوسكار وايلد”، و”لويس كارول”، و”كبلنج”.

ومسرحية “أعداء” التي اشترك في كتابتها الأميركية “نيث بويس” 1872-1951 وزوجها”هتشنس هبجود” 1869-1944 مسرحية ساخرة لاذعة تتناول المسرحية الزواج الحديث، غير التقليدي.

بنيت مسرحية “أعداء” على جانب من محادثة بين زوجين، وقد سميت الشخصيتين:” نيث” و”هتشنس”.

تزوجت “نيس بويس” من “هتشنس” عام 1899، وكونا مع “سوزان جلاسبل” و”جورج كرام كوك” فرقة مسرحية كانت باكورة أعمالها ” الرائد ” 1903، و”حماقة الآخرين”، 1904، و”ربيع أبدي” 1906، و”الفرقة” 1908، و”ابنان”1917 ، و”ليلة شتاء” 1927.

ومن أعمال “هبجود منفردا” السيرة الذاتية ” اللص ” 1903″، و”روح العامل” 1907، و”المرأة الفوضوية” 1909.

ومسرحية “بزوغ القمر” كتبتها “ليدي أوجستا جريجوري” 1852- 1932 وهي كاتبة مسرحية أيرلندية ومتخصصة في جمع الموروث الشعبي، وقد أسست مع “وليم بتلر ييتس” وآخرين المسرح الأدبي الأيرلندي، ومسرح آبى، وكتبت عددًا كبيرًا من الأعمال القصيرة لكلتا الفرقتين.

كما كتبت “جريجوري” عددًا من الكتب تعيد فيها سرد قصص مأخوذة عن الميثولوجيا الأيرلندية.

سافرت “ليدي جريجوري” إلى: مصر، والهند وإسبانيا وإيطاليا. وقد كانت تدعم الزعيم المصري أحمد عرابي.

ومسرحية “خطاب اللورد بايرون الغرامي” كتبها ” تنيسى وليامز” 1911-1983 وهو كاتب مسرحي أميركي، حصل على جوائز رفيعة أهمها “جائزة بوليتزر”، وأشهر مسرحياته “عربة اسمها الرغبة” 1948 و”قطة فوق سطح من صفيح ساخن” 1955، و”المجموعة الزجاجية” 1945.

ومسرحية “رحلة سعيدة” كتبها “ثورنتون وايلد” 1897- 1975 وهو كاتب مسرحى وروائي أميركي، من أشهر أعماله “بلدتنا”، وقد حاز “جائزة بولتزر” ثلاث مرات.

كانت أولى رواياته “العصابة” 1926، وتلتها “جسر سان لويس راى” التي لاقت نجاحًا تجاريًا، وعنها نال لأول مرة “جائزة بولتزر”، وفي عام 1938 نالها للمرة الثانية عن مسرحية “بلدتنا”.

ونصل إلى مسرحية “ضريران وحمار” التي كتبها ماثورين دوندو” 1884 – 1968 وهو كاتب مسرحي فرنسي كتب باللغة الفرنسية كما كتب باللغة الإنجليزية، ومن أهم أعماله: “فاوست الفرنسي” 1955، و”صحة سالي والغازي” لمسرح العرائس، وهو يعتبر من أهم الذين كتبوا لمسرح العرائس.. وبعيدًا عن المسرح نجده أسهم في نشر اللغة الفرنسية، وتعليمها للأميركيين بشكل خاص، وله كتاب “الفرنسية للعالم الحديث” وغيره من المؤلفات الخاصة بتعليم اللغة الفرنسية.

أما مسرحيتة “ضريران وحمار” فكتبها بالإنجليزية.

وآخر المسرحيات التي ترجمها عبدالسلام إبراهيم وضمها هذا الكتاب فهي “عش الزوجية” التي كتبها “سيدريك ماونت” 1907-1983 وهو الاسم المستعار لـ “سيدنى بوكس” الكاتب الإنجليزي، وقد استخدم هذا الاسم المستعار في عام 1936 لأنه كان يعتقد أن اسمه بات مستهلكًا.

ومن أهم مسرحياته: “جوناه” 1935، و”هدهدة القرن العشرين” 1937، “لحن حزين بدون صدقة” 1937، و”طولها وقصرها” 1938، وهي عبارة عن أربعة مشاهد تنتمى لمسرح المنوعات.

عبد السلام إبراهيم أصدر من قبل: رواية “قادش.. الحرب والسلام” عن دار الهلال، والمجموعة القصصية “كوميديا الموتى” عن الهيئة العامة قصور الثقافة، وله أيضًا “كتاب الأدباء”، وهو تأليف مشترك، و”مائة كاتب وروائي” عن مئوية نجيب محفوظ. وفي مجال الترجمة له: “اللعب مع النمر”، “دوريس ليسنج الحاصلة على جائزة نوبل فى الآداب 2007” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، “عشر مسرحيات مفقودة” لـ “يوجين أونيل” عن المركز القومي للترجمة، “مختارات قصصية لدوريس ليسنج”.

mostafa4100500@hotmail.com

بقلم: مصطفى عبدالله

http://www.middle-east-online.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *