عذراً فالح فايز

(لكل مقام مقال)، ولمقالي المتواضع أقدام صغيرة لن تخجل من السير مُحملة بحفنة من تلك التساؤلات التي وردتني، ورغبتُ بأن تصل إلى أصحاب المقام الرفيع،

ممن يملكون القوة والقدرة، وقبل كل شيء الإجابة الشافية، التي ستُخفف من وقع تلك التساؤلات، التي وقعت على رأس (المسعور)، وقبل أن يلتهمكم الفضول أيها الأحبة؛ لمعرفة (المسعور) الذي أتحدث عنه، يجدر بي بأن أعود والزمن إلى الوراء قليلاً، حيث ينتظرنا منتصف أبريل الماضي، وتحديداً حين أَسدل مهرجان الدوحة المسرحي الثاني ستاره؛ مودعاً كل العروض المسرحية التي قُدمت على خشبة مسرح قطر الوطني، وشاكراً لها كل ما كان منها من جهود مُزجت بكثير من العزم والإخلاص، والحرص الشديد على الفوز، الذي مال وفي نهاية المطاف نحو من استحق ذلك فعلاً، وبشهادة لن يختلف عليها أي عاقل، فكان (أي ذاك الفوز) من نصيب مسرحية (المسعور) لشركة السعيد للإنتاج الفني، وهي من تأليف طالب الدوس، وإخراج ممثلها الأول فالح فايز، وكوكبة من الفنانين ممن جاهدوا من أجل ذاك الفوز، وخرجوا به؛ ليدخلوا إلى عالم جديد سيسمح للعالم بمعرفة حقيقة ذاك العمل الناجح، الذي وضعت فيه كل الطاقات أفضل ما لديها، وكرست لها كل الوقت الكافي، وما قد تجاوزه أيضاً، وتم استقطاعه من رصيد حياة أصحابها الشخصية، وكل ذلك في سبيل تقديم العمل الذي يجدر به أن ينال الفوز رغم أنف العقبات، التي كان من الممكن أن تقف وبكل جبروت؛ لتعلن رفضها، الذي ما كان أصلاً؛ لنجاح المسرحية بتفوق بلغ النخاع، فهو ما قد استقبله الجميع بكثير من الفرح الذي اكتسح المسرح حينها، وكنت شاهدة عليه كغيري من الحضور، ممن تمنى لهذه المسرحية التقدم إلى الإمام، فهو كل ما كنا نملكه حينها، إلى جانب ذاك التساؤل البسيط، الذي طل علينا تحمله أكتاف الفضول: ما هي الخطوة القادمة؟.. مرت الأيام تسحبها الأيام، وكل متابع لخطوات العرض الذي فاز بجائزة أفضل عمل متكامل في انتظار الخطوة القادمة، التي طالت قبل أن تكون، فكل ما قد أدركناه أن العمل سيُشارك قريباً، وسيكون على خشبة أخرى ممثلاً قطر أولاً، وطاقمه ثانياً، وهو ما قد تحقق فعلاً، وأدركناه حين أدركنا تحركات (جنين الحلم)، الذي أكد على أنه مازال على قيد الحياة، فبدأت الاستعدادات من قبل طاقم العمل من جهة، واستعداداتنا الخفية؛ لمتابعة تلك التحركات من جهة أخرى، والتي شملت كافة التجهيزات الجادة؛ للمشاركة بأول مهرجان مسرحي خارجي سيكون في نوفمبر القادم، ولكن وبرغم تسارع نبضات الأيام وفريق العمل، فإن (عقبة ما) قد وقفت وبكل جبروت أمامها تلك الاستعدادات، حتى فقدنا القدرة على الشعور بدقات جنين الحلم، وهو ما قد أجبر التساؤل الثاني على الخروج بنفسه، بحثاً عن إجابة شافية: ما الذي حدث وجعل تلك الاستعدادات تفتر؟ وكيف تم ترويض تلك الطاقات الجامحة، وكأنها لم تكن يوماً؟ لاشك أن توقف النشاط، وغياب أصحاب الشأن عن الساحة سيُثير فضول من تابع تحركات جهود فريق عمل (المسعور)، وسيحثنا على توجيه التساؤل الثالث للمعنى وبشكل صريح؛ لندرك الأسباب التي أدت إلى توقف هذا النشاط، والخمول الذي أصاب كبد الاستعدادات والتجهيزات، وهو ما قد كان منا وبشكل فعلي، وتحديداً حين توجهت إلى صاحب الشأن نفسه الفنان فالح فايز؛ بحثاً عن السبب الحقيقي، فكانت الصدمة بالإجابة التي وردتني ممزوجة بخيبة قاتلة: (لقد تم إلغاء كل شيء)، وهي الإجابة التي لم تكن لتخطر لنا على بال، فتبعها تساؤل آخر، وهو: كيف ولماذا تم ذلك؟ ووووو

بالوصول إلى التساؤل الثالث، الذي أدركنا معه عدم مشاركة مسرحية (المسعور) في أي مهرجان آخر سوى مهرجان الدوحة المسرحي الثاني، الذي عَرَفَ الجمهور بها، وزادت معرفته أكثر بفضل الجائزة التي فازت بها، وهي جائزة أفضل عمل متكامل، فلاشك أن الموقف لن يقف متكوف الأيدي، ولكنه سيحتاج من يحتج معه في سبيل البحث عن الحقيقة، والخروج بحلٍ يُطيّب خاطر تلك الجهود التي بُذلت، ويأخذها نحو مكانها الصحيح، فما قدمته ليس بالقليل، وما تستحقه ليس بالكثير أيضاً، إذ إن كل ما يحلم به أصحاب تلك الطاقات هو الخروج بفرصة مُشرّفة، يمكن أن يقدموا من خلالها هذا العمل الناجح، الذي ما كان ليفوز أصلاً إن لم يكن يملك كل المقومات التي تُبيح له ذاك الفوز، الفوز الذي ندرك تماماً أن كل ما سيقدمه من امتيازات سيفوز بها، إلى جانب الجائزة التي سبق له أن فاز بها، ولكن وللأسف.. إذ لم يكن لـ (المسعور) حق إدراك أي شيء منها حتى هذه اللحظة، التي مازالت تبحث عن إجابات شافية تُخفف من حدة هذه الخيبة القاتلة، التي جعلت (المسعور) كحمل وديع تخنقه سلسلة أكبر من التساؤلات، التي لا تقف عند حد هذا المقال، ولكنها تتجاوزه بكثير، فهي تبحث عن إجابات لابد لها أن تكون؛ كي يخمد الوضع، وندرك من بعده مصير (المسعور)، الذي فاز وتجمد على الفور، وحتى إشعار آخر، لا نعلم إن كنا سندركه؛ ليدرك طاقم العمل حقه كاملاً أم لا؟

وأخيراً: لم يدرك المسرح يوماً معنى التوقف مهما كانت العقبات، وما حدث مع السعيد وفوزه الذي حققه من خلال مسرحية (المسعور)، لن يقف عائقاً سيجمد أحلامه وطموحاته المستقبلية، وهو ما يعني أنه سيستمر؛ ليحصد جائزة أخرى، ولكن يبقى السؤال: هل سيكون مصير الفوز القادم هو ذاته مصير الفوز السابق؟ إن كانت الإجابة بـ (لا)، فالرجاء إثبات ذلك، وحتى يحين ذاك الحين، نسأل الله التوفيق للجميع، ونسأل من يدرك الإجابة الشافية الوافية توفير بعضها.

 

 

 

صالحة احمد

http://www.al-sharq.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *