مسرحية «ورق اللعب».. صراع داخلي يعزف على أوتار المشاعر

من خلال «ورق الشدة» المؤلف من الأنواع والأشكال الأربعة المعروفة «الديناري– البستوني– الكبة– السباتي» وعبر ثماني أوراق متسلسلة من «الجويزة» إلى «التسع»،

 

موزّعة مناصفة بين شباب وصبايا، وبحضور طاغ لـ«الجوكر» في شخصية «مزدوجة» متصلة مع ذاتها ومنفصلة عنها وعبر نص سيقفز إلى درجات الجرأة للكاتب أحمد مرتضى وتزامناً مع الحال السورية وتداعياتها وتجاذباتها تقدم فرقة مسرحية شبابية سورية عرضاً مسرحياً على خشبة مسرح نبيل يونس في دمشق بعنوان «ورق اللعب» يتصدى له إخراجاً وسينوغرافيا مؤيد الخراط.

العرض يحرك وجوهاً من الحدث السوري على جمر الغليان الداخلي عبر «سيناريو» مفترض بتداعيات لصيقة بالحالة السورية في رحلة اتخاذ قرار شخصي يعيد للذات توازنها وتصالحها مع نفسها وسط حجم ضغوطات وتداخلات كبيرة لنسق منظوماتي مركب ومعقد يفرض شروطه حيث تعيش الشخصية الرئيس في المسرحية صراعات ذهنوية تتفاعل وتتشابك فيها «الذات» مع «الأنا» من خلال استعراض «المآلات» و«الأثمان» النفسية.

وهنا يُظهر العرض- الذي يتكئ على لعبة ورق الشدة الشعبية- مستويات لصراعات داخلية أشبه بهزات نفسية وفكرية عميقة وعنيفة تعيشها شخصية «السيد الجوكر»، «حمدي هنداوي» في ارتدادها إلى ذاتها الأصل وفي مواجهة النفس أو «الأنا» التي يمثلها «المقص» الذي تجسده مسرحياً شخصية «الرجل» «أحمد مرتضى» كاتب النص الوجه الآخر الذي سيبدو شريراً فاقد الأحاسيس الإنسانية ويدين فقط لقوانين اللعبة التي لا تعرف الرحمة ولا الشفقة. 

فريق العرض يلجأ إلى خيارات تنزع نحو التكنيك المنضبط في التعاطي العام والمشهدي إيقاعياً وحركياً وإيمائياً مستفيداً من فضاء الخشبة والإضاءة والموسيقا وتوزع الممثلين على الخشبة في تبادل أماكن وإظهار درجة متقدمة من التفاعل والانفعال وكل برقمه في شخصية مستقلة متوافقة أو متعارضة وحسب المشاهد أو اللوحات إذ يشيع أجواء من الأمل والفرح والرهبة وارتباط المصير والتحفّز الجدي على درجة من الحذر والقصدية المسؤولة لعرض مسرحي بدا كبيراً تفوق من خلاله فريق العرض على نفسه في عرض بدا ربما أكبر من إمكانات شبابية على يقينية الاجتهادات.

«ورق اللعب» العرض الذي ساده منطق محاكمات عقلية في طابع فلسفي وصراع داخلي أحياناً ويعزف على أوتار المشاعر في خفة ورشاقة وتأمل داخل بنيته سيقع في مطبّات العاطفة الممجوجة في المعزوفة «الوطنياتية» في استرسال خطابي شعري إلقائي بدا كما لو كان دخيلاً على النص في أداء هزيل وخاصة في المشهد الأخير الذي يقتل فيه نمطاً محاكماتياً متعويّاً لجهة التلقي وينزل بالعرض إلى المباشرة الباهتة التي تنتمي هنا إلى فكرة «الهواة» بوجهها البكر والبسيط.

فريق التمثيل المؤلف من: غالية سردار، نور ديراني، سلام رحّال، مهند البزاعي، راما الدنيا، مادونا أبو حنا، نوّار اللكود، وسامر سفاف، وبدا أن النص سمح بهوامش البناء المسرحي والمناورة في خيارات واجتهادات إخراجية على نحو لافت وخاصة بوجود الكاتب أيضاً ضمن فريق العمل وممثلاً على الخشبة.


محمد الخضر

 

 

http://www.discover-syria.com/

الوطن السورية

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *