مدير مسرح “دوّار الشمس” عبده نوّار لـ”النهار”: لولا المساعدات الخارجية لأقفلنا

باستثناء المتابعين لتطوّر وضع المسرح في لبنان، قلّة تدري بما يجري في الأروقة. الجمهور العريض على علم بعموميات الحقيقة المرّة من دون تفاصيلها: ليس المسرح

بأفضل حال اليوم. على رغم تحديات الظرف الاقتصادي والسياسي والأمني، والأفق المتلبّد، يحاول المسرح التماسك. “النهار” تحدّثت الى مدير مسرح “دوّار الشمس” عبده نوّار عن الاستمرار والأمل والشباب والمستقبل.

يبدأ نوّار من توضيح: “انه مركز دوّار الشمس وليس محض خشبة، ففيه تُقام، الى المسرحيات، لقاءات ومعارض”. منذ 1999، عام البدايات، ومسرحنا غايته الشباب. فـ”شمس”، أو الأحرف الأولى لـ”شباب، مسرح، سينما”، “يريد للشباب اللبناني ألا يهاجر يأساً من انعدام الفرص، أو يضطر الى تغيير الاختصاص لكون المسرح في لبنان لا يُطعم خبزاً”.

للإستمرار اليوم، وأكثر من أي وقت، لا بدّ من المال. يطلعنا نوّار على آلية تأمين بقاء المسرح: “مؤسسات أجنبية تدعمنا مادياً. بعضها يشترط عدم تجيير المال لأغراض سياسية تروّج للإرهاب، ثم يقدّم تعريفاً للإرهاب. قد نضطر الى رفض المساعدات أحياناً. انتقالنا من مسرح بيروت الى الطيونة كلّفنا بعض المصاريف، وكان علينا الصمود والتحمّل. علينا دفع الإيجار لمالك المبنى الحالي، وهذا مؤمّن من الآن وحتى الـ2017. يبدو ان الرؤية ستكون جيدة”.

حدّثنا عن الشباب المهتم، أي علاقة قد تربطه بـ”شمس”؟ لا يخفي نوّار ان البعض يتخذ من “شمس” بدايةً، وحين ينجح يذهب الى مكان آخر بحثاً عن مكاسب وشهرة: “الأمر طبيعي، وجزء من هدفنا الانطلاق نحو الأفضل”.

يولي الشباب مساحات الحديث: “نستقبل المهتمين بالفن، ندعمهم بالمال القليل والكثير من المعنويات، وبعلاقة مع الصحافة. وإنما لا نتولّى انتاج أعمالهم. نريد للمسرح ان يكون انعكاساً للواقع ورسالة وعشقاً، فلمَ نفرض الشروط على من يأتونا بأفكارهم؟ التخصص ليس ضرورياً، الفرصة الأولى هي الأهم. نؤمن لهم التجربة، ونقول انطلقوا. غالبيتنا بدأت من الصفر”.

قد يُعتبر ذلك “تقليلاً” من شأن المسرح، إذ يرى بعضهم فارقاً ما بين المبتدئ والمتخصص، وانه “لا تجوز” مساواتهما لجهتي الفرصة والامكانية. في ردّه منطق: “لو صودف وجود 30 مسرحاً في لبنان، لإشترطنا التخصص. لا يحق لنا التهام الفرص بذريعة الخوف من الفشل. نعترف ان بعض العروض كان فاشلاً، فنياً وشعبياً. لكنها ليست نهاية العالم. يعنينا ان نرى أعمالاً تتحقق ولا تظلّ حبيسة الفكرة، وهذه ليست فوضى. المعيار الجوهري هو الفن، بعضهم تُحدث أعماله إجماعاً، وبعضهم تعوزه الخبرة. لن نكون جلّادين ننفذّ أحكاماً متسرّعة. دوّار الشمس للجميع، للطموح والأمل والشباب والفن والمستقبل. وهذه ميزته”.

الانسان هو الفن. والأخير في لبنان رهن المادة غالباً. إن وُجد المال، إطمأن الفنان. يضعنا نوّار أمام قساوة الواقع: لولا المساعدات الخارجية، لأقفل “دوّار الشمس”. يقرّ بإهتمام وزارتي الثقافة والسياحة في الشأن المسرحي، “لكنّ الدعم معنوي، فالامكانات المالية محدودة. يبدو ضرورياً، وسط الغلاء الفاحش، ان يحظى المسرح بالمزيد من المال، فنأتي بموظفين إضافيين ونسعى للتطوّر التقني واللوجستي. لم تصفّق اليد الواحدة يوماً. لولا الشغف بما نفعل لما استمرينا. ثمة موظفان يتقاضيان راتباً: المدير التقني والسكرتيرة. أنا كمدير، وفادي أبي سمرا كرئيس، نؤمّن رزقنا في مكان آخر. كذلك الأمر بالنسبة الى الأعضاء، ومنهم روجيه عساف وزوجته حنان الحاج علي. المسرح هو قضيتنا، قبل المال”.

الى العروض المسرحية، يقدّم “دوّار الشمس” لقاءات ثقافية ومحترفات (WorkShops) عن المسرح والسينما. لا يزال عرض “أليس” لسوسن بو خالد وحسين بيضون مستمراً على خشبته حتى 13 الجاري، فيما تُستكمل التمرينات على ثلاثة عروض مقبلة (لأليكس بوليفيتش، مالك العنداري، وفؤاد يمّين). يا للشغف الذي تتركه تلك الخشبة في نفوس عشّاقها. شغفٌ يعتمل بـ”وجع” المال وصعوبة الحصول عليه.

Fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter: @abdallah_fatima

http://www.annahar.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *