حسين العلوي الجمعية العمانية للمسرح ولادة متعسرة لطفل مشلول

لحسين العلوي آراء تقدمية في مجال المسرح والدراما المحلية، وهو واحد من نخبة قليلة من فنانين دارسين ممارسين للفعل الدرامي بشكل عام، ومن هنا فإن لكلامه

 

الممزوج بثقافة عامة عالية وأخرى متخصصة وقع خاص، فهو نابع عن تجربتين؛ علمية: جراء تخصصه بدراسة الفنون من جامعة السلطان قابوس، وعملية: بعد تمثيله قليلا على خشبة الجامعة ليؤدي أدواراً بسيطة في أعمال من طراز (قافلة التبريزي وحكايات من قرية عمانية وسلة الليمون الحلو) قبل أن يمثل أيضاً بعد التخرج في أعمال (وصية المرحوم وعثمان الغريب وميمون وافتح عينك يا شاطر) التي أخرجها أيضاً كما أخرج أعمالاً أخرى من طراز مرثية موظف متقاعد وآباء للبيع أو الإيجار والتي حصد من خلالها جائزة أفضل مخرج في مهرجان مسرح الشباب، ودمدم وغيرها.

“الشبيبة” كان لها هذا اللقاء مع العلوي حيث سألته عن آرائه في مختلف مجالات الدراما..

۞ خرّج قسم المسرح بجامعة السلطان قابوس جيلا من فنانين كثر، بعضهم رفد الساحة المحلية وبعضهم لم يظهر له أي اثر، كيف تقرأ المشهد الذي أفرزته الجامعة ما بعد التخرج، وهل كانت الكتب أم المدرسون أم الموهبة نفسها هي من ساهمت في إفراز الأفضل أو الأسوأ؟

لا شك أن قسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس أسهم في رفد الحراك الثقافي المسرحي والإعلامي كذلك بكوادر تحمل وعيا وثقافة بإمكانياتها، إلا أنه للأسف توقف عن هذا الدور وهو لا يزال في مرحلة البدايات.

في اعتقادي أن قسم الفنون المسرحية لم يخطط له بشكل صحيح ولم توضع له الدراسات والاستراتيجيات الكافية التي تمكنه من التكيف والاستمرار مهما كانت المتغيرات المجتمعية وسوق العمل. لقد تم التعامل مع قسم الفنون وكأنه قسم لهندسة النفط أو التسويق أو اللغة العربية التي ربما لن يضيرها ارتباطها بمفهوم سوق العمل واحتياجاته، بينما ومن وجهة نظري من الظلم أن ترتبط دراسة الفنون بكافة أشكالها وأنواعها بسوق العمل.

الفنون يجب أن تشبع حاجة الفنان، أن تعطيه ما يبحث عنه من معرفة وأسس للفنون ليكتمل إبداعه، أن توقد الوهج الذي بداخله دون أن يقيد نفسه بالاتجاه إلى عمل معين في جهة معينة، على طالب الفنون أن يسعى لدراستها رغبة فيها وليس لأن معدله الدراسي لم يمكنه من دراسة العلوم أو الهندسة أو الطب، الفنون لا يمكن أن تكون بديلا بل رغبة أصيلة رصينة وهذا ما يفسر حالة قسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس، فبرغم الأعداد التي تخرجت على مدار أكثر من عشر سنوات في التمثيل والإخراج والنقد المسرحي والديكور والأزياء لا تجد أكثر من 10 أشخاص فقط واصلوا حراكهم الفني بعد التخرج. لماذا؟ لأن اختبارات القبول لم تكن حقيقية؛ ولأن هناك اعتماد معدل دراسي معين في القبول فأصبح القسم ملجأ أو محطة عبور، ليست هناك ثقافة مسرحية سبقت وجود القسم وأعني هنا مناهج وزارة التربية والتعليم لم تكن تحتوي على أي أشارة أو تلميح لهذا الفن الشاسع. وبحجة ربط قسم الفنون المسرحية بسوق العمل، فقد تكدس خريجون لا يحملون أية إمكانيات في أي مجال حتى في الفنون التي درسوها والتي هي ليست رغبة حقيقية أصيلة لديهم، ما اضطر القائمين على القرار في الجامعة الذين لا يعيرون الفنون أولوية إلى وقف الدراسة في القسم لتبدأ أول خطوات وأد الحراك المسرحي المخطط له في المؤسسات الرسمية.

۞ كيف تم الوأد، هل هناك خطوات فعالة اتخذت لتحقيق ذلك؟

لقد تم غلق الجهات التي تدرس المسرح وتصفية المسارح الموجودة في مسقط العاصمة. ونتج عن ذلك ضعف إمكانيات المسارح في المحافظات بعد تقليل الدعم المالي والفني المقدم للفرق الأهلية وكذلك تشديد الرقابة على الأعمال المسرحية، وفي المحصلة النهائية بقي فقط الشقي صاحب الموهبة والرغبة الأصيلة.

۞ رأيناك مؤخرا في دور صغير في بنك الحارة، كنت ممثلا رائعا، لم لا نراك كثيراً أمام الكاميرا وعلى الشاشة والمسرح؟

مشاركتي في بنك الحارة لم يكن مخططا لها نهائيا، كانت حالة عرضية فقط. أما الكاميرا والتمثيل التلفزيوني فإني أحمل لهما ودا عظيما ولكن لم تأت فرصة حقيقية استطيع من خلالها أن أقدم شيئا جديا جديدا، ربما مخرجو التلفزيون لا يعرفون عن فناني المسرح شيئا لقلة تواصلهم واتصالهم مع العروض المسرحية التي تقدم ممثلين كثرا لم يصلوا إلى التلفزيون وبنك الحارة خير دليل، فالكاتب والفريق القائم على العمل على تواصل مستمر بالمسرح فكانت النتيجة أن معظم الممثلين كانوا من خشبة المسرح.

أما ابتعادي عن التمثيل المسرحي فبسبب عبء الإخراج الذي يتطلب أن يكون المخرج من نوع “السوبر مان” فعليه أن يقوم بالإخراج وتصميم الديكور وتصميم الملابس وتلسينوغرافيا والموسيقى ومتابعة الأمور المالية ونقل الممثلين الذين لا يملكون سيارات وإحضار “الساندويتشات” قبل التدريبات وقفل باب المدرسة بعد التدريبات والقائمة تطول.

۞ نال بنك الحارة الكثير من الاعتراضات والعكس، حدثنا عن الطرفين، وهل ظلم العمل، من وجهة نظرك، وهضم حقه؟

أي عمل في الدنيا عليه أن يتأرجح بين مواقف الرفض والقبول، فهذا عمل بشر والبشر ناقص، الجميل فينا نحن البشر هذا الاختلاف والتباين، ولكن هناك نقطة جدا مهمة هي أنني عندما أمتدح عملا يجب أن أفسر لماذا؟ وإذا انتقدت عملا أيضا عليّ أن أفسر لماذا؟ أما أن أقول عمل سخيف وأسكت أو أقول حلو وأسكت فهنا نطبق نظرية “أحسنت استرح مكانك”، ستقول لي بأن ليس كل الجمهور يستطيع أن يقول رأيه بشكل فني وعلمي دقيق، سأقول بأننا احترنا مع هذا الجمهور فتارة يقولون الجمهور أصبح واعيا للعمل الفني وتارة لا يستطيع أن يفسر ما هي جوانب الضعف والقوة في العمل الفني، وهذه حالة اجتماعية طبيعية في ظل ضعف الدراما والمسرح في السلطنة.

۞ عانت جمعية المسرح وتعاني يوميا، فلم تقف موقف المتفرج مثلا، وماذا لديك لإنقاذها لو استطعت؟

الحديث عن جمعية المسرح هو حديث عن مشاهد متلاحقة من الفشل، فمنذ تأسيسها إلى اليوم لم تصبح كيانا منتجا يشار إليه بالبنان، هي ولادة متعسرة لمسرح معتل، جمعية المسرح ليست بأفضل حال من قسم الفنون المسرحية (أغلق) خشبات المسرح (لا توجد) فرق مسرحية (لا تعمل) باختصار “أقلب القدر على فمها تطلع البنت لأمها” وإنقاذها بسيط جدا، إدراج الثقافة المسرحية في المنهج المدرسي.

۞ شغف المسرح يغلب عليك، كيف تراه في السنوات الأربع الأخيرة، وكيف تقرأ الدراما المحلية؟

المسرح هو حبي من طرف واحد لذا هذه علاقة فاشلة، أتمنى أن أنشغل بالبحث عن رزق أولادي وأترك هذا الوجع اليومي، أشبه عملي في المسرح كتزيين الميت، فالزينة هنا تجلب الحزن والميت ليس بحاجة لها. أما الدراما المحلية فهي للأسف ليست (محلية) تلفزيوننا. عندما يتم اجتثاث القائمين على إنتاجها والاستعانة بالخبراء أصحاب الصناعة ساعتها من الممكن أن نقول.. محلية شاشتنا.

۞ هل بات الوقت ملائما مثلا لعرض مسرحية مثل مسرحية (دمدم) بعد الربيع العربي؟

لو أن عرض مسرحية مثل “دمدم” في حاجة إلى وضع استثنائي أو تغيير في الوضع القائم ربما، ولكن مسرحية “دمدم” كتبت وقدمت في ظروف اجتماعية وسياسية وثقافية عادية ومناسبة لها، أما الربيع العربي فهو بحاجة إلى عروض أخرى تتناسب والمعطيات الجديدة التي لا أرى أنها بأحسن حال عما كان عليه المسرح قبل الربيع العربي، فعلاوة على أن حالة الربيع العربي زادت من حدة وتخلف مستوى الرقيب الأدبي والفني، فإن المسرح معلول منذ أمد بعيد وعلته لا يكفيها نقاهة في أجواء الربيع بل هو بحاجة إلى كي وبتر. المسرح جسد ضعيف فلا دعم مادي ولا مسارح تحتضن العروض ولا تأهيل وتدريب للعاملين فيه لذلك نطلب له الفاتحة.

 

سيف بن سليمان المزيني
مسقط – رأفت سارة

 

http://www.shabiba.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *