مهرجان الصواري.. حينهــــا يبـــدأ الأمـــل

أن يعود «مهرجان الصواري المسرحي للشباب» من جديد؛ فتلك بداية جميلة لإدارة «مسرح الصواري» المنتخبة مؤخراً، والتي تحدت السكون والجمود المطبق على الواقع المسرحي في البحرين – كما يقول المسرحيون – لتخلق واقعاً آخر…

«المسرح عين حياة لا تنضب، شباب لا يهرم، حلم ليس فيه استيقاظ.. الشباب في هذا المهرجان وقودُ الأمل، ونهر يشق طريقه في وادي الأرواح المتعبة.. إنه أكثر من مهرجان؛ إنه الولادة!».

الولادة؛ هذا التوصيف الذي وصف به الفنان محمد الصفار عودة المهرجان، لهو مفهوم بسيط الفهم، عميق الدلالات، «إنه الولادة» التي توحي ببداية الانطلاق والاستمرارية في الحياة. وهي التجديد الدائم عبر المرور بمراحل عمرية مختلفة لا تدنو من الشيخوخة؛ تلك المتعلقة بالبشر، بل هي كأعمال بعضهم إذا ما اتخذت مكانتها وأهميتها، تؤول للبقاء…
إحدى أهداف المهرجان تتمثل في استقطاب الشباب إلى المسرح. ذلك ما يغذي الساحة المسرحية بالمبدعين الجدد، وبالمزيد من الطاقات التي يجب أن تُحتوى، وتصقل، على الرغم من الواقع الكئيب للتعاطي مع المسرح من قبل الجهات المسؤولة وغيرها، إلا أن الركون إلى الواقع الساكن، يعني القضاء على الأمل.
ورغم إيماني بالتذمر في بعض الأحيان، والواقع المسرحي في البحرين يستحق التذمر لأسباب عديدة أهمها: عدم الاعتناء بهذا الفن، واهمال دعمه بالشكل اللائق ليقوم بمهامه. إلا أنهُ ليس من الجيد أن نتذمر بلا عملٍ يحاول القضاء على أسباب التذمر.
يكتب برتراند راسل ما معناه؛ إننا نهدر طاقات في التذمر «خليقة أن تكون كافية إذا وجهت بمزيد من الحكمة لإقامة امبراطوريات أو اسقاطها»… أذكر هذا الكلام ليس من باب وعظ في التطوير الذاتي، بل من باب أهمية العمل على تغيير الواقع كما فعل مهرجان الصواري بعودته التي يجب أن تستمر.
مختبر للعبقريات
نحنُ وللأسف نصنف الذكاء والعبقرية بصورة «غبية» بعض الشيء… ذلك إذا ما تصورنا أن العبقرية منحصرة بالتفوق الدراسي، أو ما يتعلق به، متجاهلين أصناف الذكاء الأخرى التي يجب الالتفات إليها. فأما أن تكون متفوقاً وإلا فأنت «غبي»؛ هذا التصنيف الثنائي لا يجب أن يتأصل كما لو أنه العبقرية في الحياة. العبقرية لا تنحصر في صورة معينة، هنالك مجالات متعددة وأحد هذه المجالات المسرح.
أعتقد بأن وجود، واستمرارية مهرجان الصواري وأمثاله من المهرجانات، يتيح لنا مختبرات لعبقريات هي الأخرى مهمة على المستوى الأدائي، والفني، والإخراجي، والسينوغرافي، والكتابي، وغيرها من مجالات المسرح.
لذا فهذا المهرجان مختبر لعبقريات ستخرج في المستقبل. عبقريات أمل أن تكون على مستوى رفيع، بحيث ترتقي للعالمية، لتضعنا على خارطة العالم بشكل حقيقي، وليس وجوداً «هرائياً» وخيالياً نعيشه في أحلامنا وتمنياتنا، بدون فاعلية. 
يجب أن يكون لنا وجود حقيقي على مستوى المسرح وغيره، ذلك لأن «الواقع هو ما يقاومنا ويهزأ من مشاريعنا» إذا ما كانت وهمية كما يقول ريجيس دوبريه.

 

سيد أحمد رضا

http://www.alayam.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *