«ما وراء العتمة».. نص فلسفي لمعاناة المبدع العربي

في ثالث عروض المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح لشباب دول مجلس التعاون الخليجي العاشر الذي تستضيفه الكويت هذه الفترة قدمت فرقة المملكة العربية السعودية عرضها المسرحي «ما وراء العتمة» من تأليف احمد بن حمضة وإخراج محمد عبدالرحمن، وشارك بالتمثيل عبدالرحمن المزيعل، حيدر الوحيمد، عبدالله الفهيد ومؤيد البوعويس، بينما تصدى للاضاءة حمد المويجد والأزياء لإيمان الطويل.

 

اتسم المشهد المسرحي

لـ «ما وراء العتمة» بفلسفة عميقة من المؤلف بن حمضة والذي تطرق الى رؤية فلسفية خاصة بالمعاناة التي يواجهها المبدعون في المجتمعات العربية، حيث ربط من خلال الشخوص الثلاثة «أبطال المسرحية» ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتمركز على وضع نقاط جدلية تحتاج الى عمق في التفسير وإيضاح ما وراء الرمزية التي طرحها نص المسرحية الخالي من المباشرة، وقدم قصة لبعض الاشخاص الذين يريدون ان يعبروا عن أفكارهم لكنهم يواجهون العديد من العقبات.

لقد شغل ذكاء المؤلف المتلقي باستفسارات كثيرة، لكن رؤى الاخراج المختلفة التي لعبت بالسينوغرافيا والموسيقى مع الاضاءة وضعت حدا لذلك، حيث استطاع المخرج محمد عبدالرحمن رسم صورة تشكيلية جميلة على خشبة المسرح برهنت على الزمان والمكان وساعدت على فهم الرسالة، كما ان تنقل الممثلين بإيجابية دون الرضوخ الى عوامل الكتلة وملأهم الفراغ المسرحي من خلال تكوينات بصرية زاد الوصل بينهم وبين الحضور، أيضا أبدع المخرج من خلال أدواته المساندة في وضع إطار مخفي على خشبة المسرح ما حد كثيرا من حركة الممثلين الثلاثة الابطال فتماشى هذا الامر مع العرض ونال الاستحسان.

ويحسب للمخرج انه انطلق مع بداية المشهد المسرحي بفرجة بصرية عندما استهل ببراعة العرض بحركة المجاميع بشكل ايقاعي متواز على خشبة المسرح، وظهر ذكاؤه في استخدام الموسيقات التي رفعت الايقاع المسرحي وابتعدت بالعرض عن التكرار أو الايقاع البطيء الذي عادة يصيب المتلقي بالملل والمشهد المسرحي بالرتابة.

ولا ننسى الممثلين الثلاثة الابطال الذين كان لهم بمساندة الفرقة الاستعراضية أثر كبير في تفسير النص الجدلي وذلك من خلال التعبير الجسدي والحركي والتناغم في رفع وخفض الصوت، كذلك كان للأزياء دور مهم في ربط الرمزية مع الطرح المسرحي المنشود من قبل المخرج والمؤلف.

 

 

الوفد العماني: «الهام» عمل تراثي يبرز الهوية الثقافية للسلطنة

عبدالحميد الخطيب

 

ضمن أنشطة المركز الإعلامي لمهرجان المسرح لشباب الخليج العاشر الذي تستضيفه الكويت في الفترة من 16 الى 25 الجاري عقد المركز الإعلامي للمهرجان مؤتمرا صحافيا لوفد سلطنة عمان المشارك في المسابقة الرسمية بمسرحية «الهام» بحضور رئيس الوفد محمد النهاري والمؤلف محمد المهندس والفنان عيسى العجزون وأدار المؤتمر الزميل مطلق الزعبي.

في البداية تحدث النهاري موجها الشكر لإدارة المهرجان ومن ثم تطرق إلى المسرح وأهميته لنقل الثقافة والأخلاق للأجيال الجديدة وقال: عندما نتكلم عن المسرح فنحن نتكلم عن مجتمعاتنا وعاداتها وتقاليدها، لذلك يجب أن نعض عليه بالنواجذ لأنه رسالة مهمة لأبنائنا في ظل الغزو الثقافي لمنطقتنا، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية مهرجان المسرح لشباب الخليج.

وعرج النهاري على المسرح في السلطنة، مشيرا إلى أن بداياته كانت منذ الثلاثينيات وتنقل بين الأجيال حتى وصل إلى الوقت الحالي، لافتا إلى أن الجمهور يقبل عليه بكثافة ولديهم وعي بأهميته، مشيرا إلى اهتمام السلطنة بالشباب في كافة المراحل السنية لذلك توفر كافة السبل لتوفير الأجواء ليطلقوا العنان لمواهبهم وإبداعاتهم، ، متمنيا أن يتم الربط بين الخبرات في الفن وبين الشباب الذين يحتاجون للنصيحة والتوجيه.

وعن معوقات المسرح في عمان قال: نحن نهتم بالشباب والمواهب الواعدة في جميع مراحلها السنية ودائما نصنع الأرضية المناسبة لهم حتى يأخذوا فرصتهم كاملة، نحن نعالج المشكلات لتقديم اعمال عمانية متميزة، وفنانونا موجودون في كل المهرجانات، متمنيا ان يكون هناك اتحاد خليجي للمسرحيين الشباب ليلم شملهم ويحتضن مواهبهم، قبل ان يضيف: ما نريده هو ان ننقل الخبرات لشبابنا، مؤكدا على ان عمان أفرزت اسماء لامعة في هذا المجال وتشق طريقها في الساحة الفنية الخليجية بأعمال ناجحة.

من جانبه قال المؤلف المسرحي محمد المهندس ان هذه هي مشاركته الأولى في مهرجان المسرح لشباب الخليج، مبينا أن مسرحية «الهام» التي تقدمها السلطنة في المسابقة الرسمية ستكون تراثية وذلك لتأصيل الفن العماني المليء بالموروثات الثقافية الجميلة، مشيرا إلى أنه لا يتدخل في رؤية المخرج وانه كتب نص «الهام» خصوصا للمهرجان. وتحدث المهندس عن الحركة المسرحية العمانية، مشددا على انها موجودة وفيها تواصل بين الاجيال وتقدم أعمالا متميزة على كل الاصعدة، مشيرا الى ان المسرح التجاري هو الابرز في السلطنة، لاسيما ان الاعلام مسلط عليه بصورة اكبر من الاكاديمي، لافتا في نفس السياق الى ان الفرق الاهلية عندهم لديها عروض طوال العام ومشاركات في الداخل والخارج.

وحول تطلعه لفوز مسرحية «الهام» بجائزة في المهرجان قال: لقد أتينا الى الكويت لنلتقي بأشقائنا ونستفيد ونفيد وهذه هي الجائزة الحقيقية، مكملا: نأمل ان ينال عرضنا إعجاب الجمهور والحكم في النهاية للجنة الحكم، ملمحا الى ان «الهام» عمل تراثي يقدم الاصالة التاريخية للسلطنة وفقا للتوجه العام الذي يسعى الى إبراز الهوية الثقافية العمانية للعالم.

بدوره عبر الفنان عيسى عجزون عن سعادته بالتكريم في الكويت، مؤكدا انه لم يصدق نفسه عندما علم بالتكريم بعد ثلاثين سنة من العمل في المسرح وقال: حصلت على جوائز كثيرة لكن لتكريم الكويت عندي طعم آخر، ملمحا الى انه كان يتمنى أن تكرمه عمان مثلما كرم في الكويت وينتظر دوره في ذلك.

وعن هموم الفنان العماني قال عجزون: لا يوجد عندنا هموم لان المسؤولين في الحكومة يوفرون لنا الامكانات ويذللون العقبات حتى الرقابة لا تلغي النصوص ولدينا دعم وفرص وتسهيلات كثيرة، نحن نحتاج فقط الى تسليط الضوء إعلاميا على مجهوداتنا.

 

 

الحوطي: «ما وراء العتمة» تحاكي الواقع والأمل لكل شاب

بعد انتهاء العرض السعودي «ما وراء العتمة» أقيمت ندوة نقاشية للعرض قدمها المذيع صالح الراشد وعقبت عليها د.نرمين الحوطي بحضور المخرج حمد المحمد والمؤلف أحمد بن حمضة، وقالت الحوطي: لن أخوض في سرد الأحداث كي أعطي للمؤلف والمخرج والجمهور فرصة التركيز على تأثير المخرج على العوامل الثلاثة في العرض المسرحي «الممثل والإضاءة والمؤثرات الصوتية»، فالمسرحية تحاكي الواقع والأمل لكل شاب، ولكن للأسف لم تكتمل الضحكة في البداية على الرغم من الافتتاحية، وهنا أعتب على المخرج الذي لم يستغل تلك التكوينات الثلاثة في تسريع الحركة، فكانت الشخصيات المشاركة ثابتة، وكذلك شخصية الوافد الجديد لم تكن على مستوى الموسيقى وكان لديه نوع من التردد ولم يستطع أن يوصل للمتلقي صفة الخوف أو الوحشة التي يعيشها منذ الظهور الأول، أما شخصية الفنان فقد تميز بالأداء ونقل لنا إحساسه بالغربة والموت بالرغم من وجودنا في دائرة الحياة، متسائلة عن توظيف الإضاءات الزرقاء والحمراء والتي جعلت المشاهد أمام ثلاث قصص وشخصيات في أزمنة مختلفة.

وأضافت الحوطي: أحسست بأن المؤلف كان مقيدا حسبما شعرت، مشيرة إلى أن طرح مشاكل الشباب والمجتمع والشعور بالغربة في الوطن هو عندها أكثر من الموت.

وبعدها عقب المؤلف حمد بن حمضة قائلا: أشكر الكويت على الاستضافة، ولقد قدمت العرض تاركا مساحة من التفكير والتساؤل لدى المتلقي وهو ما خلق نوعا من اختلاف الآراء بينهم هو أمر إيجابي، في النهاية أنا سعيد جدا بالانتقادات والمداخلات وسآخذها بعين الاعتبار.

بدوره أثنى المخرج محمد الحمد على جميع الآراء التي طرحت بخصوص «ما وراء العتمة» مؤكدا أنه سيهتم بوجهات النظر حول العرض، قائلا: نحن نتعلم من الندوات لأنها تضيف لنا.

 

مفرح الشمري

http://www.alanba.com.kw

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *