عرض في لندن لمسرحية شكسبير أشبه بكولاج من الفوضى المسكونة بصور الموت

 

شكسبير لا يعرف الحدود، وفي مسرحية المخرج الكاتلوني التجريبي كاليثتو بيتو التي تُعرض في بريطانيا حاليا يشعر المشاهد ان شكسبير يدين لبرشلونة بقدر ما يدين لمدينته ستراتفورد على نهر ايفون. واعتبر نقاد ان مسرحية “غابات” التي يؤديها على امتداد 100 دقيقة ستة ممثلين وموسيقي، “كولاج من الفوضى المسكونة بصور الموت”.

ويتخذ بيتو من الغابة الشكسبيرية موضوعة عمله الجديد. وفي الجزء الأول من العمل الذي يستوحي مسرحية “كما تحبها”، تصبح الغابة مكانا للفنظازيا العابثة والمرونة الجنسية. ولكن عندما يتحول المسرح الى ربوة ترابية تعلوها شجرة عارية مستلة من اعمال صامويل بيكيت تصبح الغابة حلبة للعنف الدموي. واخيرا تتحول القسوة الفردية الى دينونة كونية حيث يغدو عالمنا “غابة من الوحوش” بتأثير قوي من الملك لير وتيمون الأثيني. 
ورغم الاقتباس الواسع من اعمال شكسبير فان مسرحية “غابات” ليست شكسبيرية تماما. ولكن النقاد يلفتون الى ان مسرحية ماكبث ايضا لم تكن مسرحية شكسبير عندما قدمها المخرج الكاتلوني في لندن عام 2003 واثارت طريقته في إخراجها ضجة واسعة في حينه. فان بيتو نادرا ما يتعامل مع النص، أي نص، من دون ان يكون مسلحا بمقص. وقال بيتو لصحيفة الغارديان “انها ليست جريمة وأنا لست طبيبا يبتر الأذرع والأرجل وهي ليست إلا مسرحية”. 
وكانت سمعة المخرج الكاتلوني كاليثتو بيتو بلغت ذروتها باوبرا فيردي “حفلة تنكرية” التي اخرجها بيتو في دار الاوبرا الوطنية الانكليزية عام 2002. فعندما رُفعت الستارة عن المشهد الأول من الاوبرا ظهر على المسرح صف من 14 رجلا جالسين في مراحيض عامة وبناطيلهم متكومة حول كواحلهم اثناء التغوط. ومنذ ذلك العمل اعاد اخراج دون جيفاني لموزارت بتصوير البطل مدمنا على المخدرات يشهر مسدسا، وحوَّل عمل موزارت الآخر “الاختطاف من السراي” الى اوبرا تقطر دما مع تبول المغنين احدهم على الآخر ثم تصعيد المشهد ليبلغ ذروته بمضاجعة جثة. 
ولا يظهر على بيتو (48 عاما) ما يشير الى تغيير طرائقه. ففي كانون الثاني/يناير الماضي أخرج في برلين نسخة من اوبرا “دير فرايشولتز” رائعة كارل ماريا فون فيبر فارضا على مغني تينور رئيسي فيها ان يبقى عاريا طيلة العرض. وخرج في نسخته من كامينو ريال عن نص تينسي وليامز حتى ان الناقد الفني لصحيفة نيويوركر شكا قائلا انها “كمن يصدم سيارة مرسيدس بكتلة من الفولاذ ثم يسميها سيارة فاخرة”. 
ولكن حتى منتقدي كاليثتو بيتو يعترفون بأن اعماله تتسم بالذكاء الحاد وبرؤية اسلوبية خلاقة. ويقول بيتو ان اعماله تعبر عن اصوله الكاتلونية. وان “فكاهتي السوداء تأتي من سرفانتيس وسورياليتي تأتي من بونويل وصوري تأتي من غويا ورُعبي من تعليمي على أيدي يسوعيين. وأنا تعلمتُ العيش مع الخوف في سن مبكرة جدا”. 
يستمر عرض “غابات” على مسرح ريبرتوري في مدينة برمنغهام حتى 15 ايلول/سبتمبر ثم تنتقل الى لندن لعرضها في باربيكان.

 

 

عداد عبدالاله مجيد

http://www.elaph.com

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *