ردود فعل متباينة على آراء ناجي الحاي متخصصون يطالبون بطاولة مستديرة لمناقشة قضايا المسرح “المريض”

أثار الحديث الذي أدلى به المسرحي الإماراتي ناجي الحاي الوكيل المساعد لشؤون التنمية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية مؤخراً خلال استضافته

 

في إحدى الأمسيات الثقافية في رأس الخيمة، ورأى فيه أن المسرح الإماراتي مريض، يعيش حالة إعياء شديد، ردود فعل متباينة في أوساط المسرحيين، وتراوحت هذه الردود بين كونها مؤيدة وأخرى رافضة وثالثة رأت في الحديث جانباً إيجابياً، المقصود منه الإشارة إلى حالة الفتور التي تشهدها الحركة المسرحية في الإمارات، كما رأى البعض أن هناك ضرورة لعقد طاولة مستديرة يشارك فيها الجميع بالنقد الهادف والبناء لمعالجة وتدارك أسباب التقصير والفتور في المسرح إن وجدت .


في حديثه، أشاد الحاي أيضاً بدعم الدولة للحركة المسرحية وألقى بمسؤولية تطوير الحركة المسرحية على المسرحيين دون غيرهم، وأشار إلى ضرورة الارتقاء بالعمل والإنتاج المسرحي، ودعا إلى إعادة هيكلة الفرق المسرحية، كما تحدث عن تفاصيل وآليات من شأنها أن تطور الحراك المسرحي، ورأى ضعفاً في الأعمال المسرحية وافتقاراً للعمل المهني ذي السوية العالية، بما في ذلك ضعف عملية تسويق الأعمال المسرحية وبعدها عن الأسلوب الإبداعي .


وتطرق الحاي إلى أمور كثيرة كاحتراف العمل المسرحي، واقتباس المسرح الإماراتي من الأعمال العربية والعالمية بهدف السعي لحراك مسرحي مستدام .


وأكد المسرحي إبراهيم سالم أن لكل فرد حقه في إبداء وجهة نظره، لكنّ مثل هذا الرأي يحتاج إلى النقاش، ومن ينزل إلى الميدان ويشارك في كل ما له علاقة بمعمعة الفعل المسرحي من ورش ومحاضرات ودورات ومشاركات يتبين حجم الدور الذي يبذله المسرحيون في تطوير الشأن المسرحي، ولا شك في أن هناك بعض الهموم التي يعاني منها المسرح، ومثل هذه المشكلات موجودة في الوطن العربي بدرجات متفاوتة، كما أن المسرح من وجهة نظره يظل فعلاً متراكماً لا سيما أنه قضية ذهنية في الأساس وله علاقة بالروح والفكر والخيال، ولا يجوز أن يوضع هذا الفن الجميل والرقيق موضع اجتهادات متسرعة .


ويرى الفنان حميد سمبيج أن ناجي الحاي لامس جزءاً من هموم المسرح الإماراتي، غير أن الصورة الكاملة تحتاج إلى قليل من التواضع في رصد حقيقة الفعل المسرحي في الإمارات والذي شهد قفزات مهمة على الصعد كافة سواء في كتابة النصوص أم الممثلين أم آليات الاشتغال، غير أن سمبيج انزعج أكثر مما صرح به بلال البدور الوكيل المساعد لشؤون الثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الذي قال قبل نحو أسبوع أن المسرح الإماراتي يشهد حالة تقهقر وتراجع واضحة وأن مسرح الإمارات في سبعينيات القرن الماضي كان أفضل حالاً مما هو عليه حالياً .


واعتبر سمبيج في ذلك نوعا من المغالاة حيث كل من يتتبع الشأن المسرحي الآن يلحظ تطوراً مطرداً سواء من حيث الشكل والمضمون، كما يتجلّى ذلك في رصد آليات الاشتغال الفني، التي بدأت بالفعل تترك أثراً ملموساً في الواقع الفني المحلي، ناهيك عن تتبع ظاهرة أيام الشارقة المسرحية بكل ألقها الفني المحلي والعربي، ومن يتفحص كل هذا وذاك، يكتشف خلاف هذا الرأي الذي يبدو متسرعاً، وأكد سمبيج أن المسرح شأنه شأن أي عمل ثقافي وفني قد يصاب ببعض الأعراض الموسمية إن جاز التعبير، وقد يشهد حالات تراخ في سنة من السنوات، لكنه لا يمرض ولا يموت، ودعا سمبيج إلى ضرورة عقد طاولة مستديرة للحوار الجاد الذي يتناول هموم المسرح الإماراتي على الطاولة بكل شفافية ووضوح .


واتفق المخرج فيصل الدرمكي مع ما قاله ناجي الحاي جملة وتفصيلا، ورأى أن مثل الرأي الصريح يجب أن يفهم في سياقه الإيجابي، وحقيقة الأمر أن المسرح الإماراتي يعاني جملة من المشكلات التي تستحق التوقف عندها ابتداء من قضية الدعم المادي وصولاً إلى تلك التفاصيل التي تتعلق ببناء نهضة مسرحية شاملة، وهذا يعني بالنسبة لفيصل الدرمكي أن هناك مشكلات تطال التفاصيل من حيث الإدارة وهيكلة الفرق والإخراج وكتابة النصوص، وأنه ما لم يقم المسرحيون والمسؤولون منذ الآن بدراسة هذا الواقع ومناقشته، فإن عوارض المرض ستكون مزمنة ويصبح من الصعب تجاوزها .


وتوقف الخبير المسرحي السوداني يحيى الحاج عند كلام ناجي الحاي بوصفه مدعاة للحوار ويشكل دفعة لمناقشة قضايا الفن المسرحي في الإمارات من دون تشنجات، ورأى أن المدخل إلى معالجة هذه القضية يتطلب دراسة متأنية، فهناك، وفق الحاي، فتور في الحركة المسرحية، وبعض الترهل في هيكلية الفرق المسرحية، ومطلوب أن تعتمد إجراءات فعالة من شأنها إحياء حالة نشطة في الواقع المسرحي .


واختلف يحيى الحاج مع فكرة أن المسرح الإماراتي مريض، لاسيما أن السنوات القليلة الماضية شهدت تطوراً ملحوظاً في الشأن المسرحي في مستويات عدة مثل طرائق الاشتغال وكتابة النصوص بما في ذلك الحراك الدوري التي تشهده الفرق الفنية في الدولة، التي أصبحت تواظب على عقد ورش تدريبية ومتخصصة في الفنون المسرحية .


من جهته، يعتقد الفنان المسرحي ياسر القرقاوي مدير إدارة المشاريع والفعاليات بالإنابة في هيئة دبي للثقافة والفنون، أن ناجي الحاي كان يوجه كلامه إلى المسرح الإماراتي المنحصر في الفرق الأهلية والتابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، حيث أشار إلى المرض في سعيه إلى ضرورة إزالة أسباب العلة، وأؤيد بصراحة هذا الطرح، حيث إن المسارح الأهلية في الإمارات تشهد تراجعاً على المستويات كافة، وعاماً بعد عام، من النواحي الإدارية والفنية والاستراتيجية، فلا توجد لدينا اليوم بحسب ما يؤكد القرقاوي إدارات قادرة على مواصلة المسيرة، كما أن المستوى الفني للأفراد المبدعين، بما في ذلك والدعم الحكومي سواء على مستوى المؤسسات الحكومية بأشكالها الاتحادية أو المحلية هو أقل من المستوى المطلوب، ونوه القرقاوي بتركيز الحركة المسرحية الإماراتية على المشاركة في المهرجانات المحلية والخارجية فقط، والسبب الوحيد الذي أدى إلى ذلك، هو أن المهرجانات المحلية توفر التمويل المطلوب لمشاركة هذه الفرق المسرحية، في حين أن الهدف المطلوب منها هو المشاركة الحقيقية في تنمية المجتمع بشكل مباشر .


لقد عبر ناجي الحاي عمّا اعتقد أنها أسئلة مشروعة يخشى من خلالها على المسرح الإماراتي من الركود والفشل، وهي نتيجة يمكن استشفافها مما قاله بصراحة عن ضرورة وجود مشتغلين محترفين، وهي حقيقة يتحدث عنها الجميع ولا يوجد حتى اللحظة من يطالب بالإجابة عنها، لا سيما أن غالبية من يعمل في المسرح هم من فئة المواهب، أي أن خبراتهم الفنية لا تتجاوز حدود الورش المقامة هنا وهناك، ناهيك عما يقال من ضعف المردود المادي لبعض الفرق وإصرارها على المشاركة في مهرجان أيام الشارقة المسرحية بدافع الواجب، حيث تكون مشاركة من هذا النوع متسرعة، وهو خطأ أكد عدد من المسرحيين على ضرورة تجاوزه والبحث عن مخارج لمعالجته .

 

الشارقة – عثمان حسن:

 

http://www.alkhaleej.ae


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *