من «كل عقلي»: أبطالها 16 من المرضى

حكوا معاناتهم وتلقوا دعماً من الجمهور الذي رافقهم على الخشبة في الختام مسرحيتان أولى لسجناء سجن روميه، وثانية لسجينات سجن بعبدا، والآن إنتقلت إلى مرضى

العقل والأعصاب والنفس، من نزلاء مستشفى الفنار في عمل ثالث بعنوان «من كل عقلي» قدمته ليل  السبت على خشبة مسرح المدينة (السيدة نضال الأشقر) وسط حشد  غفير جداً من الجمهور الذي أراد بكل بساطة التعرف على النقطة التي وصلتها المخرجة والمعالجة بالدراما زينة دكاش، وما الذي تستطيعه مع عناصر يستحيل ضبطهم قبل أو بعد أو خلال وقت أخذهم الدواء من المشرفين على علاجهم.
زينة أبلغتنا قبل بدء العرض بأن وقته قد يكون 45 دقيقة كما هو أصلاً، وقد يصبح عشرين دقيقة لا لشيء إلا لأن الـ 16 عنصراً المختارين للتدريب وإستيعاب الأدوار التي عليهم تجسيدها وهي نابعة من دواخلهم، لكنهم معرضون في كل لحظة للنسيان بفعل الأدوية التي تعطى لهم، وتسبب خمولاً أو تراخياً أو حتى نوماً ونسياناً، لذا طلبت التغاضي عن تدخلها مع بعض مساعديها على الخشبة إما لتصويب أمر، أو تلقين أحدهم الـ «كيو» لمتابعة التذكر كما في المسارح المصرية.
حضورهم مؤثر، محزن عموماً، معهم تذكرنا الفنانين السجناء الذين واكبناهم مع زينة في عمليها الماضيين. واحدة لا همَّ عندها سوى العودة إلى أطفالها، وأخرى جاء بها ذووها إلى المستشفى على أساس يومين من الفحوصات وها هي منذ أكثر من أربع سنوات في المستشفى من دون أن يزورها أحد من ذويها، بينما الأرمنية آنيتا التي ما ان ترى ميكروفوناً حتى تتلقفه وتبدأ الغناء، إما بالإنكليزية، والإيطالية أو العربية، فقد أبلغتنا أنها ضحية شقيقتها التي أخذت منها الـ «بوي فراند» الخاص بها وأدخلتها إلى المستشفى قبل عشر سنوات لكي يخلو لهما الجو، وعندما سألنا إحدى المعالجات عن صحة ما تقوله أوضحت أنها تختلق الأمور والقصص.
زينة دكاش التي أخرجت المسرحية مع سحر عساف تعتبر نفسها في حالة استنفار دائم، وأنها فعلياً لا تدري إلى أين ستقودها الظروف مع هذا العمل أو بعده، لكنها فعلياً لا تضع خطة تعمل  عليها، هي تنتظر ردود الفعل للتحرك إلى النقطة التالية، وليست عدها مشكلة في الإعلان أن مركز (Catharsis)، أو المركز اللبناني للعلاج بالدراما، يحتاج إلى دعم ولو بسيط من الحضور الذين دخلوا مجاناً للإسهام في إبقاء المركز قادراً على الوقوف على قدميه في الفترة اللاحقة.
«لا أعرف مع من سيكون تعاوني المقبل نحن هدفنا الدائم مساعدة العاملين في المجتمعات لكي يكونوا قادرين على التعبير عن أنفسهم وعدم قهرهم أو تعنيفهم، وخصوصاً في هذا المجال: النساء، لكن مع ذلك لا شيء محسوماً، وربما طرأ جديد على هذا الواقع» زينة تضيف:
هو تشكيل مسرحي، عناصر يتناوبون على المسرح أو يجلسون معاً، يقول كل منهم جانباً من رأي له في واقع الأمور، يعلق، ينتقل إلى شأن  عام ثم ينسحب، مع مواكبة من المساعدات اللواتي يحفظن حركة ومونولوغ كل واحد أو واحدة من المشاركين.
مشهد الختام جاء رائعاَ، فقد التقى الـ 16 فناناً على الخشبة وراحوا يرقصون على إيقاع عدد من الإنغام الإنكليزية، وفجأة نزل من  الصفوف الخلفية مشاركون اندمجوا في الرقص، مما حفز عدداً من الجالسين في الصفوف الأمامية خصوصاً أفراداً من السفارة الإيطالية لأن يدخلوا في الغمار ويراقصوا أكبر عدد ممكن من  المريضات، والمرضى، وبات المشهد رائعاً، جاذباً، اختلط فيه الأصحاء بالمرضى، أو الحابل بالنابل وسط سعادة لا توصف عند المرضى وبقي المشهد أكثر من سبع دقائق وأكبر عدد من رواد الصالة نزلوا إلى ساحة الرقص وشاركوا في الرقص.
محمد حجازي

http://www.aliwaa.com


 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *