«سنة أولى» في اتحاد الكـــتاب

الحرية المطلقة حلم من الصعب تحقيقه في الواقع؛ إذ إنها مرتبطة بآخرين، ولا يمكن لشخص أن يمارس حرية مطلقة منفلتة من كل شيء. بهذا المضمون قدم المسرحي

 

الإماراتي صالح كرامة مسرحيته الجديدة «سنة أولى»، في عرض استضافه فرع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، بمقر الاتحاد بالمسرح الوطني، مساء أول من أمس، بالتعاون مع مسرح ابوظبي. والمسرحية من تأليف وإخراج صالح كرامة.

تتطرق المسرحية التي كتبها كرامة إلى ثورات «الربيع العربي»، لكن بأسلوب تغلفه الرمزية، ليخلص الكاتب إلى أن القيم المطلقة لا تتناسب مع الواقع، وأن الرومانسية إذا طغت على أي حراك للتغيير، لا تستطيع الصمود طويلاً أمام دهاليز السياسة وألاعيبها، فقد تأتي النتائج لتصب في اتجاه آخر مخالف لأحلام وتطلعات الساعين إلى التغيير.

ويأتي عنوان العمل متسقاً مع المضمون، ومنفتحاً على تأويلات عدة تشي بحداثة تجربة التغيير، لكنها تضاف رصيداً جديداً للشعوب لكي تتمرس في انتزاع حقوقها وتغيير الواقع القمعي واجتثاث الفساد، ويبقى الحلم بالتغيير مشروعاً بما يتفق مع القيم السلمية.

وقال كرامة لـ«الإمارات اليوم» إنه يقدم في المسرحية مقاربة للواقع، «حرصت فيها على تبسيط ما تحمله من معانٍ فلسفية لتصل إلى مستوى الشارع، كما مزجت الفلسفة في قالب اللهجة المحكية ومفرداتها التراثية، بعيداً عن اللهجة التلفزيونية الممجوجة، مستخدماً الحوار المعتاد في الشارع الإماراتي». وهو بذلك يريد من مسرحيته أن تحكي مقولتها ببساطة بعيداً عن التعقيد.

وعن استعانته بمجموعة من الفنانين الشباب الذين لم يسبق لهم تقديم عروض جماهيرية من قبل؛ أشار كرامة إلى أنه يولي أهمية كبيرة للاشتغال على الممثلين الذين يعملون معه وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية، والدفع بالمواهب الشابة، مشدداً على أهمية صناعة الممثل التي يفتقدها الوطن العربي، وبالتالي يسعى من خلال تجربته المسرحية الجديدة إلى تفعيل الجوانب الإبداعية الكامنة في الممثلين، الذين يكتشفون أنفسهم على خشبة المسرح التي يقفون عليها للمرة الأولى وأمام جمهور كبير، لتغدو التجربة اختباراً إبداعياً ومحركاً للطاقات الإيجابية لدى جيل جديد من الممثلين.

تدور أحداث مسرحية «سنة أولى» في قالب من الفنتازيا، وتتناول حكاية قد تبدو تقليدية إذا ما تعامل معها المشاهد بشكل مباشر، بعيداً عما تحمله من دلالات وإسقاطات على الواقع العربي الحالي، حيث ينشب صراع بين الاب (أبوتعيب) وابنه (تعيب)، بسبب الاستحواذ على الثروة التي يمتلكها الاب، خصوصاً عندما يقرر الأب الزواج بـ«سماح»، الشابة التي تعمل في إحدى شركاته.

وقام ببطولة المسرحية زينب عبدالله ومحمد العيدروس ومحمد عبدالرزاق وخليفة الحكماني وعدد من الوجوه الجديدة.

وقال كرامة إن اعتماده، بصفته مخرجاً، على إمكانات بسيطة في المسرحية، وعلى قيام الممثلين بتطويع أدواتهم أمام الجمهور، يرجع إلى ضعف الإمكانات المتاحة، لكنه يميل إلى العمل على المسرح البسيط من دون تعقيدات أو «فذلكة»، وفق قوله.

واعتبر العمل مع المواهب الشابة يحتاج إلى مجهود من المخرج، وأيضاً قدرة على التواصل وإيصال فكرته إليهم، والحصول على أفضل نتيجة ممكنة. وهي تجربة ليست جديدة عليه، إذ سبق أن مع نحو ‬80 ممثلاً في فيلمه «حنا»، كلهم من الأشخاص العاديين، واستطاع توظيفهم في العمل، لذا من المهم أن يكون المخرج ابن البيئة التي يعمل فيها، ومطلعاً على لهجتها ومفرداتها وطباع أهلها حتى يتمكن من الوصول إليهم والتعبير عنهم، إذ إن الاشتغال على تفجير الطاقات التمثيلية لدى الشباب الموهوبين يحتاج إلى خبرة، يملكها كرامة الذي يواصل اشتغاله في ورشته الإبداعية على الكتابة والمسرح والسينما. وقد تمكن في عمله الجديد من توظيف خبرته في «صناعة الممثل»، من خلال دفع أعضاء فريق العمل إلى اكتشاف طاقاتهم الجوانية، وتوظيفها في التعبير على الخشبة.

وأفاد صالح كرامة بأن العمل عرض منذ أيام في المركز الثقافي التابع لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في أبوظبي، ومن المنتظر أن يعرض في جمعية الصحافيين خلال الفترة المقبلة. وأضاف أنه يعمل حالياً على نص بعنوان «سيادة المخلص» سيتم تنفيذه في تونس، في حين توقفت تدريبات مسرحيته «الأول مكرر» في مصر مؤقتاً، نتيجة للأحداث الأخيرة هناك، على أن يعود للعمل بها عقب استقرار الأوضاع.

يذكر أن اتحاد كتاب في أبوظبي قام بأنشطة مسرحية عدة، لتدعيم فاعلية وجوده الثقافي بالعاصمة أبوظبي، كان آخرها نصاً لصالح كرامة أيضاً، لكن باللغة الانجليزية، وهو مسرحية «حاول مرة أخرى»، التي تعد أول نص إماراتي باللغة الإنجليزية، وهو ما عده كرامة تجربة مهمة في مسيرته المسرحية.

 

المصدر:

    إيناس محيسن – أبوظبي

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *